رفض مصري لاعتراض مبارك على إقامة جسر مع السعودية

A naval vessel passes under a Japanese-financed bridge, still under construction, over the Suez canal April 17, 2001. The bridge linking the Egyptian mainland with the Sinai peninsula will be officially opened on October 6. REUTERS/Mona Sharaf

الجسر له جدوى اقتصادية كبيرة (رويترز-أرشيف)


محمود جمعة-القاهرة

قوبل رفض الرئيس المصري حسني مبارك إنشاء جسر بري يربط مع المملكة العربية السعودية بدهشة واستغراب من قبل الخبراء والمراقبين المصريين.

ورأى معظمهم أن إقامة الجسر كانت مطلبا ملحا خاصة بعد حوادث غرق العبارات بالمياه الإقليمية بين البلدين، والتى كان آخرها غرق العبارة المصرية "السلام 98" في فبراير/شباط 2006 وعلى متنها نحو 1400 راكب.
 
وكان مبارك رفض بشكل قاطع إقامة الجسر، معللا ذلك بأن اختراق الجسر لمدينة شرم الشيخ يعني إلحاق الضرر بالعديد من الفنادق والمنشآت السياحية وإفساد الحياة الهادئة والآمنة هناك مما يدفع السياح إلى الهروب منها. وقال "هذا لن أسمح به أبدا".

مصالح ونفوذ
وأكد خبراء أن للمشروع جدوى اقتصادية كبيرة، سواء لمصر أو السعودية، خاصة وأن الجسر سيختصر المسافة بين البلدين إلى 23 كلم ويستغرق عبورها حوالي 20 دقيقة فقط، وسيخدم ملايين المصريين أو العرب أو الأفارقة الذين يتوجهون للسعودية بغرض الحج أو العمرة أو العاملين بمنطقة الخليج.
 
وفي هذا السياق، قال د. جودة عبد الخالق رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع للجزيرة نت إن "الجسر يسعى لربط قارتي آسيا وأفريقيا بريا للمرة الأولى، كما أنه يزيد من أهمية موقع مصر الإستراتيجي كنقطة عبور بين المشرق والمغرب فضلا عن أنه يزيد فرص التقارب والتكامل العربي العربي بعد ربط شطري العالم العربي بريا".
 
واعتبر عبد الخالق أن قرار القيادة المصرية رفض المشروع يعكس تغليب مصالح فئة قليلة العدد لكنها واسعة النفوذ، وهم أصحاب المشاريع السياحية بشرم الشيخ على حساب مصلحة ملايين المصريين والعرب الذين يمكنهم الاستفادة من إقامة مشروع كهذا.
 
ضغوط إسرائيلية

"
الشوبكي: إسرائيل تعتبر إنشاء هذا الجسر خطرا على أمنها الإستراتيجي لأنه سيغير من الطبيعة الجغرافية والسكانية لسيناء. وهذا خط أحمر لدى إسرائيل لن تسمح لأحد بتجاوزه
"

من جانبه عزا المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية د. عمرو الشوبكي الموقف المصري الرافض إلى أسباب عديدة، في مقدمتها الضغوط الإسرائيلية والأميركية الهائلة للحيلولة دون تنفيذ المشروع.
 
وقال الشوبكي للجزيرة نت "إن إسرائيل تعتبر إنشاء هذا الجسر خطرا على أمنها الإستراتيجي لأنه سيغير من الطبيعة الجغرافية والسكانية لسيناء. وهذا خط أحمر لدى إسرائيل لن تسمح لأحد بتجاوزه".
 
ولم يستبعد المحلل السياسي أن يكون الرفض المفاجئ والصارم للمشروع يعبر عن حالة من التوتر السياسي الحاد بين القاهرة والرياض، خاصة بعد تصاعد الدور الدبلوماسي للرياض بالمنطقة على حساب نظيره المصري.

 

ويتجلى هذا الأمر خاصة في ملفات فلسطين والعراق ودارفور وهي ملفات كانت القاهرة تعتبرها مجالا حيويا للدبلوماسية المصرية، وقال الشوبكي "قد يكون الرفض المصري رسالة للسعودية بأن الأمور تحدد هنا فى القاهرة وليس في مكان آخر".


 
أمن مبارك الشخصي

أهالي ضحايا العبارة السلام 98 التي غرقت
أهالي ضحايا العبارة السلام 98 التي غرقت

واتهمت تقارير صحفية الرئيس المصري بتفضيل أمنه الشخصي على المصلحة القومية، معتبرة أن حرص مبارك على تأمين منتجع شرم الشيخ سببه "أنه يقيم به بصفة شبه دائمة وليس بسبب حماية الاستثمارات والمشروعات السياحية هناك".
 
لكن الخبير الأمنى اللواء المتقاعد حسام سويلم استبعد تماما أن تكون مخاوف مبارك الأمنية الخاصة به سببا لرفضه المشروع، مشددا على أن القوات المصرية تستطيع تأمين شرم الشيخ حتى لو مر الجسر فى منتصفها.
 
وأضاف سويلم للجزيرة نت أنه يمكن إنشاء جسر بري بين البلدين دون المرور بمدينة شرم الشيخ وذلك عبر الالتفاف حول المدينة من جهة الجنوب "وبالتالي  نتفادى إمكانية تعكير صفو الهدوء الذي يتمتع به هذا المنتجع السياحي الهام".
 
وتعود فكرة إقامة جسر بين السعودية ومصر فوق مضايق تيران إلى سنوات بعيدة، لكن الدولتين لم تضعا الفكرة في حيز التنفيذ في أي وقت.
 
وينتقل ملايين المصريين والسعوديين بين البلدين كل عام للحج والعمرة والعمل والسياحة بالطائرات والعبارات التي تبحر بين الموانئ السعودية والمصرية على البحر الاحمر وميناء العقبة الاردني.

المصدر : الجزيرة