جدل متواصل إزاء قانون الإعلام بالجزائر

مطالب لإعادة قراءة قانون الإعلام بالجزائر - أميمة أحمد – الجزائر

وقفة للصحفيين أمام البرلمان في وقت سابق احتجاجا على قانون الإعلام (الجزيرة نت)

أميمة أحمد-الجزائر

يستمر الجدل في الجزائر بشأن قانون الإعلام الجديد، إذ تفاوتت آراء الإعلاميين والحقوقيين والصحفيين في تصريحات للجزيرة نت بشأن هذا القانون الذي صوت عليه البرلمان الجزائري مؤخرا، حيث طالب البعض بتعديله والبعض الآخر قال إن فيه إيجابيات.

ورفضت "المبادرة الوطنية من أجل كرامة الصحفي" هذا القانون وانتقدت البرلمان لتجاهله اقتراحات الصحفيين والنواب لإثرائه، وقرر نشطاؤها مراسلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة باعتباره رئيس السلطة القضائية في البلاد لشرح واقع الإعلام وإعادة قراءة القانون وتعديله.

وصرح رياض بوخدشة، وهو أحد نشطاء هذه المبادرة، للجزيرة نت قائلا إن المادة الثانية في قانون الإعلام الجديد "تجعل الصحفي تحت رقابة ذاتية".

وقال رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان المحامي مصطفى بوشاشي للجزيرة نت إن قانون الإعلام الجديد يُعد تراجعا لحرية التعبير مقارنة بقانون أبريل/نيسان 1990، لأن المادة الثانية ربطت الممارسة الإعلامية بشروط غامضة، مثل احترام القيم الروحية للمجتمع والهوية الوطنية، ومتطلبات أمن الدولة والدفاع الوطني والمصالح الاقتصادية للبلاد.

المحامي مصطفى بوشاشي: المشكلة في تطبيق قانون الإعلام (الجزيرة نت)
المحامي مصطفى بوشاشي: المشكلة في تطبيق قانون الإعلام (الجزيرة نت)

غموض
وأضاف بوشاشي أن هذا الغموض لا يترك للقاضي حرية التفسير لإقرار العقوبة، ويرى أن عقوبة سجن الصحفي ما زالت قائمة تحت بند "الإكراه البدني" عندما يعجز الصحفي عن دفع الغرامات المالية المرتفعة، التي تصل إلى ما يعادل 13 ألف دولار أميركي.

ويرى الأمين العام لنقابة الصحفيين الجزائريين كمال عمارني أن المشكلة في تطبيق القانون، وقال للجزيرة نت إن النقابة قدمت منذ 2006 اقتراحات بقانون أساسي للصحفي وسلم أجور واتفاقية جماعية، وإنه صدر قانون الصحفي في 2008 ولكن لم تصدر حتى اليوم قوانين تطبيقية لتنفيذه، وهذه مسؤولية الحكومة.

وبدورها، اعتبرت المديرة العامة لجريدة الفجر حدة حزام أن القانون الجديد له إيجابيات، أهمها ضبط مهنة الصحافة التي قالت إنها "عرفت دخلاء من أصحاب المال يؤسسون جرائد بأسماء صحفيين"، مما أساء للصحافة الجزائرية، من وجهة نظرها.

وأوضحت في حديث للجزيرة نت أن القانون الجديد يمنع التنازل عن ترخيص الجريدة لآخرين ويحدد ثلاثة أشهر إذا لم تصدر خلالها يُسحب من أصحابها الترخيص.

كما يعتبر الكاتب الصحفي والأستاذ في كلية الإعلام بجامعة الجزائر عبد العالي رزاقي في تصريح للجزيرة نت أن قانون الإعلام "لأول مرة يضع حدا للتجارة بعناوين الصحف بحيث يسحب اعتماد (ترخيص) الصحيفة التي لا تصدر خلال تسعين يوما".

وأضاف رزاقي -وهو من الذين دعتهم لجنة البرلمان المكلفة تعديل قانون الإعلام لتستمع لآرائهم- أن القانون حدد كيفية الترخيص للصحف، وأن من له الحق في الحصول على الترخيص يجب أن يكون من ذوي الخبرة، لكن رزاقي اعتبر المادة الثانية "من مخلفات الحزب الواحد".

وأوضح أن القانون كسر خمسين عاما من احتكار الدولة للإعلام السمعي البصري لكنه فتحه على القطاع الخاص بشروط "فضفاضة" جعلته ضبابيا، ووصف "سلطة الضبط بالقريبة من الرقابة" لهيمنة الإدارة عليها حيث تتكون من 14 عضوا من بينهم سبعة يعينهم رئيس الجمهورية والبرلمان بغرفتيه.

 المديرة العامة ليومية الفجر الجزائرية حدة حزام: للقانون إيجابيات (الجزيرة نت)
 المديرة العامة ليومية الفجر الجزائرية حدة حزام: للقانون إيجابيات (الجزيرة نت)

لا حماية
ويرى الصحفيون أن القانون لا يحميهم، وهو ما أشار إليه الصحفي بجريدة صدى الشرق أحمد قويد رابح الذي قال للجزيرة نت إن مدير النشر يستطيع الاستغناء بسهولة عن الصحفي ولا يهتم به عند متابعة قضائية، فضلا عن تدني الأجور التي لا تتجاوز ما يعادل 150 دولارا أميركيا، وهي أقل من الحد الأدنى للأجر الوطني المحدد في 18 ألف دينار جزائري (نحو 240 دولارا أميركيا)، وأشار قويدر إلى ما وصفه "باستغلال الصحفيين المتدربين".

وفي السياق نفسه قالت الصحفية آسيا حنيفي من جريدة الأحداث للجزيرة نت إن هناك تمييزا بين القطاع العام والخاص، مشيرة إلى أن وزير الإعلام الجزائري صرح بأن وزارته غير مسؤولة عن الصحفيين في القطاع الخاص، إضافة إلى التمييز في الأجور. وخلصت آسيا إلى أن قانون الإعلام الجديد تجاهل معيار تقييم العمل الصحفي.

يذكر أن قانون الإعلام كان آخر وثيقة صوت عليها البرلمان الجزائري في الـ14 من الشهر المنصرم، وأيده 198 نائبا (من جبهة التحرير الوطني 138 نائبا وحزب التجمع الوطني الديموقراطي 62 نائبا) من مجموع نواب البرلمان 389، في حين صوت ضده الحليف الثالث بالتحالف الرئاسي حركة مجتمع السلم (51 نائبا)، وانسحبت حركتا النهضة والإصلاح (حزبان إسلاميان) بينما امتنع عن التصويت حزب العمال والجبهة الوطنية.

وكان الرئيس بوتفليقة قد أعلن يوم 15 أبريل/نيسان الماضي عن حزمة إصلاحات تقضي بتعديل قوانين الأحزاب والانتخابات والجمعيات وتوسيع مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة وقانون الإعلام، وقوبلت جميعها بالاحتجاج.

المصدر : الجزيرة