الحرب الإسرائيلية على لبنان متى تنتهي؟

An Israeli mobile artillery unit fires a 155mm shells towards Hezbollah targets in southern Lebanon 18 July 2006, at a military staging area along the northern Israeli border with Lebanon


محمد العلي

فاجأ الجيش الإسرائيلي العالم بحجم الهجوم الذي شنه على لبنان، في سياق ما اعتبرته حكومة إيهود أولمرت ردا شرعيا على أسر حزب الله لاثنين من جنودها وقتل ثمانية آخرين الأسبوع الماضي.

فقد شن سلاح الجو الإسرائيلي حتى سادس أيام الحرب -وباعتراف ضابط كبير فيه- 1350 غارة جوية واكبها حصار وقصف بحري ومدفعي عبر الحدود، أعاد بنية لبنان التحتية خمسين عاما إلى الوراء، حسبما أفاد رئيس الوزراء فؤاد السنيورة.

وقد ووجه الهجوم الإسرائيلي برد استخدم فيه حزب الله صواريخ جديدة بالبحر وضد المدن الإسرائيلية, لكن القوة النارية للحزب لم تحدث دمارا يوازي الدمار الذي خلفته الآلة العسكرية الإسرائيلية في لبنان.

ورغم تجنب صناع القرار الإشارة في خطبهم إلى الأمد المحتمل للحرب الإسرائيلية المحصنة بتغطية أميركية و"تفهم" دولي ورسمي عربي, فقد حاول المحللون والخبراء الإسرائيليون التنبؤ بمداها الزمني بالاستناد إلى عناصر ثلاثة رئيسية.

أولها: تحقيق الحرب الإسرائيلية لأهدافها المتمثلة بإبعاد خطر الكاتيوشا وتحطيم بنية حزب الله العسكرية وقدرته الهجومية.

ثانيها: قدرة الجمهور الإسرائيلي في الشمال والوسط على تحمل الضغط والخوف الناجمين عن استمرار سقوط الكاتيوشا.

وثالثها: قدرة الوسطاء الدوليين على انتزاع تسوية من حزب الله تنهي معادلة توازن الرعب القائمة بينه وبين إسرائيل منذ تفاهم نيسان عام 1996 مقابل صيغة تفاهم على مبادلة الجنديين الأسيرين بأسرى عرب وفق صيغة أقرب إلى التصور الإسرائيلي.

تقديرات إسرائيلية

"
رغم تجنب صناع القرار على طرفي النزاع الإشارة بخطبهم إلى الأمد المحتمل للحرب الإسرائيلية المحصنة بتغطية أميركية و"تفهم" دولي ورسمي عربي, فقد حاول المحللون والخبراء الإسرائيليون التنبؤ بمداها الزمني
"

وبما أن العنصرين الأولين يتعلقان بالآلة الحربية ووضع الجمهور الإسرائيلي, فيما يتعلق الثالث بوساطة غير مضمونة النجاح, فقد تطوع المحرر السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت أليكس فيشمان بالتصريح أن أمد الحرب يحتمل "أسبوع عمل آخر" .

 وقال عضو لجنة الدفاع والشؤون الخارجية بالكنيست يوفال شتاينتس بعد استماعه إلى عرض حول الهجوم قدمه رئيس الأركان، إن العملية تحتاج "لبضعة أسابيع".

ولكن ما هي تقديرات الخبير العربي للمدى الزمني للعملية، وللأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها في سياقها؟

الباحث والمحلل الإستراتيجي قاسم جعفر يرى أنه بعد اتضاح الهدف الإسرائيلي من العملية، يصبح العامل الزمني -وفقا للمنظور الإسرائيلي- غير ذي تأثير على مدى استمرار العملية "بل المعيار هو القرب من تحقيق أهدافها".

ويستدرك جعفر قائلا إنه نظرا لعدم وجود عملية عسكرية غير محددة بمديين زمني وجغرافي، يشهد العالم جهودا دبلوماسيا متعددة لإيجاد صيغة لوقف إطلاق النار.

ويضيف أن الحد الأدنى الذي يمكن ترجيح التوصل إليه هو اقتران الجهد الدولي لتحقيق وقف النار بصيغة دبلوماسية تؤمن إطلاق الجنديين الأسيرين، مقابل الاتفاق على صيغة وراء الكواليس لتأمين انسحاب جزئي وراء الحدود ومرابطة القوات الدولية المقترحة والجيش اللبناني بالمنطقة.

حزب الله ودمشق
ويؤكد جعفر أن هذا الاحتمال يقتضي موافقة حزب الله والأطراف الإقليمية الحليفة له ومن ضمنها دمشق التي أصبحت لاعبا إقليميا رئيسيا بعد انسحابها من لبنان، بدليل إشارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى ذلك خلال قمة الثماني في بطرسبرغ.

"
المحلل الإستراتيجي قاسم جعفر: الأيام الأربعة المقبلة إما أن تشهد حلحلة دبلوماسية أو تصعيدا سياسيا وعسكريا يؤدي إلى توسيع نطاق المواجهة خارج إطار لبنان
"

ويشدد جعفر في اتصال مع الجزيرة نت أنه على المستوى العسكري لا يبدو حتى الآن أن القوة العسكرية لحزب الله قد تأثرت سلبا نظرا لاستمرار نشاطه العسكري على نفس الوتيرة، وهو ما يعني أن الأهداف العسكرية الإسرائيلية من العملية لا تبدو وشيكة التحقيق.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت إسرائيل ستواصل مساعيها لتحقيق أهدافها الإستراتيجية بالوسائل العسكرية أم أنها ستخضع لمنطق الجهود الدبلوماسية، يقول جعفر إن التصعيد وتوسيع الحرب إقليميا ما زالا واردين.

ويضيف أنه إذا شعرت إسرائيل بأن جهدها الحربي المحصور جغرافيا بلبنان وعسكريا بحزب الله لن يمكنها من تحقيق أهدافها، يصبح الحديث عن مواجهة موسعة أكثر إلحاحا.

ويختم قائلا إن الأيام الأربعة المقبلة إما أن تشهد حلحلة دبلوماسية أو تصعيدا سياسيا وعسكريا يؤدي إلى توسيع نطاق المواجهة خارج إطار لبنان، مشيرا إلى أن وضع المواجهة في إطار إقليمي سيفتح القضية على كل الاحتمالات.
ــــــــــــــــــــ
الجزيرة نت 

المصدر : الجزيرة