فايننشال تايمز: التحيز والتهميش لن يمنعا التطرف

هجمات بروكسل.. من المستفيد؟
هجمات بروكسل.. من المستفيد؟ (الجزيرة-أرشيف)

أشارت مديرة البرنامج الأوروبي في صندوق مارشال الألماني، الكاتبة دانيلا شوارزر، إلى أن التفكير بشأن الأمن في أوروبا تغير كثيرا خلال الأشهر الماضية، وكان من ثمرته "الإستراتيجية العالمية للاتحاد الأوروبي"، التي نشرت مؤخرا وتحدد المصالح ومبادئها الأساسية.

إذا كان التحيز والتهميش هما رد الفعل على التطرف الديني، فإن هذا يمكن أن يعزز المزيد من التطرف

ورأت الكاتبة في مقالها بصحيفة الفايننشال تايمز أن الوثيقة تؤكد على عدم إمكانية درء التهديدات في الخارج، وأن الأمن الخارجي والداخلي مرتبطان ارتباطا وثيقا، وأن الحكومات تصعد من تدابير الأمن الداخلي.

وأردفت بأن هذه التدابير الأمنية التي أعلن عنها في فرنسا وألمانيا من شأنها أن تحسن الاستجابة في حال وقوع هجوم كبير وسوف تساعد في منع وقوع هجمات أخرى، لكن نظرا للطبيعة المتغيرة للتهديدات الإرهابية لا يمكن للحكومات أن تضمن سلامة المواطنين وهذا ما تقر به هذه الإستراتيجية بتركيزها على المرونة، أي القدرة على التعافي بسرعة من الكارثة.

واعتبرت الكاتبة أن أعظم قوة للمجتمعات الغربية هي طبيعتها المفتوحة والمتصلة والمتنوعة، وهذا هو أيضا نقطة ضعفها عندما تواجه العنف بدافع التطرف الديني.

وأوضحت أن المجتمعات التعددية تطالب الجماعات العرقية والدينية أن تتعايش معا سلميا باحترام وتسامح وثقة، لكن "الإرهاب الإسلامي" ينثر بذور انعدام الثقة والصراع، وإذا كان التحيز والتهميش هما رد الفعل على التطرف الديني فإن هذا يمكن أن يعزز المزيد من التطرف، لأن الأقليات المشوهة السمعة قد تبحث عن طرق جديدة وخطيرة لتهديد الهوية الذاتية.

ورأت الكاتبة أن المراهنة على أمل أن النموذج الديمقراطي الغربي سينجح هو مجازفة، بالرغم من مرونة المواطنين الملحوظة في بروكسل ونيس وأماكن أخرى بعد الهجمات التي تعرضت لها تلك البلدان، و"الإرهاب" الآن يتحدى أسلوب الحياة وسيظل العنف بأشكاله وأنماطه المختلفة جزءا من العالم الذي نعيش فيه.

وأكدت شوارزر على ضرورة تواصل صناع القرار مع المواطنين بتعزيز التكامل والتماسك الاجتماعي والعمل ضد التمييز، ليس فقط لمنع المزيد من الهجمات ولكن لزيادة المرونة حال وقوعها، وتقديم وجهات نظر اجتماعية واقتصادية واقعية للأجيال الحالية والمستقبلية، مع الأخذ في الاعتبار أن العولمة والأزمات في أوروبا من المرجح أن تستمر في التأثير على مواطنيها لسنوات عديدة.

وختمت الصحيفة بأن الوضع الحالي يمثل أرضا خصبة لأولئك الذين يسعون لتقويض المجتمع الليبرالي الغربي إستراتيجيا، مشيرة إلى أن الدعاية الروسية داخل الاتحاد الأوروبي تعمل من أجل هذا، وأن الشعوبيين -أمثال دونالد ترامب في الولايات المتحدة– يتحدون الديمقراطية الليبرالية الغربية من الداخل، ويتحدون معها قدرة الغرب على الصمود.

المصدر : فايننشال تايمز