القاذفات الإستراتيجية الروسية فصل في استعراض العضلات

F/A Russian Tu-95 bomber is among as many as 13 - 14 Russian military planes photographed by the Norwegian Air Force in International waters off the coast of Norway 17 August, 2007. Russian President Vladimir Putin announced Russia would immediately resume long-range strategic bomber flights
القاذفة الإستراتيجية الروسية  TU-95 MS (الفرنسية)
 
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس عن استئناف الدوريات الجوية للقاذفات الإستراتيجية، فما أهمية هذه القاذفات من الناحية العسكرية؟ وما الإمكانات التي تجعلها مصدر تهديد إستراتيجي لغيرها من البلدان وبالأخص للولايات المتحدة؟ 

القاذفات عموما 

"
القاذفات الإستراتيجية التي أعلن بوتين استئناف طلعاتها الجوية قادرة على تدمير مدن بأكملها وتخريب قواعد عسكرية واستهداف قلب الولايات المتحدة بصواريخ نووية بعيدة المدى
"

القاذفات عموما هي نوع من الطائرات العسكرية متخصصة في القذف إما بقنابل أو بصواريخ أو بمدافع. ويتوقف نوع القاذفات على نوع المهام المنوطة بها، فإذا كانت المهام قتالية قصيرة المدى سميت قاذفات قتالية، أما إذا كانت المهام بعيدة المدى تقطع فيها الطائرة آلاف الكيلومترات وتدمر مدنا بأكملها أو قواعد عسكرية على إجمالها فتسمى قاذفات إستراتيجية.

 
هذا النوع هو الذي أعلن بوتين بالأمس أن بلاده قررت إعادة استخدامها بعد توقف دام 15 عاما.
 
وبرر ذلك بقوله إن الأمن القومي لبلاده يتعرض للتهديد من قبل الولايات المتحدة التي لم تلتزم بالمعاهدات السابقة للحد من التسلح والموقعة مع موسكو، وكان آخر "عدم التزام" من هذا النوع -على حد وصف العسكريين الروس- هو الدرع الصاروخي الذي قررت واشنطن نشره في أوروبا. 
 
القاذفات الروسية
القاذفات الإستراتيجية هي أكبر وأقوى نوع من الطائرات في سلاح الجو الروسي، كانت تستخدمه إبان الحرب الباردة ليس لغرض تدميري ولكن بهدف الردع.
 
آنذاك كان الاتحاد السوفياتي السابق يأمر طياريه الذين يقودون هذا النوع من الطائرات بالخروج في طلعات جوية عبر المحيطين الهادي والأطلسي، ويطيرون بالقرب من القواعد العسكرية الأميركية، فإذا ما خرجت لاعتراضها مقاتلات وقاذفات أميركية فإن الأوامر المعطاة للقاذفات الروسية تقضي بعدم الاشتباك معها، والاكتفاء بالقول "نحن هنا بالقرب منكم" ثم العودة مرة أخرى إلى قواعدها العسكرية.

 
إمكانات وقدرات
القاذفتان TU-160 وTU-95 MS هما الأهم في مجموعة القاذفات الروسية، تطير الواحدة منها في المتوسط بسرعة تزيد على ألفي كيلومتر في الساعة الواحدة، ويمكنها بلوغ معدل ارتفاع في الثانية الواحد يقترب من 70 كيلومترا، كما يمكنها العمل حتى ارتفاع 16 كليومترا، والطيران لأكثر من 14 ألف كيلومتر دون النزول إلى الأرض للتزود بالوقود، إذ يمكنها التزود به أثناء الطيران عن طريق نوع معين من الطائرات المخصصة لذلك.
 

"
قرار بوتين استئناف طلعات القاذفات الإستراتيجية يجيء في وقت غير بعيد من تصريحات قائد أسطوله البحري باستئناف الوجود الدائم في البحر المتوسط، وتسريبات إعلامية بإقامة ميناءين حربيين في اللاذقية وطرطوس
"

الخطورة في هذه القاذفات تكمن في قدرتها على حمل 12 صاروخا نوويا بعيد المدى، أي يمكنها إصابة أي هدف في قلب الولايات المتحدة بدقة عالية لأنها مزودة بنظام للملاحة الجوية يمكنه كشف الأهداف البحرية والبرية من مسافات بعيدة، ومن الصعوبة رصده راداريا، حيث إنها -وفضلا عن طيرانها في علو شاهق- تسير بسرعة أكبر من سرعة الصوت إذا بلغت هذه الدرجة من العلو، وبسرعة تقارب سرعة الصوت عند الارتفاعات الأقل.

 
كما أن هذه الواحدة من هذه القاذفات مزودة بأربعة محركات نفاثة، روعي في تصميمها تخفيف "البصمة الحرارية" لتفادي الرصد من قبل الرادارات. ويبلغ عدد الأفراد العاملين عليها ستة أفراد بتخصصات ومهام مختلفة.
 
الإنتاج والتشغيل 
نجحت التجربة الأولى لهذه القاذفة عام 1981، وأنتجت أولى القاذفات عام 1984 قبل أن تدخل الخدمة عام 1987.
 
وكان مقررا أن ينتج الاتحاد السوفياتي 100 قاذفة لكن حدثا جللا أجبره على التوقف، فقد تفكك الاتحاد نفسه عام 1991 فأصبح استكمال إنتاج القاذفات مستحيلا نظرا لتكلفتها العالية.
 
إلى عام 1992 كان مجمل ما تم إنتاجه 36 قاذفة فقط، بعده توقف العمل. 17 من هذه القاذفات أصبحت بحوزة روسيا والـ19 الباقية آلت إلى أوكرانيا حيث كانت في قواعدها العسكرية قبل انفصالها فأضحت جزءا من ميراث نفيس ورثته عن الاتحاد السوفياتي المنهار.
 
تصريحات مثيرة للاهتمام
قرار بوتين استئناف 14 قاذفة إستراتيجية عملها منطلقة من سبع قواعد جوية بالبلاد، جاء بعد قليل من تصريحات القائد العام لأسطوله البحري الأدميرال فلاديمير ماسورين التي أعلن فيها عن اعتزام موسكو "استئناف وجودها الدائم في البحر المتوسط".
 
وجاءت كذلك متزامنة مع ما تشهده الساحة الإعلامية الروسية حاليا من تسريبات تتحدث عن اعتزام إقامة قاعدتين حربيتين لروسيا في ميناءي اللاذقية وطرطوس في سوريا.
 
كل هذا يجعل الأمر ليس فقط "مثيرا لاهتمام" الولايات المتحدة -كما عبر عن ذلك الناطق باسم خارجيتها شون ماكورماك- وإنما قد يثير اهتمام غيرها من دول العالم بما فيها الدول العربية أيضا، وقد يتداعى الأمر لما هو أبعد من مجرد "إثارة" الاهتمام.
المصدر : الجزيرة