السعادة والغضب يختلطان بميدان التحرير

مظاهرات التحرير- تقرير أنس
undefined

أنس زكي-القاهرة

عادت المظاهرات الحاشدة إلى ميدان التحرير في قلب القاهرة، لكنها هذه المرة كانت ذات مذاق يختلف عن كل المظاهرات التي سبق أن شهدها الميدان الذي اشتعلت منه جذوة الثورة المصرية واعتصم به مئات الآلاف من المصريين حتى نجحوا في الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك قبل نحو عام ونصف العام.

فمنذ تحولت مظاهرات الغضب إلى احتفال بتنحي مبارك مساء الحادي عشر من فبراير/شباط 2011، والغضب هو السمة الأساسية للمظاهرات التي كانت تتوالى لأغراض عديدة كان أبرزها المطالبة بمحاكمة مبارك ورموز حكمه، وكذلك المطالبة بسرعة رحيل المجلس العسكري عن السلطة التي تولاها بشكل مؤقت ووعد بأن يستمر ذلك ستة أشهر لكنها امتدت حتى الآن إلى ما يقرب من 17 شهرا.

وحتى عندما قضت المحكمة أوائل الشهر الجاري بالسجن المؤبد على مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، فإن المظاهرات التي شهدها ميدان التحرير في ذلك اليوم وبعده كانت للغضب بعد أن قضت المحكمة في الوقت نفسه بانقضاء الدعوى الجنائية ضد علاء وجمال نجلي مبارك وكذلك ببراءة عدد من مساعدي العادلي في قضية قتل المتظاهرين.

لكن الداخل إلى ميدان التحرير مساء الثلاثاء سرعان ما يلمس خليطا مثيرا من مشاعر الفرحة والغضب، حيث نتجت الأولى من تأكيد المؤشرات الأولية أن مقعد الرئاسة بات من نصيب محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، بينما اشتعل الغضب على ما صدر من المجلس العسكري قبل يومين من إصدار إعلان دستوري مكمل يزيد من صلاحياته على حساب الرئيس المنتخب.

شابات مصريات مشاركات في المظاهرة (الجزيرة)
شابات مصريات مشاركات في المظاهرة (الجزيرة)

درس التنحي
الشاب إبراهيم السيد، بدا متأثرا بهذا المذاق الجديد للميدان وقال للجزيرة نت، إنه اعتاد المشاركة في كل التظاهرات منذ انطلاق الثورة، ولم يشهد مثل هذا الخليط من الاحتفال والاعتراض في آن واحد، مؤكدا أنه لا يرى تناقضا بين الأمرين، بشرط ألا تتسبب الفرحة في الشعور بالاطمئنان لأن المهمة لم تكتمل.

وأضاف إبراهيم أن على المصريين الاستفادة من درس يوم التنحي، عندما أسرعوا بالاحتفال ومغادرة الميادين بعد الإعلان عن تنحي مبارك، مؤكدا أنه كان من الضروري أن يستمر الثوار حتى تنتقل السلطة إلى مجلس رئاسي مدني بدلا من تركها في يد المجلس العسكري.

وغير بعيد عن إبراهيم، تحدثت الجزيرة نت إلى عدد من الشابات اللاتي بدا أنهن ينتمين إلى التيار الإسلامي، وقالت إحداهن إنها تأتي إلى ميدان التحرير للمرة الأولى منذ نجاح الثورة، لكنها لن تكون الأخيرة مؤكدة أن ما أقدم عليه المجلس العسكري يمثل انقلابا على الثورة ويشير إلى أن مصر مقبلة على مرحلة انتقالية ثانية قد تكون أصعب من سابقتها.

شعارات ثورية
ورغم ما بدا من أن أنصار التيار الإسلامي كانوا أغلبية في التظاهرة التي شارك فيها العديد من ممثلي وأعضاء القوى الثورية، إلا أن الهتافات الثورية كانت هي الأغلب على الشعارات التي تم ترديدها، وفي مقدمتها "ثوار أحرار هنكمل المشوار" و"يا مشير قول لعنان، لسه الثورة في الميدان" و"إيد واحدة في كل مكان ضد الظلم والطغيان" و"عيش حرية عدالة اجتماعية".

وبعد التقاط أنفاسه من المشاركة في الهتاف قال الشاب محمد كامل، إن الفرحة بمؤشرات انتصار مرسي الذي وصفه بـ"مرشح الثورة" في مواجهة "مرشح الفلول" الفريق أحمد شفيق الذي كان رئيسا لآخر حكومات مبارك، يجب ألا تحول دون استمرار يقظة المصريين، مؤكدا أنه يخشى من مفاجآت عندما تعلن اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة عن النتائج غدا الخميس.

وأضاف أن التطورات الأخيرة -ومنها حل البرلمان ثم إصدار الإعلان الدستوري المكمل- ما هي إلا محاولات من المجلس العسكري لقطع الطريق على مرسي الذي أعلنت حملته فوزه بجولة الإعادة في انتخابات الرئاسة، وذلك عبر تسليمه صلاحيات منقوصة من أجل إعاقته عن إنجاز ما وعد به في برنامجه الانتخابي ولمحاولة إظهار أنه فشل في مهمته.

وبينما انخرط عدد من المتظاهرين في تعداد مساوئ الإعلان الدستوري المكمل، قاطعهم رجل ريفي بدا متحمسا رغم حرارة الجو التي امتدت إلى ساعات المساء، وقال إن تكرار إصدار الإعلانات الدستورية أنسى الشعب أن المجلس العسكري لم يصل إلى السلطة بشكل شرعي وما كان يجب له أن يصدر أي إعلانات دستورية خصوصا بعد انتهاء الأشهر الستة التي حددها للفترة الانتقالية.

وعندما سألت الرجل عن اسمه قال لي إن اسمه غير مهم، والأهم من ذلك، أنه واحد من الشعب المصري الذي كان يجب على المجلس العسكري أن يستفتيه على هذه الإعلانات الدستورية إذا كان فعلا يكن الاحترام لهذا الشعب ويعمل من أجله كما يردد دائما.

المصدر : الجزيرة