انتخابات مصر بين المقاطعين والمبطلين

A combo of two file pictures shows Muslim Brotherhood presidential candidate, Mohammed Mursi (L), at his office in Cairo on November 28, 2011, and former prime minister and presidential candidate, Ahmed Shafiq (R), in Cairo on March 10, 2012. Egypt looked set on May 25, 2012 for a run-off presidential vote pitting Mursi against Shafiq, according to tallies by the Islamist group. AFP PHOTO/ODD ANDERSON/KHALED DESOUKI
undefined

يعتزم أحمد علي (44 عاما) وهو حارس عقار أن يضع علامة خطأ بجوار اسمي المرشحين لجولة الإعادة في انتخابات الرئاسة المصرية حين يذهب للإدلاء بصوته غدا السبت. إنه ينتمي إلى توجه سياسي أوسع نطاقا يعتزم إما مقاطعة الانتخابات أو إبطال الأصوات احتجاجا على نتائج الجولة الأولى التي أسفرت عن جولة إعادة بين أحمد شفيق -آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك– ومحمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين.

وتشير قوة الحركة إلى أن حالة التخبط السياسي التي تشهدها البلاد منذ الإطاحة بمبارك قبل 16 شهرا قد تستمر في مصر بعد الانتخابات سواء كان الفائز شفيق -القائد السابق للقوات الجوية- أو مرسي مرشح الإخوان.

وقال علي "أنا غاضب فقد قتل الكثير من المصريين في الثورة العام الماضي وفي النهاية نجبر على الاختيار بين النظام القديم الفاسد الذي أسقطناه وحركة ذات أجندة إسلامية، سأبطل صوتي".

وازداد الغضب حدة بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا باستمرار شفيق في السباق وإبطال عضوية ثلث أعضاء مجلس الشعب. وكان مجلس الشعب الذي يهيمن عليه الإسلاميون قد أقر قانونا يمنع ترشح كبار المسؤولين في عهد مبارك وقضت المحكمة بعدم دستورية القانون.

ويقول محسن السحراوي (37 عاما) وهو استشاري تسويق إن الطريقة التي أدار بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الفترة الانتقالية تظهر أنه لا توجد نية حقيقية لنقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة. وأضاف "عزز هذا إصراري على إبطال صوتي".

كل من مرسي وشفيق فاز بأقل من ربع الأصوات التي تم الإدلاء بها, بينما احتل مرشحان وسطيان آخران المركزين الثالث والرابع وحصلا على نسبة 40% مجتمعين, وهو ما يضع كثيرين أمام خيار مؤلم بين مرشحين متناقضين

وقد جاء في أسباب الحكم أن تكوين المجلس باطل بكامله منذ انتخابه معتبرا أن المجلس غير قائم بقوة القانون بعد الحكم بعدم دستورية انتخابه دون حاجة إلى اتخاذ إجراء آخر. وقد شارك أقل من نصف المواطنين المصريين المقيدين في الجداول الانتخابية وعددهم خمسون مليونا في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة التي أجريت في مايو/أيار.

خيار مؤلم
وفاز كل من مرسي وشفيق بأقل من ربع الأصوات التي تم الإدلاء بها, بينما احتل مرشحان وسطيان آخران المركزين الثالث والرابع وحصلا على نسبة 40% مجتمعين, وهو ما يضع كثيرين أمام خيار مؤلم بين مرشحين متناقضين.

وهنا يرى المحلل السياسي حسن نافعة أن أغلبية المصريين لا تريد أيا من المرشحين، مشيرا إلى أن البعض قد يبطلون أصواتهم وأن كثيرين آخرين لن يدلوا بأصواتهم من الأساس. وقال نافعة إن الثوار وغيرهم ممن يعارضون الجيش والحكم العسكري على حد سواء والذين لم يتحقق أي من مطالبهم حتى الآن سيواصلون المطالبة بالتغيير على الأرجح.

وتقول هالة سعيد (31 عاما) -وهي مديرة تسويق- إنها تعتزم الذهاب إلى مركز الاقتراع مرتدية قميصا قطنيا كتبت عليه كلمة "باطل".

يشار إلى أن نتائج الجولة الأولى أدت إلى حالة من الاستقطاب في البلاد وتسببت في اندلاع سلسلة من الاحتجاجات ضد فكرة عودة مساعد سابق لمبارك لإدارة البلاد, غير أن البعض يرون أن الخوف من شفيق الذي يعتبره معارضوه نسخة طبق الأصل من مبارك أهون من مخاوفهم تجاه مرسي الذي يخشى ليبراليون من أن يطبق الشريعة الإسلامية في مصر.

وفي هذا السياق, يقول جمال جامع (29 عاما) وهو مصرفي إن الانتخابات ستتم في كل الأحوال. وأضاف "ما لم يكن للمقاطعة أثر مباشر على النتيجة فإن الأفضل للثوار أن يؤيدوا مرشحا يستطيع أن يقدم لهم أكبر تنازلات سياسية".

وبعد الحكم الذي صدر أمس قال الجيش إن الانتخابات ستجرى في موعدها لكن سينتخب الرئيس الآن دون برلمان أو دستور, بعد أن تعثرت لأسابيع المناقشات بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستكلف بوضع الدستور إلى أن توسط الجيش في اتفاق الأسبوع الماضي، لكن محاولة ثانية قام بها مجلس الشعب لاختيار أعضاء الجمعية المكونة من مائة عضو لكتابة الدستور واجهت انتقادات من الليبراليين تماما مثلما حدث في المحاولة الأولى الفاشلة.

وينقسم المحتجون إلى معسكرين يدعو أحدهما الناخبين إلى مقاطعة الانتخابات والآخر يحثهم على الذهاب لإبطال أصواتهم حتى لا يستخدمها آخرون في حشو الصناديق. وقال من يطلقون على أنفسهم اسم "مقاطعون" إنهم لم يدلوا بأصواتهم في الجولة الأولى ولن يصوتوا في جولة الإعادة. ووصفوا الانتخابات بأنها تمثيلية هزلية على أحد مواقعهم الذي حذر من أن المجلس العسكري يمكن أن يوجه نحو ستة ملايين موظف في أجهزة الدولة الإدارية لانتخاب مرشحه المفضل.

وبينما يؤكد المجلس العسكري أنه سيكفل نزاهة الانتخابات, يتعشم من يطلقون على أنفسهم لقب "مبطلون" وشعارهم "لا للفاشية الدينية ولا للفاشية العسكرية" إقناع عشرة ملايين شخص على الأقل بإبطال أصواتهم ليبعثوا برسالة سياسية.

ويرى نافعة أن من الصعب تحديد أي من المرشحين سيحقق استفادة أكبر من المقاطعة. وتوقع أن يحصل مرسي على أصوات التيار الإسلامي بالكامل بينما سيحصل شفيق على أصوات شبكة كاملة مرتبطة بالنظام السابق، مشيرا إلى ان الناخبين الوسطيين سينقسمون على الأرجح بين المعسكرين أو لن يدلوا بأصواتهم على الإطلاق.

المصدر : رويترز