جذور السلفية في تونس

Tunisian Islamists demonstrate during a rally in central Tunis, on April 29, 2011.

من مظاهرة للتيار السلفي بالعاصمة تونس جرت في أبريل/نيسان الماضي (الفرنسية)
إيمان مهذب-تونس

 
عاد عدد من المجموعات ذات الاتجاه الديني للبروز في تونس ومنها التيار السلفي الذي يرى المراقبون في ظهوره أمرا طبيعيا وإن كان لا يمثل ظاهرة عامة في المجتمع.
 
فقد قام عدد ممن يحسبون على التوجه السلفي بعدد من التحركات التي وصفت بـ"المتشددة"، ورأى فيها البعض أنها تمثل فئة ضئيلة من المجتمع التونسي.
 
وبالعودة لتاريخ السلفية في تونس، يقول الأستاذ في اللغة العربية في الجامعة التونسية محمد عبد العظيم للجزيرة نت إن "الحديث عن ظاهرة السلفية في تونس يصعب النظر فيه بشكل علمي"، مشيرا إلى أن تونس لم تعرف تنظيما منظما باسم السلفيين.
 
المرحلة الزيتونية
وبيّن عبد العظيم في سياق حديثه أن ظهور الفكر السلفي يعود إلى المرحلة الزيتونية -في إشارة إلى مرحلة جامع الزيتونة- أي قبيل الاستعمار الفرنسي لتونس بقليل حيث كانت هناك اجتهادات مختلفة في قراءة النص الديني وتطبيقاته الاجتماعية.
 
 دغفوس: السلفية في تونس اتجاه لا يمثل الكثيرين (الجزيرة نت)
 دغفوس: السلفية في تونس اتجاه لا يمثل الكثيرين (الجزيرة نت)

لكنه أشار إلى أن "الفكر التنويري الذي قاده عدد من التونسيين منهم الطاهر الحداد وخير الدين باشا التونسي، كان هو المسيطر وكانت له الغلبة في النهاية، لكن الأمر لا ينفي وجود التيار السلفي الذي كان يعارض الاجتهادات الحداثية".

 
وأوضح أن السلفية بوصفها ظاهرة سياسية لم تكن أمرا مطروحا في العهد الدستوري في فترتي حكم الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وخلفه المخلوع زين العابدين بن علي، بل كانت تطلق على الاتجاه الإسلامي بصفة عامة.
 
بروز جديد
واعتبر عبد العظيم أن السلفية عادت للبروز من جديد قبل سقوط "النظام البائد" بفترة قصيرة، لكن هذه الظاهرة بقيت في الظل لأنها لم تكن بالقيمة والحركة التي تجعلها معلومة.
 
واعتبر المتحدث ذاته أن مشهد التيارات الإسلامية في تونس يشترك في الخلفية الفكرية السلفية، وهو ربما ما ظهر في خطاب للأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي الذي تحدث عن الخلافة الراشدة السادسة في خطاب مع أنصار الحركة.
 
 عبد العظيم: عودة السلفية للبروز ظاهرة طبيعية (الجزيرة نت)
 عبد العظيم: عودة السلفية للبروز ظاهرة طبيعية (الجزيرة نت)

وأشار إلى أنه يمكن تقسيم هذه التيارات إلى ثلاثة تيارات، الأول يتمثل في حركة النهضة الفائزة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، والثاني في حزب التحرير غير المرخص له الذي يدعو للخلافة.

 
أما التيار الثالث فيتمثل في مجموعة من سلفيين يرفضون العمل السياسي المنظم لاعتقادهم أن الانتخابات "كفر"، وقد اتسمت تحركاتهم بالعنف منها تلك التي شملت حادثة "سينما أفريكار" و"قناة نسمة" وبعض الأحداث في الجامعات.
 
قابلية التطبيق
وفي السياق ذاته، يبين الدكتور في التاريخ الإسلامي ورئيس مخبر "العالم العربي الإسلامي الوسيط" بجامعة تونس راضي دغفوس للجزيرة نت أن السلفية في تونس اتجاه لا يمثل الكثيرين، وإنما يمثل فئة ضئيلة في المجتمع التونسي الذي "أثبت أنه لا يقبل التطرف يمينا أو يسارا".
 
وأضاف أن "عودة السلفية للبروز ظاهرة طبيعية خاصة بعد أن عانى المجتمع من سنوات طويلة من القمع والكبت وعدم المجاهرة بالأفكار".
 
وقال دغفوس إن إصرار البعض على الرجوع إلى السلف الصالح فيه نوع من عدم الواقعية، مشيرا إلى أن السلفيين يعودون إلى الماضي المجيد للمسلمين ويحاولون تطبيقه على الواقع، وهو أمر مختلف تماما من الناحية السياسية والعلمية والبراغماتية.
 
وذكر أن نظرة السلفيين إلى السلف الصالح فيها الكثير من التقديس وتصل إلى حد التعصب، معتبرا أن الطرح السلفي حاليا في تونس يتدخل في شؤون الغير ويمنع الغير من التدخل في شؤونه، الأمر الذي يضع هذه التوجهات في خانة التشدد والتعصب المبالغ فيه.
المصدر : الجزيرة