أمراض البلدان الغنية تنتشر في الدول النامية

CHLOROQUINE 'S EFFECTIVITY

مازن النجار
رغم تركيز المجتمع الدولي على تخفيف وطأة الأمراض المعدية وسوء التغذية في أنحاء العالم، ترى بعض التوقعات أن جزءا كبيرا من الوفيات في البلاد النامية -في المستقبل القريب- سينجم عن أمراض مزمنة كالسكري ومرض القلب والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي.
 
وتناول عدد من الدراسات المنشورة مؤخرا هذه المشكلات الصحية المستجدة كما عرضتها مجلة "ساينتيفك أميركان" العلمية.
 
وكمثال على هذا النمط المتنامي، أورد باحثون أن ارتفاع غلوكوز (سكر) الدم يتسبب في مستوى من الوفيات يتساوى مع مستوى الوفيات الناجمة عن مسببات المرض البكتيرية والفيروسية.
 
ويلاحظ مجيد عزتي باحث الصحة السكانية بجامعة هارفرد أنه بعد بلوغ الأطفال أعمارا محددة تبدأ إصابتهم بالأمراض المزمنة. وفي أماكن عديدة، أصبحت هذه الأمراض هي السبب الأبرز للوفاة باستثناء منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.
 
تفاقم الأمراض بآسيا
أما في الهند وفي بلاد أخرى جنوب آسيا وفي الأجزاء الفقيرة من أميركا اللاتينية فيعاني البشر من معدلات إصابة مرتفعة بالأمراض المزمنة، ويعود ذلك جزئيا إلى الثالوث المقيت: الغذاء الرخيص الغني بالسعرات الحرارية والتدخين وتعاطي الكحول.
 
وخلال الربع الأخير من القرن الماضي، تضاعفت مستويات الإصابة بالسكري إلى أربعة أضعاف تقريبا في معظم دول شرق وجنوب آسيا، بما فيها الصين والهند، وفقا لباحثين من كوريا الجنوبية قاموا بمراجعة الدراسات السابقة في تقرير بالعدد الأخير من مجلة "لانسيت" البريطانية.
 
وتبلغ مستويات الإصابة بالسكري في هذه البلدان مثيلتها في الولايات المتحدة حيث يصيب المرض حوالي 8% من السكان. لكن هذه المشكلة الصحية هي أشد في آسيا حيث يتعرض الناس للإصابة بالمرض في سن مبكرة مقارنة بنظرائهم في الأقاليم الأخرى. ولذلك، فهم يشهدون مضاعفات طويلة الأمد، ويتوفون بسبب المرض مبكرا.
 
كما تلاحظ دراسة مجيد عزتي أنه حتى إن لم تؤد مشكلة الأمراض المزمنة إلى السكري الذي يقتل مليون مريض سنويا، فإن ارتفاع سكر الدم وحده يؤدي سنويا إلى وفاة 2.2 مليون مريض في العالم بسبب أمراض القلب والسكتة الدماغية. ويعزو الباحثون هذه الوفيات إلى غلوكوز الدم بناء على بيانات ومعطيات طبية جمعت من 52 دولة حول العالم.
 
عواقب اقتصادية
وتتولد عن الأمراض المزمنة (المستجدة) عواقب اقتصادية كبرى إذ أكد تقرير صدر مؤخرا عن تحالف أوكسفورد الصحي أنه في البلاد ذات الدخل المتوسط والمنخفض، تقع نسبة 80% من الأعباء المالية للأمراض المزمنة على كاهل الشريحة العاملة من سن 60 عاما أو أقل.
 
ويلفت مارك سوركه، الاقتصادي بمنظمة الصحة العالمية بفيينا وأحد مؤلفي التقرير، إلى أن هناك افتراضا شائعا بأن المرض المزمن مقتصر على المسنين، ولذا ليس له أهمية اقتصادية، غير أن الأمراض المزمنة تصيب الناس في سن العمل كذلك وتقتطع من مدخراتهم وإنتاجيتهم.
 
كما يؤكد مجيد عزتي أن الاهتمام بالأمراض المزمنة لا ينبغي بالضرورة أن يشكل منافسا لجهود السيطرة على الأمراض المعدية وسوء التغذية. فالتعامل مع الالتهابات المعدية مثل التعامل مع الأمراض المزمنة يتطلب بنية تحتية قوية للصحة العامة.
المصدر : الجزيرة