الأمن المغربي ينهي الهدنة مع المحتجين

r : A Moroccan riot policeman walks past a protester lying on the ground during a demonstration organized by the February 20 anti-government movement demanding political reforms, in Casablanca May 22, 2011. Moroccan police beat
تفريق قوات الأمن المغربية لمظاهرة دعت إليها حركة 20 فبراير بالدار البيضاء (رويترز)

 
المختار العبلاوي
صعّدت قوات الأمن المغربية خلال الأسبوعين الماضيين من تدخلاتها العنيفة ضد الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح عددا من المدن المغربية، وهو ما عده المراقبون تحولا نوعيا في طريقة التعامل مع هذه الاحتجاجات التي كانت تمر في السابق في أجواء هادئة.
 
فقد تناقل عدد من المواقع الإلكترونية المغربية خلال الأيام الأخيرة مقاطع فيديو تظهر تدخلات قوية للأمن المغربي أثناء تفريقه احتجاجات شعبية دعت إليها حركة 20 فبراير في عدد من المدن في كل من العاصمة الرباط والدار البيضاء وطنجة والقنيطرة وخنيفرة ووجدة ومدن أخرى طالبت بالإصلاح السياسي و"إسقاط الاستبداد".
 
وأسفرت التدخلات العنيفة لقوات الأمن التي استعملت الهريّ عن إصابة عشرات المتظاهرين بجروح واعتقال عدد منهم، وهو ما اعتبر نهاية لهدنة غير معلنة بدأت مع بداية الاحتجاجات في فبراير/شباط الماضي.
 
مظاهرات الأحد
ففي أكبر المظاهرات الشعبية أمس الأحد، خرج حوالي 15 ألفا في حي سباتة بالدار البيضاء للمطالبة بالمزيد من الحريات والوظائف وتحسين الظروف الاجتماعية، وفق ما نقله منعم الأويحيى أحد منظمي الاحتجاج.
 
وقال إن الشرطة أغلقت الطرق حول المنطقة لمنع انضمام مزيد من المواطنين للمظاهرة ثم أرسلت فرقا تتكون كل فرقة من 30 عنصرا يحملون الهراوات حاصروا المظاهرة من عدة اتجاهات، وفرقوا المتظاهرين.
 
حامي الدين: أطراف بالسلطة تريد تسميم الأجواء لتفوت فرصة التغيير الحقيقي (الجزيرة نت)
حامي الدين: أطراف بالسلطة تريد تسميم الأجواء لتفوت فرصة التغيير الحقيقي (الجزيرة نت)

وأضاف الأويحيى "كان هناك الكثير من العنف ونحن قررنا التوقف الآن. هذا الاحتجاج أرسل مرة أخرى رسالتنا بأننا نطالب بالحرية".

 
كما استطاعت السلطات المغربية منع المتظاهرين من التجمع في عدد من المدن من بينها مدينة القنيطرة شمال العاصمة حيث قامت قوات الأمن بإنزال كثيف في الشوارع ومنعت التظاهر.
 
الحكومة تتهم
واتهم وزير الاتصال المغربي خالد الناصري من سماهم إسلاميين ويساريين متطرفين بالسعي لنشر الاضطرابات في المغرب "تحت غطاء احتجاجات مطالبة بالديمقراطية".

 
وقال الناصري -وهو أيضا متحدث باسم الحكومة- بعد إصابة عشرات النشطاء في مظاهرات بالرباط "إنهم لا يريدون الإصلاح الديمقراطي، وكان على السلطات أن تتصدى لأشخاص يستغلون حركة 20 فبراير لخدمة جدول أعمال ثلاث جماعات". وأضاف أن "هدفهم هو قتل الديمقراطية، وعلى الحركة توخي الحذر".
 
وبالإضافة إلى هذه المظاهرات، تشهد مختلف القطاعات العمومية بشكل يومي تنظيم إضرابات واعتصامات يطالب أصحابها بتحسين وضعيتهم المادية وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير ظروف أفضل للاشتغال.
 
يشار إلى أن ملك المغرب محمد السادس أعلن في خطاب إلى الأمة في التاسع من مارس/آذار الماضي عن إصلاحات دستورية قال إنها تتضمن فصل السلطات وتعزيز سلطات رئيس الوزراء.

 

وضعية حرجة
وفي قراءته لمجمل التطورات التي يعيشها المغرب حاليا، وصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة عبد العالي حامي الدين الوضع الذي تعيشه البلاد بـ"الحرج والمفتوح على جميع الاحتمالات".
 
وأشار حامي الدين إلى أن أطرافا في السلطة "تريد تسميم الأجواء لكي تفوت على البلاد فرصة التغيير الحقيقي".
 
وأوضح في تصريح للجزيرة نت أن الدولة نجحت في "تحييد" الأحزاب السياسية تجاه حركة الشارع مما سهل عليها مواجهة المتظاهرين بشكل منفرد.
 
 أرسلان: قمع المظاهرات هو تهيء للأجواء للفترة القادمة لفرض تصور محدد (الجزيرة نت)
 أرسلان: قمع المظاهرات هو تهيء للأجواء للفترة القادمة لفرض تصور محدد (الجزيرة نت)

وعن المرحلة المقبلة، قال حامي الدين إن الأجندة السياسية الخاصة بالدولة هي المطروحة حاليا حيث سيتم استفتاء الشعب المغربي على الدستور الجديد، وبعد ذلك يتم تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.

 
وأوضح أن أبرز التحديات التي ستواجه الدولة هو إقناع المغاربة بالتصويت لصالح الاستفتاء، مشيرا إلى صعوبة ذلك التحدي في أجواء يطبعها مصادرة الحريات وقمع المظاهرات.
 
وأضاف أن ما يزيد من صعوبة ذلك هو أن "الدولة تراهن على الأحزاب السياسية ومعظمها فاقد للتمثيلية ولا يحظى بالمصداقية".
 
وأكد أن النظام المغربي مطالب بتقديم تنازلات حقيقية وإصلاحات جذرية تهم القضاء والقوانين المرتبطة بالانتخابات وقضايا أخرى، وهو ما سيساهم في امتصاص الغضب الشعبي، لافتا إلى أن تجاهل المطالب الحقيقية لن يوقف الاحتجاجات ولو تم تبني الدستور الجديد.
 
تهيئة الأجواء
في السياق ذاته، قال الناطق باسم جماعة العدل والإحسان المحظورة إن السلطات المغربية حاولت في بداية الأمر أن "تبرز وجها مشرفا حينما تعاملت بسلمية مع المظاهرات وأن المغرب متميز عن الدول الأخرى التي اجتاحها ربيع الثورات".
 
وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن "جهات في السلطة لم يرق لها هذا النهج، فرجعت حليمة إلى عادتها القديمة"، منتقدا التدخل الأمني "العنيف" لقمع الحركات الاحتجاجية.
 
وفي تفسيره أيضا لهذا السلوك، قال الناطق باسم الحركة إن المسؤولين المغاربة رأوا أن ما سيتم تقديمه من خلال الدستور المقبل لن "يحظى بقبول جميع المغاربة"، مشيرا إلى أن قمع المظاهرات هو تهيئة للأجواء للفترة القادمة لفرض تصور محدد وكبت جميع الأصوات المعارضة.

المصدر : الجزيرة + وكالات