دعوات لاستعادة حقوق الليل

A meteor streaks past stars in the night sky over a cloud during the annual Orionid meteor shower at the Sierra de las Nieves nature park and biosphere reserve in Parauta, near Malaga, Spain October 22, 2017. REUTERS/Jon Nazca
لوفيغارو: أصبح من الملحّ أن يستعيد الليل بعضا من حقوقه (رويترز)
إذا كانت الزراعة المكثفة هي التهديد الأول للكائنات الحية في فرنسا، فإن التلوث الضوئي يأتي بعدها مباشرة، أي حتى قبل مشكلة تحويل التربة إلى تربة اصطناعية، بحسب ما أوردته صحيفة لوفيغار الفرنسية.

ومع التوسع الحضري وبناء الطرق والبنية التحتية وتمدد العمران وانتشار إضاءة المدن والقرى طوال الليل، وجدت الحيوانات والنباتات نفسها محصورة ومعزولة، بل أصبح بعضها مهددا بالذبول أو الانقراض.

يقول مدير مشروع للتراث الطبيعي رومين سورديلو: "إن اختفاء وتجزئة المَواطن الطبيعية للنباتات والكائنات الحية هو من الأسباب الرئيسية لانحسار التنوع البيولوجي".

غير أن هذه النباتات والكائنات تواجه اليوم مصدر إزعاج من نوع آخر، هو: التلوث الضوئي، مما يستدعي اتخاذ تدابير لحمايتها منه.

فمفهوم التلوث الضوئي بدأ يفرض نفسه، بعد أن أثبتت دراسات عدة تأثيره على الوسط البيئي. فقد تبين كيف أن الإضاءة يمكن أن تمثل لبعض الكائنات الحية حاجزا لا يمكنها تجاوزه، أو ربما حتى مثلت لها ما يشبه الفخ الخداعي، فقد لوحظ مثلا أن السلاحف البحرية التي تنجذب إلى تألق المحيط، ضلت طريقها بسبب بعض أعمدة الإنارة، مما جعلها تتعمق في اليابسة.

ومن المعروف أيضا أن الطيور المهاجرة التي تسافر ليلا تستخدم النجوم للتنقل، ومن شأن الإضاءة القوية أن تخدعها، كما سلط بعض الباحثين الضوء على المعاناة التي تسببها الإضاءة للخفافيش الليلية.

وسعيا منها للتصدي لهذه الآثار غير المرغوبة وتوفير الطاقة، قررت بعض البلديات الفرنسية إطفاء جميع أعمدة الإنارة العامة ابتداء من منتصف الليل، غير أن الخبراء أكدوا أن "تدابير الإطفاء الحالية لا تحد بشكل فعال من تأثير الإضاءة على أنواع الخفافيش الحساسة للضوء"، واستخلصت الدراسات أن الفجر والغسق هما في الواقع الفترتان المهمتان لهذه الكائنات.

كما اهتمت الدراسات بما يسببه التلوث الضوئي من مشاكل للحشرات الملقِّحة التي أصبحت مهددة بشكل كبير، فإذا كان العديد منها يبحث عن طعامه خلال النهار، فإن بعضها -وخاصة الفراشات- تعمل في الليل، وقد تبين أن المروج المضاءة بشكل مصطنع تقل فيها بشكل ملحوظ هذه الملقحات الليلية، والنتيجة الرئيسية هي "انخفاض بنسبة 13% في البذور التي تنتجها النباتات حتى لو كانت الملقحات تنتشر بها أيضا خلال النهار".

ونتيجة لهذا، تقوم بلديات عدة بإنشاء "مناطق سوداء" لتفادي ما ينتج عن هذا التلوث من خلل بيئي خطير، مما دفع الصحيفة إلى الخروج بنتيجة أن "من الملحّ أن يستعيد الليل بعضا من حقوقه".

المصدر : لوفيغارو