التصعيد يخلط الأوراق بأفغانستان

Afghan National Army soldiers walk towards smoke rising from a fire in a government building, where Taliban insurgents who have taken over the building are fighting NATO and Afghan forces, in Khost province May 22, 2011. Three policemen were killed and three others wounded when four Taliban insurgents, including suicide bombers, attacked a government building in Afghanistan's eastern Khost province, a senior police official said. REUTERS



سامر علاوي-كابل

شهدت أفغانستان خلال الشهرين الأخيرين مقتل أكبر عدد من المسؤولين الأمنيين والسياسيين الأفغانيين منذ الإطاحة بنظام طالبان نهاية العام 2001، أبرزهم الجنرال داود داود الذي قتل السبت الماضي بانفجار استهدف مقر حاكم ولاية تخار، وقتل معه قائد شرطة تخار وأصيب حاكم الولاية.

وقبل ذلك قتل قائد شرطة ولاية قندهار في الجنوب خان محمد وقائد شرطة ولاية قندز عبد الرحمن سيد خيلي ورئيس مجلس شورى ولاية ننغرهار شرقي البلاد وغيرهم من القيادات المحسوبة على تحالف الشمال السابق.

صراع أجنحة النظام

الجنرال داود كان مسؤولا عن أمن تسع ولايات شمالية، وشغل منصب نائب وزير الداخلية لشؤون مكافحة المخدرات، ويعتبر الرجل الثاني في وزارة الداخلية بعد الوزير بسم الله خان محمدي، وكان أحد المقربين من القائد الطاجيكي أحمد شاه مسعود.

ومن هنا يتوقع مراقبون أن يترك مقتله أثرا كبيرا، ليس فقط على طبيعة المعركة بين طالبان والحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية، وإنما على الوضع الداخلي لحكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي التي يتزايد الشد العرقي فيها يوما بعد يوم.

دشتي يعتقد أن قادة في النظام الأفغاني لهم مصلحة في تغييب قادة الشمال (الجزيرة نت)
دشتي يعتقد أن قادة في النظام الأفغاني لهم مصلحة في تغييب قادة الشمال (الجزيرة نت)

فبعد تشكيك وزير الداخلية بسم الله خان محمدي في من يقفون وراء مقتل الجنرال داود، بقوله إن عملية الاغتيال تمت بواسطة عبوة ناسفة لا بهجوم انتحاري كما ذكرت حركة طالبان، سارع إلى عقد اجتماع في مزار شريف عاصمة الشمال ومعقل حاكم ولاية بلخ الجنرال عطا محمد وضم كبار الشخصيات المحسوبة على تحالف الشمال سابقا، مما دفع الرئيس الأفغاني بحسب مراقبين إلى اختصار زيارته لكل من تركمانستان وإيطاليا والعودة إلى أفغانستان من أجل مواجهة تداعيات الأحداث المتعاقبة.

وقد اتهم ساسة ومحللون سياسيون محسوبون على ما كان يعرف بتحالف الشمال بصورة واضحة أجنحة من النظام الأفغاني باستهداف الشخصيات البارزة في الحكومة والفاعلة في محاربة ما يصفونه بالإرهاب والتي ساهمت في تحسين الأوضاع الأمنية في المناطق الشمالية.

وقال المحلل السياسي فهيم دشتي في حديث للجزيرة نت "إن بعض قادة المجاهدين السابقين، وقادة طالبان الذين انضموا للحكومة، ودولا مجاورة لهم مصلحة في تغييب من هم معروفون بمحاربة الإرهاب وحققوا نجاحات في الأمن والاستقرار".


المصالحة مستهدفة
اعتبر دشتي أن هناك من يسعى إلى تمكين طالبان من السيطرة على الشعب الأفغاني باسم المصالحة، وهو ما يتماشى مع الحملة المتصاعدة التي يشنها رئيس المخابرات الأفغانية السابق أمر الله صالح ضد مشروع المصالحة الوطنية ومعه قادة بارزون من العرقية الطاجيكية.

لكن الباحث في معهد الدارسات الإستراتيجية والإقليمية في كابل الدكتور عبد الباقي عبد الكبير اعتبر أن رفض المصالحة مع طالبان من قبل جماعات عرقية يؤكد ادعاءات الخوف من خسارتها لمكتسباتها المرتبطة بوجود القوات الأجنبية في أفغانستان، خاصة أن الشرط الأساسي لحركة طالبان من أجل الدخول في حوار مع الحكومة هو رحيل القوات الأجنبية.

ويوضح في حديثه للجزيرة نت أن هناك تماهيا واضحا بين مواقف الولايات المتحدة ومن يعترضون على المصالحة من حيث المبدأ، ويظهر ذلك عند الحديث عن مشروع إقامة قواعد عسكرية أميركية دائمة في أفغانستان.


منللي يستبعد أيادي باكستانية وراء استهداف المسؤولين الأمنيين في الشمال (الجزيرة نت)
منللي يستبعد أيادي باكستانية وراء استهداف المسؤولين الأمنيين في الشمال (الجزيرة نت)

خفض القوات
ويبدو أن اقتراب موعد تسليم المسؤوليات الأمنية للقوات الأفغانية من القوات الأجنبية في تسع مناطق شمالية وغربية، يشكل بعدا آخر في استهداف القيادات الأمنية الشمالية.

وعزز هذا التصور هجوم الاثنين 30 من مايو/أيار، الذي وصف بالنادر في مدينة هرات التي يشملها برنامج تسليم المسؤوليات الأمنية للسلطات الأفغانية في يوليو/تموز المقبل.

ونظرا لحجم هجمات طالبان الأخيرة ودقتها وتشابهها مع الهجمات التي استهدفت مراكز عسكرية وأمنية في باكستان بعد مقتل أسامة بن لادن فإن الباحث السياسي نجيب مَنللي أعرب عن اعتقاده أن من يقف وراء هذه الهجمات في البلدين واحد، وهو تنظيم القاعدة.

ورفض اتهامات القادة الشماليين للمخابرات الباكستانية في هذا الخصوص وقال للجزيرة نت إن الهجمات الأخيرة بعد مقتل أسامة بن لادن في باكستان وأفغانستان لا تخدم أي مصلحة للمخابرات العسكرية الباكستانية.

وأضاف منللي أن من مصلحة باكستان خروج القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان، بيد أن العمليات الأخيرة تهدف إلى عرقلة انسحاب هذه القوات المقرر أن يبدأ في يوليو/تموز المقبل، وذلك من خلال بعث رسالة بأن المهمة لم تستكمل وأن الأوضاع غير مواتية لخفض القوات.

وقد بدا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندروس فوغ راسموسن -في زيارته الأخيرة لأفغانستان قبل أيام- مصرا على تنفيذ خطة خفض القوات وتسليم الصلاحيات الأمنية للقوات الأفغانية.

وبعيدا عن إعلان طالبان وتهديداتها بهجمات الربيع والصيف فإن كثيرا من المتابعين للشأن الأفغاني يرون أن من شأن التصعيد الأخير خلط الأوراق في أفغانستان على أبواب مرحلة جديدة بدأت بقتل أسامة بن لادن.

المصدر : الجزيرة