إسرائيل تعترف بضرب مفاعل دير الزور.. لماذا الآن؟

ظلت إسرائيل تلتزم الصمت حول قصفها في السادس من سبتمبر/أيلول 2007 مفاعلا نوويا بالقرب من مدينة دير الزور السورية، لكن ها هي اليوم تكشف للعلن مسؤوليتها عن هذه العملية، فلماذا الآن؟

هذا ما حاولت الكاتبة الصحفية سيريل لويس الرد عليه، في تقرير بدأته بالتذكير بأن إسرائيل نفذت منذ عام 2013 أكثر من مئة عملية قصف ضد أهداف لحزب الله دون الإعلان عنها بشكل رسمي.

مما يعني أن رفع السرية عن قصف مفاعل دير الزور تم إعداده بدقة ليحقق هدفًا محددًا، خصوصا أن الخبراء العسكريين الإسرائيليين كانوا قد أدرجوا تلك العملية ضمن ما يطلق عليه "دائرة الإنكار" وفور القيام بالعملية فرض جيش الاحتلال حظرا تاما على الكشف عن حيثياتها.

وهدف الإسرائيليين من ذلك -حسب ما كتبته لويس بصحيفة لوفيغارو الفرنسية- هو الحفاظ على أن يظل الغموض يلف طبيعة الهدف وهوية المعتدي، الأمر الذي دأبت عليه إسرائيل سعيا منها لإعطاء نظام بشار الأسد فرصة لعدم الرد دون أن يخسر ماء وجهه.

ويبدو أن الأسد كان يفهم تلك الرسالة بشكل جيد، إذ اكتفى في عملية دير الزور باتهام سلاح الجو الإسرائيلي بضرب موقع غير ذي أهمية، مُطلقا سيلا من التهديدات المبهمة ضد إسرائيل.

ولم يُكشف النقاب عن سيناريو هذه الغارة إلا بشكل تدريجي من قبل الصحافة الأميركية، أما نظيرتها الإسرائيلية فلم يسمح لها الجيش بنشر تفاصيل هذه الغارة إلا يوم 21 مارس/آذار الماضي، أي بعد أن قرر رسميا الكشف عن مسؤوليته عنها.

وقد أثبت مبدأ "دائرة الإنكار" جدواه في بعض الظروف، لكنه استبعد في ظروف أخرى تبين أن الكشف فيها عن العمليات كان يخدم المصالح الإسرائيلية بشكل أفضل.

فمثلا تنقل الكاتبة عن المحلل بمركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية عوفر زالزبيرغ قوله إن القادة الإسرائيليين دأبوا على مدى الأشهر القليلة الماضية على الكشف رسميا عن مسؤوليتهم عن هجمات ضد حزب الله أو المواقع الإيرانية، مما يعتبر تعزيزا لرسالة الردع الموجهة لهذين الكيانين.

وتضيف أن الخبراء الإستراتيجيين ارتأوا اليوم أن الوقت قد حان للكشف عن المسؤولية عن قصف مفاعل دير الزور، استجابة أولا لضغوط وسائل الإعلام الإسرائيلية التي ظلت تنتقد الحظر المفروض عليها بخصوص هذه العملية، وثانيا لأن الإسرائيليين لم يعودوا يخشون من إقدام النظام السوري على أي رد في ظل الهُون الذي يعاني منه جيشه.

لكن الرسالة الأهم من هذا الكشف موجهة "للعدو الإيراني" وهذا ما كان واضحا في حديث وزير الشؤون الإستراتيجية إسرائيل كاتز، حين قال "هذه العملية الناجحة دليل على أن إسرائيل لن تسمح للدول التي تهدد وجودها بالحصول على أسلحة نووية" وفي هذا رد على من يقولون إن قدرة تل أبيب الرادعة تتآكل، حسب ما قالته الكاتبة.

المصدر : لوفيغارو