الإسلاميون والتقريب بين المذاهب

صور من مؤتمر الدوحة لحوار المذاهب الإسلامية conferences.org/mazaheb/enlarge.php?id=226

يمتاز المؤتمر بكثافة الأفكار المرتجلة التي غالبا ما يقحمها أصحابها (الجزيرة)

 
يمتاز مؤتمر حوار المذاهب المنعقد في العاصمة القطرية بكثافة الأفكار المرتجلة التي غالبا ما يقحمها أصحابها في ثنايا عرضهم لأطروحاتهم وربما يعود ذلك لتصاعد التأزم السياسي والديني في المنطقة. وكان من أبرز هؤلاء في اليوم الثاني الدكتور علي لاغا عميد كلية الدراسات العليا في جامعة الجنان، ومدير مركز الأبحاث للتنمية.
 
فأثناء عرضه لورقته المقدمة للمؤتمر والتي تتحدث عن التحديات السياسية ودورها في تأزم العلاقات بين المذاهب، وصف الإسلاميين بأنهم "سذج" وأنهم "استدرجوا" مرارا وفي أكثر من مرحلة تاريخية.
 
وفي توضيح للجزيرة نت قال إن على الإسلاميين أن يبتعدوا عن الساحة السياسية، "وأقول لهم ابتعدوا ليس لعدم احترامي لهم أو لعدم ثقتي بهم"، بل لأنهم "يستدرجون لأن يبصموا البصمة الأخيرة على جريمة لم يقترفوها هم"، وأنهم "جروا إلى مواقع ليسوا مسيطرين عليها".
 
علي لاغا وصف الإسلاميين بأنهم سذج (الجزيرة)
علي لاغا وصف الإسلاميين بأنهم سذج (الجزيرة)

ويضرب مثالا على ذلك بالجزائر، "دولة كانت قد أفلست في أيام الحكم السابق" وكانت عليها ديون 30 مليار دولار، فاستدرج "إسلاميون ليست لديهم قدرات، إلى انتخابات ثم إلى صراع، والبصمة الأخير لجريمة الجزائر كانت إسلامية مع أنهم ليسوا هم المجرم".

 
ويرى أيضا أن "حماس هي البصمة الأخيرة" في الأزمة الفلسطينية حاليا، وأنهم "استدرجوا حيث كانوا خارج الحكم أقوياء وداخل الحكم الآن يتضورون جوعا". والسبب في كل هذا برأيه، أن الإسلاميين "ليسوا بمستوى فهم الحدث"، وأن عند الإسلاميين "سذاجة" وهي ليست وليدة اللحظة ولكنها بدأت من القرون السابقة "من القرن التاسع عشر"، وأنهم بهذه "السذاجة" ساهموا في إسقاط الخلافة.
 
أما ما يحدث من فتنة مذهبية حاليا فهو يندرج في تحليله في نفس السياق ونفس الإطار، وأنه يشمل السنة والشيعة، وأن الإسلاميين يستدرجون نحو الفتنة المذهبية، وأن أداءهم هذا سيجعل "كل الحركات الإسلامية تخلف بعلمانية"، وأن النظام الحالي في إيران ينتج تيارا علمانيا أو ما يقرب من ذلك.
 
وقال إنه يدعو الإسلاميين إلى الانسحاب وليس للهروب ولكن للتفكير، وأن عليهم أن يفعلوا جيدا أو ألا يفعلوا شيئا، وأن عليهم أن يمتثلوا الأثر النبوي "دع الخير الذي عليه الشر يربو".
 
وذكّر بما حصل في أفغانستان وسوريا والجزائر وأن ما يحصل من أزمة في لبنان ومن فتنة في العراق يسير في نفس الاتجاه، وأن الله يقول للناس "إن هذه أمتكم أمة واحدة" وهم لا يصغون لأمر الله بالتوحد، ولكن "زعماءهم يستطيعون أن يجعلوهم يتناحرون فيما بينهم".
 
تطاول عجيب
أما المفكر التونسي راشد الغنوشي فقد انتقد بعض ما قاله لاغا في كلمته، وقال للجزيرة نت إن "هذه الرواية التي تظهر الإسلاميين أنهم أغبياء، وتصف الحركات الإصلاحية من جمال الدين الأفغاني وحتى الآن بأنها حركات ساذجة، هذا أمر عظيم وتطاول عجيب" على مسيرتها.
 
راشد الغنوشي اعتبر ما قاله لاغا تطاولا عجيبا (الجزيرة)
راشد الغنوشي اعتبر ما قاله لاغا تطاولا عجيبا (الجزيرة)

ويرى أن الحركات الإسلامية عموما هي معتدلة، "ومواصفات الاعتدال هي ترك التكفير والبحث عما يجمع الأمة لا عما يفرقها"، والحركات الإسلامية داعية إلى التقريب والوحدة ونابذة للتكفير والإقصاء.

 
ويرى الغنوشي أن الحركة الإسلامية "استطاعت أن تعيد الإسلام إلى قلب السياسة الدولية" بعد أن همش، وأن الحركة الإسلامية هي قوة الشارع والمستقبل، وأن أبناءها يقودون حركات التحرر ولاسيما في فلسطين التي هي أقدس قضية.
 
ولكنه يؤكد من جهة أخرى أن الإسلاميين ليسوا معصومين ولكنهم ليسوا سذجا، وأن "كل من يعمل يخطئ"، ومطلوب منهم أن يراجعوا مواقفهم لا أن ينسحبوا عند الفتن، "ولا ينبغي أن يكون الانسحاب حكما عاما" ولا ينبغي أن تبسط الأمور بحيث "ينسحب الإسلاميون عند كل مواجهة"، ولكن ينبغي الحكم في ذلك بحسب الموازنة بين المصالح والمفاسد.
 
أما المفكر المغربي الدكتور طه عبد الرحمن فيقول إنه لا يمكن إنكار أن منطلقات الحركات الإسلامية فيها "كثير من الصدق" ومن إرادة تغيير واقع الأمة.
 
إلا أنه يرى أن دورهم في الظروف الحالية "ليس مخيرا" بل فيه اضطرار، وأن هناك جهات تجرهم إلى اتخاذ هذا الموقف أو ذاك، وأن هذه الجهات متعددة منها خارجية استعمارية، وأخرى داخلية، والأخيرة "ربما تصدر عن قناعات مذهبية أو سياسية، وهي التي تدفع بالحركات الإسلامية إلى ما تصير إليه من مظاهر التشاحن"، ويستدل على ذلك بأن صحفا لبعض الحركات الإسلامية "أخذت مؤخرا تنعطف وتأخذ منحى لصالح هذه الفئة أو تلك".
 
ويدعو عبد الرحمن "الواعين من الأمة" إلى تصويب هذا الواقع، وإعادة تأطير هؤلاء الذين دخلوا في هذه المسارات، خاصة أن هناك جهات مشبوهة في المنطقة لها مصالح سياسية معينة.
المصدر : الجزيرة