"مفجرة الثورة السورية" أين غيبت ؟

اعتقال الغميان وغضب الشباب السوري

حملة أطلقها أصدقاء الغميان على فيسبوك لإطلاق سراحها

أحمد دعدوش

ثلاثة أشهر من التخفي لم تكن كافية لإخراج الناشطة السورية مروة الغميان من دائرة الخطر، فبالرغم من يأس المحققين من إلصاق تهم العمالة بها عقب اعتقالها في أول أيام الثورة السورية، فإن كابوس الاعتقال والملاحقة لم يفارقها حتى اللحظة الأخيرة، وإلى أن قُبض عليها الجمعة في مطار دمشق الدولي أثناء محاولتها السفر في رحلة عادية، وتم اقتيادها إلى جهة مجهولة.

"مفجرة الثورة السورية"؛ هكذا أطلق عليها الشباب الثائر عندما حملت الناشطة الشابة (26 عاما) على كتفيها العلم السوري، ونادت بالحرية في سوق الحميدية وسط دمشق في منتصف مارس/آذار الماضي، وتناقلت حينها مواقع الإنترنت ووسائل الإعلام تسجيلا شهيرا لتعرضها للضرب والاعتقال على أيدي عناصر يرتدون ملابس مدنية.

وفي وقت لاحق، وصفت الغميان على شبكة الإنترنت بعضا مما تعرضت له من ترهيب وترغيب خلال استجوابها الذي امتد 12 يوماً، إلا أنها حظيت أخيرا بالحرية عندما لم يجد المحققون في كتاباتها على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أكثر من مبادرة شخصية للتظاهر السلمي.

صديقة لمروة تقول إنها كانت تعول على الحراك الشعبي والسلمي في الشارع (رويترز-أرشيف)
صديقة لمروة تقول إنها كانت تعول على الحراك الشعبي والسلمي في الشارع (رويترز-أرشيف)

الولاء للشارع
وتقول إحدى صديقاتها إن مروة كانت تعتز ببساطتها وعفويتها، فهي لم تكمل مسيرة تعليمها بسبب زواجها المبكر، لكن نفسها التواقة إلى الحرية دفعتها للتمرد، وكان أقصى طموحها أن تنشط في المجال الاجتماعي، وأن تساهم في زيادة الوعي بحقوق المرأة بعيدا عن ثقافة التغريب.

وتضيف أن الناشطة الشابة لم تطق الانتظار ريثما يزهر الربيع العربي في دمشق، فكانت من أوائل الشباب الداعين إلى التحرك، وعندما واتتها الفرصة لم تتردد في الخروج في أول أيام الانتفاضة، وسط مجموعة صغيرة من الأصدقاء ليتم اعتقالها أمام عدسة أحد النشطاء.

وتقول صديقة أخرى -في حديث للجزيرة نت- إن مروة لم تكن تهتم كثيرا بصراعات المعارضة وأنشطتها, بل كانت تعوّل على الحراك الشعبي والسلمي في الشارع، ولعل الثقة التي حظيت بها بين أوساط الشباب دفعت العديد من منظمي فعاليات المعارضة لاستمالتها، غير أنها كانت تحرص على إبقاء ولائها للشباب دون غيرهم.

وكانت الغميان قد دُعيت في أوائل سبتمبر/أيلول الماضي إلى حضور لقاء تشاوري للمعارضة السورية برعاية المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، ومع أنها تمكنت من السفر إلى الخارج حينها، لم تتردد في المخاطرة بالعودة إلى بلادها فور انتهاء أعمال اللقاء.

وفي السياق نفسه، دُعيت الغميان مجدداً إلى اجتماع عقدته هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في الثامن عشر من الشهر نفسه في ريف دمشق، وتمخض الاجتماع عن تأسيس اللجنة المركزية لتشكل لاحقا نواة المجلس الوطني.

وقامت الهيئة بترشيح الغميان لعضوية اللجنة من بين ثمانين شخصية في الداخل السوري فحظيت بالموافقة بالإجماع، ويؤكد أحد المشاركين في الاجتماع للجزيرة نت أنها لبّت الدعوة للاطلاع عن كثب على مجريات الجلسة دون أن يكون لها دور في الترشح والتعيين.

زيتونة: النظام السوري لا يفرق في ممارساته الوحشية بين فتاة وشاب (الجزيرة-أرشيف)
زيتونة: النظام السوري لا يفرق في ممارساته الوحشية بين فتاة وشاب (الجزيرة-أرشيف)

نشاط قانوني
ومن جانبها، قالت الناشطة الحقوقية رزان زيتونة -في حديث للجزيرة نت- إنه كان واضحا منذ بدايات الثورة أن النظام السوري لا يفرق في "ممارساته الوحشية" بين فتاة وشاب، ولا بين كبير وصغير، حيث تعرض العشرات من الفتيات والسيدات من مختلف الأعمار للاعتقال والتعذيب.

لكن خبيرا قانونيا قال للجزيرة نت -مشترطا عدم ذكر اسمه- إن الأمل يحدوه في عودة الغميان إلى أطفالها قريبا وفور انتهاء التحقيق، مضيفا أن الناشطة الشابة لم ترتكب في نشاطها السلمي أي مخالفة، ولم تنتسب لأي جهة أو حركة خارجة عن القانون.

وأوضح أن الغميان تم اعتقالها دون أي مذكرة، كما لم يكن اسمها مدرجا في قائمة الممنوعين من السفر، بل تم اقتيادها من قبل عناصر الأمن في المطار إلى جهة مجهولة، ولم يتمكن أحد من عائلتها من التواصل معها أو معرفة الجهة التي توجد فيها، وهو ما يعد بمثابة اختطاف لمواطن مدني دون أي سند قانوني.

يذكر أن عددا من النشطاء والمنظمات الحقوقية الدولية ناشدوا السلطات السورية إطلاق سراح الغميان فوراً، كما أطلق أصدقاء الناشطة السورية على موقع فيسبوك حملة للمطالبة بالإفراج عنها، وقد تجاوز عدد المنضمين أربعةَ آلاف خلال أقل من أربع وعشرين ساعة.

المصدر : الجزيرة