هل يتلاشى الحزب المؤسس لإسرائيل؟

afp - Israeli Deputy Prime Minister and Defense Minister Ehud Barak talks to the press after meeting with UN Secretary General Ba Ki-Moon at the United Nations in New

إيهود باراك يواجه انقسامات في حزبه بعد مشاركته في الحكومة مع كاديما (الفرنسية – أرشيف)

وديع عواودة – حيفا

بعد تراجع قوته في الانتخابات العامة للكنيست في فبراير/شباط الماضي يوشك حزب العمل الإسرائيلي أن ينقسم جراء خلافات سياسية وشخصية عميقة بين قياداته.

ويقود حركة الانفصال عن الحزب الذي فاز بـ13 مقعدا بدلا من 19 في انتخابات 2006 من يعرفون بـ"متمردي العمل" وهم النواب عمير بيرتس رئيس الحزب ووزير الدفاع السابق، والنائب أوفير بينيس الأمين العام المعزول للحزب، والنائب إيتان كابل ووزيرة التعليم السابقة النائبة يولي تمير.

ويبذل هؤلاء مساعي كبيرة لضم نائب خامس إلى جانبهم كي يتمكنوا من الانفصال في حزب جديد وفقا للقانون الذي يقضي بضرورة توفر ثلث الكتلة النيابية على الأقل لتشكيل حزب جديد، وهناك نائبان مرشحان للانضمام إلى "المتمردين" هما شيلي يحيموفتش ودان بن سيمون.

وكان العمل قد شهد خلافات حادة بعد قرار رئيسه إيهود باراك بالانضمام لحكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو وتقلد حقيبة الدفاع بحجة التأثير بصورة أنجع على توجهات الحكومة بدلا من المعارضة، واتهمه "المتمردون" بالتشبث بالمقاعد الوزارية الوثيرة.

ويستعد هؤلاء بدعم من قدامى حزب العمل الوزراء السابقون موشيه شاحل، وداني يتوم، وأفراهام شوحط، لإطلاق حزب اشتراكي ديمقراطي جديد عندما تحين الفرصة على أن يتزعمه عمير بيرتس أو أوفير بينيس وفقا لنتائج استطلاع رأي يجري لهذا الغرض.

انقسام فعلي
يشار إلى أن "المتمردين" انفصلوا عن "العمل" فعليا فهم لا يشاركون في اجتماعات الكتلة البرلمانية ويتحاشون التصويت لقرارات الحكومة التي يشارك فيها حزبهم، لكنهم يتحاشون التصويت ضدها كي لا يكون ذلك طلاقا مبكرا.

ويرتبط مصير مساعي الانفصال بمؤتمر الحزب الذي سيلتئم في الرابع والعشرين من الشهر الحالي وفيه سيطرح زعيم الحزب إيهود باراك دستورا جديدا للحزب يمنحه صلاحيات واسعة جدا. كما يقضي الدستور الجديد المقترح بإجراء انتخابات تمهيدية لاختيار قائد الحزب قبل ستة شهور من انتخابات الكنيست مما يعني إجراءها في عام 2013، كما هو الحال في حزب المعارضة كاديما، وهذا ما يعارضه "المتمردون" المتمسكون بالدستور الحالي والقاضي بتنظيم انتخابات داخلية لرئاسة الحزب بعد 14 شهرا فقط.

عمير بيرتس من أبرز الشخصيات التي تقود الانقلاب (الجزيرة نت) 
عمير بيرتس من أبرز الشخصيات التي تقود الانقلاب (الجزيرة نت) 

دستور استبدادي
ويرى المحلل الحزبي البارز حنان كريستال أن تمرير الدستور الجديد يعني سد الباب أمام "المتمردين" للتنافس على زعامة الحزب وبالتالي دفعهم للانفصال نهائيا.

وأوضح كريستال للجزيرة نت اليوم أن هناك محاولات للجسر بين المتخاصمين لكنه يرجح فشلها في ظل أزمة الثقة العميقة بين طرفي الخصام والرواسب الشخصية بينهم.

ولكنه اعتبر أن الخلافات السياسية ليست جوهرية فالجميع يتبنى رؤية تسوية الدولتين وتجميد الاستيطان والتفاوض مع السلطة الفلسطينية من أجل إنجاز التسوية. وأضاف "نشب الخلاف بعدما قرر باراك الانضمام للحكومة، وأججته رغبته في إرجاء الانتخابات الداخلية بواسطة دستور جديد".

ونوه إلى أن النائبين يحيموفتش وبن سيمون وكلاهما صحفيان سابقا، يمانعان الانفصال لكنهما يعارضان بشدة دستور باراك المقترح ويعتبرانه فرضا لنظام استبدادي وتابع يقول "في حال تم تبني الدستور أرجح انضمام النائبين المذكورين إلى المتمردين".

دولاب خامس
وأكد كريستال أن انقسام "العمل" حالة تلازم الكثير من الأحزاب الإسرائيلية عقب كل خسارة لها في الانتخابات وأنه سيضعف الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو ويجعله عرضة لضغوط وابتزاز أحزاب اليمين المتطرف.

يشار إلى أن "العمل" الذي تأسس قبل عام 1948 وأسس عمليا إسرائيل وحكمها حتى 1977 بشكل متواصل شهد عدة انقسامات أبرزها الانقسام الذي أحدثه زعيمه التاريخي دافيد بن غوريون عام 1965 وانفصال شمعون بيريز ودالية إيتسيك وحاييم رامون عنه وانضمامهم إلى حزب كاديما برئاسة أرييل شارون عام 2005.

وعما إذا كان الانقسام الجديد المتوقع يشكل المسمار الأخير في نعش أقدم الأحزاب الإسرائيلية قال كريستال إن "العمل" بوصفه حزبا مؤيدا للتسوية تراجع في السنوات الأخيرة لصالح كاديما و"لا شك أن هذه الانقسام من شأنه القضاء على العمل أو تحويله في أفضل الحالات لدولاب خامس في عجلة السياسة الإسرائيلية".

المصدر : الجزيرة