لوموند: الجيش المصري يخسر أرضه بسيناء

Family members attend the funeral of officer Khaled al-Maghrabi, who was killed during a suicide bomb attack on an army checkpoint in Sinai, in his hometown Toukh, Al Qalyubia Governorate, north of Cairo, Egypt 8 July, 2017. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany
الجيش والأمن المصريان خسرا 292 عنصرا بسيناء خلال عام 2017 (رويترز)
لا تزال نكسات الجيش المصري أمام المسلحين في سيناء تترى على الرغم من عده وعتاده، نصف مليون جندي بتسليح جيد، مما يستدعي استخلاص الجميع العبر والتدخل قبل فوات الأوان.

هذا ما حث عليه أستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث بجامعة سيانس بو بباريس المؤرخ جان بيير فيلوي، في مدونته بصحيفة لوموند الفرنسية.

يقول فيلوي إن انهيار ما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" التي شيدها "متطرفون إسلاميون" في أجزاء من العراق ومن سوريا، جعل ما يطلق عليه "ولاية سيناء" الفرع الأكثر نشاطا "للجهاديين الدوليين".

فيلوي ذكر أن هذا الفرع نفذ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعنف هجوم دموي تشهده مصر في تاريخها الحديث، راح ضحيته 311 شخصا كانوا يؤدون صلاة الجمعة، وهو ما رد عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنفس ما رد به على الهجمات التي سبقته، وهو: "نتعهد بتحقيق الاستقرار والأمن"، مع فارق واحد هذه المرة وهو تحديد مهلة ثلاثة شهور لتحقيق ذلك.

زمام المبادرة
غير أن المسلحين ما زالوا يحتفظون بزمام المبادرة، إذ أطلقوا بعد وعيد السيسي صاروخا على طائرة مروحية عسكرية نجم عنه مقتل ثلاثة أفراد، بمن فيهم مدير ديوان وزير الدفاع المصري.

ولفت الأستاذ والمؤرخ إلى أن وحشية القمع الحكومي والطبيعة العشوائية للانتقام الجماعي الذي يميز تصرف السلطات المصرية، حوَّل مجموعة هامشية لم تكن في بداية أمرها سوى عدد من المقاتلين المناهضين لإسرائيل، إلى منظمة متجذرة في بدو سيناء الذين يمثلون ثلثي سكان هذه المنطقة البالغ عددهم ستمئة ألف نسمة، فيما يمثل الفلسطينيون ومصريو وادي النيل الثلث الباقي.

ويضيف فيلوي أن زيارة أخيرة قام بها إلى القاهرة أقنعته بأن عموم بدو سيناء -في نظر التسلسل الهرمي العسكري بمصر- أعداء، وعليه فإن استعمار مهاجري "وادي النيل" لشبه الجزيرة بشكل ممنهج لم يعد مستبعدا.

وهو ما علق عليه فيلوي بقوله إننا لو وضعنا جانبا صعوبات تنفيذ هذا النقل السكاني، فإن التفكير فيه بشكل جدي يكشف وجود عزلة متزايدة للجيش المصري في سيناء، حيث يعمل هناك كما لو كان في "أراضٍ محتلة".

وفي المقابل، يحاول مقاتلو تنظيم الدولة التقرب من السكان لجعلهم أكثر ولاء لهم، ولا شك أن عجز الجيش المصري عن حماية البدو الموالين له يلعب أيضا في صالح المسلحين، بحسب فيلوي.

وبحسب دراسة لصحيفة لوموند، فإن الجيش وقوات الأمن المصريين فقدوا 292 عنصرا خلال عام 2017، فيما زاد عدد قتلى مدنيي سيناء خلال عام 2017 بنفس العدد مقارنة بالأعوام الثلاثة التي سبقت ذلك.

ولا يرى فيلوي -والحال هذه- أي احتمال لنجاح السيسي في إعادة إرساء القانون والنظام في سيناء في الشهر المقبل، كما وعد قبل شهرين.

وهو ما جعله يخلص إلى أن الوقت قد حان للخروج من إنكار الواقع، إذ إن السجل الكارثي لنظام السيسي في مكافحة الإرهاب لم يعد مجرد مشكلة مصرية، لقد أصبح -بسبب فشل قوات الأمن المصرية- قضية إقليمية، بل ربما حتى دولية، ومن الملح أن نستخلص جميعا العواقب قبل أن يعزز تنظيم الدولة دعائمه في هذه المنطقة التي هي في واقع أمرها مفترق طرق أفريقيا وآسيا، على حد تعبيره.

المصدر : لوموند