تعز تتحدى قمع السلطة

Yemeni anti-government demonstrators protest in Taiz (Taez), south of the capital Sanaa, on May 12, 2011 where police shot dead two protesters.

                                                    حامد عيدروس-صنعاء
تشهد مدينة تعز, ثانية أكبر المدن اليمنية سكانا, قمعا متصاعدا حيث كثفت قوات الأمن خلال الأيام الماضية هجماتها على المعتصمين, وقتلت وجرحت العشرات. لكن المدينة التي ساهمت في صعود الرئيس علي عبد الله صالح إلى الحكم تتحداه الآن.

ويقول معارضون إن مليشيات مسلحة موالية للنظام تجوب أحياء تعز, وتطلق النار لترويع السكان.

وفي وقت سابق, نقلت جوا إلى تعز أطنان من الذخيرة والعتاد بما في ذلك الصواريخ وفقا لتقارير صحفية, وهو ما أثار مخاوف لدى السكان من أن النظام ينوي استهدافهم بعملية عسكرية.

عقاب تعز
ويرى مراقبون أن الهدف من هذا التصعيد الأمني معاقبة سكان تعز لمساندتهم الثورة. فالمدينة تحت سيطرة الثوار، والحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) فشل في حشد مظاهرات مؤيدة للنظام عدا بعض المسلحين الذين يعملون وكلاء عن رجال الأمن.

أحد ضحايا القمع في تعز (الجزيرة نت)
أحد ضحايا القمع في تعز (الجزيرة نت)

وصعد المتظاهرون بدورهم وتيرة احتجاجهم, حيث وسعوا أماكن الاعتصام, كما سيطروا على شارع جمال الذي يعتبر شريان الحياة بتعز.

وفي إطار هذا التصعيد, أغلق الثوار مكتبي التربية والخدمة المدنية, ومقر شركة النفط.

ويرى محللون أنه في مقابل سعي تعز إلى إسقاط نظام صالح, يبدو هذا النظام مستميتا في الدفاع عما يسميه شرعية دستورية مستمدة من صناديق الاقتراع.

وتوقع النائب عن محافظة تعز محمد الحميري أن يدفع الشعب تضحيات كبيرة ثمنا للحرية، وقال إنه في حال أصر النظام على البقاء فما عليه إلا أن يقتل الشعب الذي خرج ليعبر عن رفضه له.

وأضاف الحميري, الذي استقال من الحزب الحاكم, أن إغلاق مكتبي التربية والخدمة المدنية, ومقر شركة النفط,. حدث دون تخريب، وأوضح أن تصعيد الثوار كان نتيجة للقمع الذي تعرضوا له من السلطة.

وتابع  أن سقوط شارع جمال بيد الثوار سقوط لمحافظة تعز بأكملها، فالشارع شريان الحياة, وفيه تقع مكاتب السلطة التنفيذية, ومقرات البنوك والمؤسسات المهمة.

من جهته, أبدى النائب المعارض شوقي القاضي خشيته من استمرار تعامل رجال الأمن بطريقة عنيفة مع المعتصمين السلميين, ورأى أن النظام يستميت لجر الشباب إلى العنف, وأنه لا يريد الرحيل إلا بعد إحداث أفدح الخسائر.

واعتبر القاضي أن النظام وعلى رأسه صالح يعيشون حالة "هستيريا" بعدما تأكد رحيلهم, وبالتالي تأتي تصرفاتهم منافية للأخلاق, إذ يطبقون نظرية "أنا ومن ورائي الطوفان" على حد تعبيره.

الاقتتال الداخلي
وأشار النائب شوقي القاضي إلى تواطؤ بعض أتباع النظام في تعز وهو ما يفسر في نظره تصاعد القمع، وتحدث عن اكتشاف وثائق تثبت أن مسؤولين كبارا بالدولة من المحافظة يوزعون أسلحة على مليشيات موالية للنظام في محاولة لجر تعز إلى اقتتال داخلي.

اللجان الشعبية من أشكال التنظّيم التي يلجأ إليها المنتفضون (الجزيرة نت)
اللجان الشعبية من أشكال التنظّيم التي يلجأ إليها المنتفضون (الجزيرة نت)

لكنه أكد أن كثيرا من وجهاء تعز يدركون خطورة ما يسعى إليه النظام, ويجمعون على تجنيب تعز الانزلاق إلى العنف.

وأشار إلى أن نواب اللقاء المشترك والنواب المستقلين إضافة الى المستقيلين من الحزب الحاكم وبالتنسيق مع شباب الثورة, يقومون بتشكيل لجان شعبية لحماية الأحياء والمناطق من المليشيات المسلحة التابعة للحكومة.

وأضاف النائب المعارض أنه يتعين على النظام تحمل مسؤولياته في حفظ الأمن, وتلبية حاجات المواطنين بما فيها الأمن.

وكانت السلطات اتهمت عناصر من اللقاء المشترك بقتل محتجين في تعز, وقالت إن قناصة اعتلوا أسطح بنايات مملوكة لقادة في المعارضة, وأطلقوا النار على المعتصمين.

وحذر النظام من مغبة نشوب حرب أهلية في حال استمرت الاعتصامات، غير أن معارضين كثرا يرون أن تلك التهديدات تأتي في سياق قول المتنبي" إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه".

وحمل هؤلاء السلطة المسؤولية كاملة عما ستؤول إليه الأوضاع الأيام القادمة.

المصدر : الجزيرة