مؤتمر دولي حول الوسطية بماليزيا

إحدى جلسات مؤتمر عن الوسطية في كوالالمبور

شارك في مؤتمر الوسطية مفكرون وعلماء من حوالي 70 دولة (الجزيرة نت)

محمود العدم-كوالالمبور

تحت شعار "نحو سلام عادل ودائم" اختتم في العاصمة الماليزية كوالالمبور أمس الخميس المؤتمر الدولي الأول للحركة العالمية للمعتدلين، بمشاركة عدد من العلماء والمفكرين الذين يمثلون نحو 70 دولة.

وافتتح المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق الذي دعا في كلمة الافتتاح "أصحاب الفكر المعتدل" من كافة الطوائف والديانات إلى السعي لاستلام زمام المبادرة وتفويت الفرصة على من وصفهم "بالمتطرفين".

وقال "في هذا المنعطف الخطير من حياة البشرية وفي ظل الطغيان المادي وعلى الرغم من حجم الصراعات والفوضى والحروب فإن فسحة الحوار تتسع يوما بعد يوم"، وأضاف "أن أكبر الإنجازات الحضارية في حياة البشرية هي التي جاءت بعد كفاح وتضحيات كبيرة".

وكانت فكرة عقد المؤتمر الذي تنظمه الجامعة الإسلامية العالمية بالتعاون مع نادي خريجيها قد جاءت من وحي دعوة وجهها رئيس الوزراء نجيب رزاق خلال اجتماعات الدورة الـ65 لهيئة الأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول  2010 حيث دعا قادة العالم إلى الشروع في بناء "الحركة العالمية للمعتدلين".

ودعا إلى أن تضم في عضويتها مفكرين وشخصيات اعتبارية من كافة الديانات لتعزيز مبادئ السلام والتسامح والتعايش بين أتباع الديانات والطوائف المختلفة، ونبذ الأفكار المتطرفة.

نجيب رزاق دعا إلى تفويت الفرصة على
نجيب رزاق دعا إلى تفويت الفرصة على "المتطرفين" (الجزيرة نت)

وسطية الغرب
ويرى الجنرال المتقاعد خالد عبد الله البوعنين رئيس معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري بدبي أن الاعتدال الذي ينادي به الغرب هو "أصل من دين الإسلام، وهو دين الاعتدال، الذي نهى عن التطرف والمغالاة، وهو النموذج الذي بنى عليه الرسول الكريم النواة الأولى للدولة الإسلامية".

وقال في حديث للجزيرة نت إن السياسات الغربية في المنطقة القائمة على تحقيق المصالح من خلال بسط الهيمنة ومن خلال خلق عدو وهمي افتراضي يتمثل في الإسلام، هي التي تسببت في بروز ظواهر الغلو والتطرف في عالمنا الإسلامي، حيث يتعرض الناس لظلم شديد وسلب لحقوقهم وحرياتهم وأوطانهم وهم بالتالي لا يملكون إلا أن يردوا.

وأضاف أنه إذا تخلى الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص عن هذه السياسات فإن مبادئ التسامح والتعايش هي ستسود، ورأى أن مجرد مناداة بعض المفكرين الغربيين بالاعتدال واعترافهم بالآخر وحقوقه وإقرار مبدأ المشاركة هو تقدم كبير نحو التعايش وبناء الثقة المتبادلة بين الغرب والشرق.

وأيد إمام فيصل عبد الرؤوف رئيس مبادرة قرطبة لتطوير علاقة المسلمين بالغرب طرح البوعنين بأن الغرب اقتبس مفهوم الوسطية والاعتدال من الإسلام، وقال "إن عددا من المفكرين في الغرب ضاقوا ذرعا بسياسات بلادهم، مما دفعهم للبحث عن سبل تحقيق السلام العالمي وتحقيق مبدأ التعايش بين الناس".

وأضاف في حديثه للجزيرة نت "للأسف فإن الصورة النمطية لدى المواطن الغربي عن الإسلام بأنه دين العنف والتطرف صنعتها آلة الإعلام الغربية، ودورنا أن نقدم نماذج أخرى للتسامح من خلال مشاريع وبرامج ومبادات حقيقية ليتعرفوا على الإسلام كدين للسلام والتسامح".

ودعا الحكومات العربية والإسلامية إلى الانخراط في مشاريع كبرى لقيادة تحرك عالمي لترسيخ مفهوم التعايش واحترام الآخر.

البوعنين: الوهم الغربي هو الذي تسبب في ظهور المغالاة والتطرف (الجزيرة نت)
البوعنين: الوهم الغربي هو الذي تسبب في ظهور المغالاة والتطرف (الجزيرة نت)

أوراق المؤتمر
وبحث المؤتمر على مدار أيامه الثلاثة عددا من القضايا حول المشاريع والمبادرات الهادفة إلى إبراز فكر التعايش بين أتباع الديانات المختلفة، كما بحث مستقبل حوارات التعددية والتعايش.

وركزت إحدى جلسات المؤتمر على قضية العدالة الاجتماعية من زاوية الموازنة بين الجشع وتحقيق الأرباح، حيث أوضحت أن سياسة الغرب في الشرق تقوم فقط على تحقيق المصالح دون مراعاة للقيم والأخلاق.

كما ناقش المؤتمر مستقبل السياسة الأميركية في العالم الإسلامي، وانتقد بعض المشاركين سياسة ازدواج المعايير التي تمارسها واشنطن مع قضايا العالم الإسلامي.

وبحثت أوراق أخرى العلاقة بين الاعتدال والتطرف، وأثر السياسات الاقتصادية العالمية على مستقبل العلاقة بين دول العالم الغنية والفقيرة، والنظم الديمقراطية وأثرها في بناء ثقافة التعايش والاعتدال.

المؤتمر أطلق مشروع "معهد الدراسات الوسطية" الذي سيكون عبارة عن كلية جامعية تتبع للجامعة الماليزية، تخصص مساقاتها لدراسة نشر مبادئ التعايش والتسامح والاعتدال.

المصدر : الجزيرة