هل البعث سبب الفوضى والدماء والنار بالعراق وسوريا؟

كومبو يجمع بين صور الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والرئيس السوري السابق حافظ الأسد والرئيس السوري بشار الأسد.
صدام حسين وحافظ الأسد وبشار الأسد (الأوروبية)
يعاني العراق كما هو الحال مع سوريا من أزمات متفاقمة، فما هي الأسباب وراءها، وما سبب الفوضى المتفشية في هذين البلدين الجارين في الشرق الأوسط؟ وما سبب استمرار اشتعال نار الحرب وسفك الدماء؟

في هذا الإطار، ذكر مقال نشرته مجلة فورين بوليسي على لسان الكاتب روبرت كابلان إن البعثية هي التي تتسبب في هذه الفوضى بكل من العراق وسوريا.

فالولايات المتحدة غزت العراق قبل 15 عاما، لكن أيديولوجيا الأرض المحروقة في المنطقة أبقت النار مشتعلة، وتركت العراق في حالة من الحرب والفوضى.

ويضيف الكاتب أن الولايات المتحدة لم تتدخل في سوريا عام 2011 عندما تعرض النظام هناك للتحدي، لكن النتيجة في سوريا لا تزال تتمثل أيضا في الحرب والفوضى.

الأطفال من بين أبرز ضحايا الحرب المستعرة في سوريا
الأطفال من بين أبرز ضحايا الحرب المستعرة في سوريا

سياسة أميركا
ويضيف المقال أنه إذا كانت وسائل الإعلام قد فسرت بأن هذه الفترة من النزاع المسلح في العراق تعود حصرا لفشل السياسة الأميركية، فحقيقة الأمر أن سياسة واشنطن في سوريا في هذا السياق كانت تختلف بمعدل 180 درجة.

وأما بقاء النتيجة نفسها في سوريا فيشير إلى أنه لا بد أن هناك قوة أخرى أساسية وأكثر عمقا تؤثر في البلدين، وأنه يجب على الصحفيين والمؤرخين الاعتراف بهذا الأمر.

ويقول الكاتب أيضا في مقاله بمجلة فورين بوليسي إن هذه القوة الأعمق إرث البعثية حسب اعتقاده.

ويعرّف البعثية بأنها مزيج من القومية العربية العلمانية والاشتراكية الشرقية على غرار الكتلة التي هيمنت على سوريا والعراق لعقود منذ ستينيات القرن الماضي، والتي جعلت من حكم عائلة الأسد في سوريا وصدام حسين في العراق نظامين فريدين من نوعهما في العالم العربي.

قصف جوي للتحالف على مواقع لتنظيم الدولة في حي التحرير بالموصل أواخر 2016
قصف جوي للتحالف على مواقع لتنظيم الدولة في حي التحرير بالموصل أواخر 2016

قسوة ووحشية
ويضيف أن العراق وسوريا احتاجتا إلى شكل من أشكال القسوة والوحشية من أجل تماسكهما، وأن البعثية شكلت المادة الأيديولوجية اللاصقة في هذا السياق.

ويمضي ليتحدث عن نشأة وتاريخ حزب البعث والتطورات والتعقيدات الأخرى المرافقة، ويقول إنه بوصفه صحفيا كان قد زار سوريا والعراق الفترة بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي، وأن التنقل في سوريا كان أكثر أمنا منه في العراق.

ويضيف أن العراق كان يشبه ساحة السجن الواسعة التي تشعلها مصابيح عالية القوة، وأن صدام كان يطلب من المجتمع العراقي أن يكون دائما في حالة حرب.

وأشار إلى الحرب العراقية الإيرانية ثم غزو صدام للكويت عام 1990، وقال إن هذا الغزو شكل بداية النهاية الدموية للبعثية التي تم اختراعها في جامعة السوربون قبل سبعة عقود.

الربيع العربي
ويتساءل المقال ما إذا كان البعثيون العراقيون سينجون من الربيع العربي عام 2011 لو كانت الولايات المتحدة قد تركت صدام في السلطة قبل 15 عاما.

ويجيب: لأن الخطوط الطائفية والعرقية بين السنة والشيعة والأكراد كانت دائما أكثر تعقيدا في العراق منها في سوريا، وبسبب الشدة والقسوة لدى نظام صدام، فإن أدنى ثقب في الواجهة الحاكمة كان من شأنه أن يحطم بنية الدولة بشكل أسرع مما هو عليه الحال في سوريا، وذلك في حال استمرار العقوبات والمزيد من الدمار الاقتصادي للعراق.

المصدر : الجزيرة + فورين بوليسي