حكايات نابشي المزابل في تونس

المواد البلاستيكية، والحديد والكرتون تعد من أهم المواد التي يبحث عنها نابشو المزابل(الجزيرة نت) - حكايات نابشي المزابل بتونس - إيمان مهذب- تونس
undefined

إيمان مهذب-تونس

تتشابه حكايات العشرات من نابشي المزابل في تونس، فظروف الحياة "القاسية" هي التي دفعتهم إلى هذه المهنة، وهي التي جعلتهم يختارون طريقا لم يفكروا يوما أن يسلكوه، لكن مرور الأيام والسنوات جعل الكثير منهم يرضون به رغم كل متاعبه ومخاطره.

في مصب النفايات بمنطقة برج شاكير على بعد نحو 30 كلم عن العاصمة التونسية، لا تهدأ الحركة طوال أيام الأسبوع، وتتواصل عمليات النبش حتى خلال ساعات الليل، وفي أكوام الزبالة يبحث نابشون -أو "البرباشة" كما يطلق عليهم باللهجة التونسية- عن كل شيء يمكن أن تعاد "رسكلته" أو بيعه.

‪هشام بوثور بدأ العمل في نبش الزبالة‬ هشام بوثور بدأ العمل في نبش الزبالةمنذ سن التاسعة (الجزيرة نت)
‪هشام بوثور بدأ العمل في نبش الزبالة‬ هشام بوثور بدأ العمل في نبش الزبالةمنذ سن التاسعة (الجزيرة نت)
وبكثير من السخط والغضب يستقبل "البرباشة" كل زائر جديد للمكان، فهم لا يريدون أن يكرروا الحديث عن ظروفهم ومعاناتهم اليومية، وبعضهم يفضل أن يكون منسيا على أن يشارك الآخرين قصته.

المنسيون
جلال أو "جوليان" كما يلقبه أصحابه، فضل التحدث باسم الجميع، ليقول للجزيرة نت إنه "سئم الحديث إلى وسائل الإعلام التي لم تقدم حلا لنابشي الزبالة أو المنسيين الذين اختاروا مضطرين هذه المهنة".

وبذات النبرة الحادة، يتكلم زملاء "جوليان" مرددين عبارات مقتضبة "الحال كما ترون.. لا يحتاج للوصف"، "هل تستطيعون العمل في هذه الظروف؟"، "لم يتغير شيء عن السابق، بل إن الظروف كانت أفضل قبل سنوات"، "نحن نرفض التصوير".

لكن قدوم إحدى الشاحنات المحملة بالنفايات يجعل زملاء "جوليان" يعودون إلى العمل، ليركضوا نحو أكوام الزبالة الجديدة لاستئناف البحث.

هشام بوثور (11 عاما) كان أيضا يسرع الخطى نحو أكوام الزبالة التي وصلت بحثا عن القوارير البلاستيكية التي كان يضعها في كيس بلاستيكي كثيرا ما أرهق كاهله الصغير.

إعانة العائلة
بوثور لم يكمل دراسته، ومنذ سن التاسعة بدأ العمل في نبش الزبالة. ورغم صغر سنه فإنه مقتنع بما يقوم به، فهو اختار ذلك ليعين أمه وعائلته.

ويقول للجزيرة نت "توفي والدي منذ سنوات، وأمي عاملة منزلية.. إخوتي الأولاد الستة، بعضهم في السجون وبعضهم لا يعمل، لذلك خرجت للعمل كي أساعد أمي في توفير مصاريف البيت".

ويشير بوثور إلى أن عمله الذي يبدأ في الثامنة صباحا، قد يوفر له يوميا ستة دنانير تونسية (أربعة دولارات)، لافتا إلى أن هذا المبلغ قد يرتفع أو ينخفض حسب حجم ما يجمعه ونسبة الطلب عليه.

ولا تختلف قصة بوثور في تفاصيلها عن قصص عشرات الأطفال من نابشي الزبالة الذين حرموا من طفولتهم، ليجدوا أنفسهم في بحث متواصل عما يسد رمقهم ورمق عائلاتهم.

الخالة ربح: أجواء العمل مشحونة ومتوترة في مصب النفايات(الجزيرة نت)
الخالة ربح: أجواء العمل مشحونة ومتوترة في مصب النفايات(الجزيرة نت)

وكغيره من نابشي المزابل، يأمل بوثور أن تتغير أوضاعه، لكن ذلك يبدو صعب المنال وسط "غياب تصورات حول تحسين مقومات أو ظروف العمل في هذا المصب".

صراع
كثيرا ما يجد العاملون في مصب النفايات أنفسهم في صراع حول "غنائم المزابل" التي لم تتقلص نتيجة كثرة عدد "البرباشة".

92 هو عدد العاملين المرخص لهم في مزاولة النشاط بالمصب البلدي في برج شاكير الممتد على مساحة 24 هكتارا، حسب الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات.

لكن هذا العدد يصل في الغالب إلى 200 عامل أغلبهم غير مرخص لهم، وهو ما يتسبب في وجود مشاكل عدة بين المرخص لهم و"الدخلاء"، بسبب انعكاس العدد على الربح المادي.

غير أن الترخيص لا يعدو أن يكون مجرد ورقة تمكن العاملين في هذا المصب من مزاولة المهنة، ولا يوفر لهم ذاك تأمينا صحيا أو ضمانات ضد الحوادث.

وتوضح الخالة ربح (63 عاما) أن نبش الزبالة لم يعد يدر الكثير من المال كما في السابق، فالعدد ارتفع، الأمر الذي جعل أجواء العمل مشحونة ومتوترة، وتقول إن "حالنا صعبة كما ترون، وعددنا قد يصل إلى 350 شخصا".

المصدر : الجزيرة