دعم سعودي رسمي للمؤسسات الخيرية

القرار السعودي بدعم العمل الخيري سيعيد لها القوة السياسية الخارجية (الجزيرة نت)

السعودية تسعى لاستعادة دورها الريادي في مجال العمل الخيري (الجزيرة نت)


ياسر باعامر-جدة

أعربت السلطات السعودية على لسان ولي عهد البلاد الأمير سلطان بن عبد العزيز عن دعمها المؤسسات والمنظمات الإسلامية ذات الاهتمامات الاجتماعية في بلدان العالم المختلفة، وهو ما يشير إلى سعي الرياض لاستعادة دورها في ذلك المجال الذي تأثر بتداعيات هجمات 11 سبتمبر/أيلول.

وتأتي تصريحات ولي العهد السعودي أثناء ترؤسه الأربعاء اجتماع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، بعد أيام من صدور حكم قضائي أميركي ينفي الصبغة القانونية عن قيام إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بالتنصت على فرع مؤسسة الحرمين الخيرية السعودية في آشلاند بولاية أوريغون الأميركية.

ويذكر أن السلطات السعودية حلت مؤسسة الحرمين عام 2004 وأمرت بإغلاق كل مقارها سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو السعودية أو أي مكان آخر، وذلك بعد أن وجهت لبعض موظفيها تهما بتمويل أنشطة لتنظيم القاعدة.

وقد تحفظت آنا إسكروهيما -مديرة مركز التواصل الإقليمي في وزارة الخارجية الأميركية الموجود في إمارة دبي- عن التعليق للجزيرة نت بشأن القرار السعودي الأخير لدعم المؤسسات الإسلامية.

وقالت إسكروهيما إنها لا تستطيع التعليق لأن ذلك يدخل ضمن العلاقات الثنائية بين السعودية والولايات المتحدة، تاركة المجال للمسؤولين عن هذا الملف للتعليق على هذا القرار السعودي.

عدنان باشا: ملف العمل الخيري يجب أن يبقى بعيدا عن الأجندة السياسية (الجزيرة نت)
عدنان باشا: ملف العمل الخيري يجب أن يبقى بعيدا عن الأجندة السياسية (الجزيرة نت)

مؤامرة التسييس
وفي السعودية قال الأمين العام لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بجدة عدنان باشا إن تصريحات الأمير سلطان بن عبد العزيز (الذي يترأس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية) "أتت متوائمة مع الأهداف التنموية التي أقرتها هيئة الأمم المتحدة، لمحاربة الثالوث الخطير (الفقر، والجهل، والمرض)".

وأضاف باشا أن هجمات 11 سبتمبر كانت بمثابة "مؤامرة على العمل الخيري السعودي والإسلامي"، مشيراً إلى أن ملف العمل الخيري زج به في مربع "التسييس"، في إشارة منه إلى الولايات المتحدة الأميركية.

وعن الرد المحتمل لواشنطن على هذا القرار، قال باشا "يجب أن يبقى هذا الملف بعيداً عن الأجندة السياسية، لأنه عمل إنساني بحت".

وأشار إلى أن ما حصل للمؤسسات الخيرية السعودية والإسلامية، على خلفية أحداث 11 سبتمبر/أيلول، أحدث فراغاً كبيراً في ساحة العمل الخيري في البلدان الإسلامية وخاصة الأفريقية منها التي تفتقد كثيراً للتنمية الداخلية.

من جهته قال الباحث محمد بن عبد الله السلومي، إن تصريح ولي العهد السعودي "لا يخرج عن دائرة حق السيادة الوطنية في دعم الدولة والحكومة للمؤسسات الإسلامية المعنية بالخارج أو المعنية بالعمل في الخارج, وهو دور ريادي للسعودية قامت به, وحقق لها قوة سياسية داخلية وخارجية".

وأضاف السلومي أنه لا يمكن للمملكة أن تتخلى عن ذلك انطلاقاً من ثوابت الدين الإسلامي ومن دورها الريادي في هذا المجال وحاجة الأقليات الإسلامية في سائر دول العالم.

"
محمد بن عبد الله السلومي: ما تتعرض له المؤسسات الخيرية يعد انتهاكا لحقوق الإنسان وتدخلاً في الشؤون الداخلية للدول وسيادتها الوطنية

"

تضييقات ومخاوف
وأوضح السلومي أن المؤسسات الخيرية والمنظمات الأهلية وغير الربحية، تمثل قطاعاً ثالثاً شريكاً في جميع عمليات التنمية البشرية والمادية، لكن عفوية ذلك القطاع تعطلت بسبب الاعتداء عليه, ومحاولة تشويهه, وتهميشه, واتهامه بدعاوى ما يسمى الإرهاب, وتقييده بنظم مالية وإدارية.

واعتبر السلومي -الذي ألف كتابا بعنوان "القطاع الخيري ودعاوى الإرهاب"- أن ما تتعرض له المؤسسات الخيرية يعد انتهاكا لحقوق الإنسان وتدخلاً في الشؤون الداخلية للدول وسيادتها الوطنية.

غير أن مراقبا لشؤون العمل الخيري قال للجزيرة نت إن تلك التصريحات تعكس سعي السعودية إلى "الامتداد في الدول الإسلامية الفقيرة"، بعد أن تعرضت مؤسساتها الخيرية والإغاثية لحملة اتهامات أميركية عقب هجمات 11 سبتمبر دفعت ضريبتها مؤسسة الحرمين الخيرية في 2004.

ولم يستبعد المراقب -الذي فضل عدم ذكر اسمه- أن يثير القرار السعودي حفيظة المسؤولين الأميركيين في ظل الحرب التي تشنها واشنطن على ما تسميه "الإرهاب" وسعيها لتجفيف منابعه وموارده المالية.

المصدر : الجزيرة