الجنود الأطفال يهددون الأمن القومي

South Sudanese children released by armed groups attend a ceremony in the western town of Yambio, South Sudan February 7, 2018. REUTERS/Denis Dumo
معسكر تدريب جنود من الأطفال في جنوب السودان (رويترز)
يشارك الجيش الأميركي في مناطق الصراع البري في جميع أنحاء العالم بما في ذلك سوريا والعراق وأفغانستان ونيجيريا، ومع توسع الولايات المتحدة في أنحاء العالم قد يصادف الجنود الأميركيون جنودا أطفالا بشكل متزايد.
 
وبالرغم من أن هذا الأمر ليس تحديا جديدا، فإن الحكومات لا تزال تكافح من أجل وقف تجنيد الأطفال في بعض أكثر الصراعات وحشية في العالم، ومعالجة الآثار العملية والطويلة الأجل الناجمة عن التعامل مع الأطفال في الصراعات المسلحة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، تبدو هذه الظاهرة واضحة في جنوب السودان، إذ تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 19 ألف طفل قد استخدموا جنودا في الحرب الأهلية في البلاد منذ عام 2013. وفي نيجيريا جندت جماعة بوكو حرام أكثر من ألفي طفل عام 2016 وحده، كانوا يستخدمون بشكل متزايد كـ"قنابل بشرية". وفي اليمن وثقت المنظمة الأممية تجنيد أكثر من 1700 طفل منذ مارس/آذار 2015 للقتال في الحرب الأهلية الجارية.

ومع أن هذه القضية قد أثارت لسنوات عديدة نداءات كثيرة لاتباع نهج عملي لتخفيف هذه الظاهرة  ومنعها نهائيا في المستقبل، فإن العديد من الجهود -ولا سيما الرامية إلى تعديل السياسات الوطنية وتنفيذ التشريعات- توأد في مهدها، لأن تجنيد الأطفال ينظر إليه على نطاق ضيق باعتباره قلقا يتعلق بحقوق الإنسان وليس مسألة لها آثار على أمن الإنسان والأمن القومي.

ومع استمرار الصراعات والاستخدام المستمر للأطفال في الحروب، فقد حان الوقت لإعادة صياغة النقاش بشأن الجنود الأطفال والتشديد بشكل أفضل على التحديات الأمنية التي يمثلها استغلالهم في الصراعات، سواء بالنسبة لمدّ الصراعات أو الآثار الطويلة الأجل لمن هم على اتصال بالجنود الأطفال.

ومن أجل مكافحة الاعتماد على الأطفال كأدوات للحرب، تستطيع الحكومات تدريب القادة العسكريين على المخاطر وبيان عدم كفاءة الاعتماد على الأطفال في خوض الحروب، وهذا هو النهج الذي اتخذته مبادرة "دالير للجنود الأطفال" لوقف استخدامهم، حيث إنها تعمل مع الحكومات لتنفيذ التدريبات التي تثقف القادة العسكريين بشأن مخاطر وعيوب استخدام الجنود الأطفال، وتعريفهم بأطر القانون الدولي التي تحمي الأطفال من الاستغلال في الصراعات المسلحة.

‪رويترز‬ تجنيد الأطفال ظاهرة في بعض البلدان التي تشهد صراعات
‪رويترز‬ تجنيد الأطفال ظاهرة في بعض البلدان التي تشهد صراعات

كما تهدف المبادرة إلى تهيئة العقيدة العسكرية لتساعد بشكل أفضل القوات المسلحة الوطنية في الاستعداد لاحتمال مواجهة الأطفال في الحروب. وقد أصبحت كندا أول دولة تتبنى هذه العقيدة في مارس/آذار 2017.

ويمكن للحكومات أن تستفيد أيضا من المساعدة العسكرية لثني الجيوش الأجنبية عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في القتال. وقد تبنت هذا المبادرات كل من بلجيكا وسويسرا والولايات المتحدة لزيادة الجهود الأوسع الرامية لإخراج الأطفال من ساحة القتال.

ومن هذه الجهود "قانون منع الجنود الأطفال" في الولايات المتحدة الذي يسعى لتشجيع الدول على وقف تجنيد الأطفال واستخدامهم، بالضغط من خلال ورقة المساعدة الأمنية التي تقدمها. وبموجب هذا القانون، يُحظر على الدول التي تعلم الخارجية الأميركية أنها تجند أو تدعم تجنيد الأطفال، الحصول على أسلحة أميركية وأنواع معينة من المساعدات العسكرية، ما لم تتلق إعفاء من الرئيس.

كما يمكن للولايات المتحدة أيضا أن تعمل مع دول أخرى -ولا سيما المانحة للمساعدة العسكرية- لتوفير حماية إضافية للأطفال في حالات الصراع. وهذا الأمر يمكن أن يعني العمل مع الحكومات لتنفيذ تشريعاتها الخاصة لتكيف علاقاتها العسكرية مع وقف استخدام الجنود الأطفال.

وأخيرا يجب على الولايات المتحدة والحكومات الأخرى الاعتراف بأن قضية الجنود الأطفال هي مصدر قلق أمني، وليست مجرد معضلة معنوية وأخلاقية. وتغيير الطريقة التي تتحدث بها الحكومات والجيش عن هذه القضية سيسمح لعدد كبير من الجهات الفاعلة بالمشاركة في حلول أكثر إبداعا وفعالية، يمكن أن تضع حدا لهذه الممارسة المروعة وفي الوقت نفسه تحمي مصالح الأمن القومي.

المصدر : الصحافة الأميركية