الطريق إلى الرقة.. كلما بدا الهدف قريبا تبدد كالسراب

الطريق إلى الرقة
مبنى بإحدى القرى القريبة من الرقة يستخدمه عناصر قوات سوريا الديمقراطية قاعدة (واشنطن بوست)

"الرقة…نحن قادمون" كلمات كُتبت بطلاء ملون باللغة الكردية عند مدخل قرية تل السمان الخالية من سكانها والواقعة على جبهة القتال المشرفة على عاصمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

تبعد تل السمان 17 ميلا (حوالي 27 كلم) من مدينة الرقة، وهي مسافة قصيرة ومشوقة إلى حيث دأب تنظيم الدولة على عرض تسجيلاته المصورة لمعقله الذي يعتبره المدينة الإسلامية الفاضلة، وحيث جرى التخطيط للهجمات "الإرهابية" على باريس وبروكسل وفق تعبير مراسل صحيفة واشنطن بوست الأميركية من القرية.

ويرى مسؤولون أميركيون أن من الرقة تُحاك "المخططات" ضد الغرب، ومع ذلك فإن هجوما شاملا لاسترداد المعقل الأكثر رمزية للتنظيم قد لا ينطلق قبل شهور أو أكثر من الآن رغم الآمال المعقودة بواشنطن على أن عملية من هذا القبيل تمضي على قدم وساق قبل مغادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما منصبه.

إن زيارة نادرة لجبهة القتال المشرفة على الرقة تبين أن هزيمة تنظيم الدولة رغم أنها تبدو قد دنت فإنها تظل بعيدة المنال. وبينما تتعطل المعركة من أجل مدينة الموصل في العراق المجاورة، وما فتئ خطر الإرهاب يخيم على الأجواء عقب الهجوم الذي حدث في برلين بـ ألمانيا مؤخرا، فإن استرداد الرقة ما يزال يفتقر إلى أي خطة مما يجعل الحرب أحد أكثر التحديات إلحاحا وتعقيدا التي سيضطر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمواجهته.

راعي أغنام يمر بلافتة تشير إلى الطريق إلى الرقة معقل تنظيم الدولة
راعي أغنام يمر بلافتة تشير إلى الطريق إلى الرقة معقل تنظيم الدولة

في غضون ذلك، تسير العملية العسكرية المبدئية لتطويق الرقة سيرا حسنا. فخلال الأشهر الماضية ظل تحالف كردي أُطلق عليه اسم قوات سوريا الديمقراطية يشق طريقه بخفة عبر خطوط تنظيم الدولة في شمال وغرب ريف محافظة الرقة. واستولت تلك القوات على نحو 140 قرية وقرابة ثمانمئة ميل مربع (1288 كلم 2) من الأراضي الريفية الخالية معظمها في ظرف أكثر من شهر واحد فقط واجهت خلاله مقاومة ضعيفة.

وليست عملية الرقة كـ معركة الموصل حيث تتجمع التشكيلات العسكرية المدرعة من مختلف الاتجاهات. هنا في جبهة الرقة تنتشر قطعان الخراف والأغنام في الحقول الخاوية على عروشها أكثر من انتشار الجنود. وتتجول تلك القطعان التي يرعاها صبيان من على ظهور الحمير بينما تمرق وسطهم العربات المصفحة التي يستخدمها المقاتلون الأكراد والعرب.

وبين الفينة والأخرى، يندفع جنود أميركيون بسياراتهم عبر القطعان في مشهد يوحي بأن للجيش الأميركي حضورا بائنا في جبهة الرقة. فهناك نحو ستمئة جندي من القوات الأميركية الخاصة ملحقون بقوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا، وهو عدد قد يرتفع قبل أن تكتمل التحضيرات للمعركة.

وكان أحد هؤلاء الجنود قُتل يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني كأول ضحية أميركي يسقط في الحرب السورية. وجاء مقتله في قرية تل السمان جراء انفجار لغم يعد من الفخاخ الملغومة التي أصبحت سمة مميزة لدفاعات تنظيم الدولة ضد تقدم أعدائه في العراق وسوريا.

ويقترب المقاتلون الأكراد والعرب الذين يشكلون قوات سوريا الديمقراطية شيئا فشيئا من معقل تنظيم الدولة، لكن استرداد المدينة ما يزال يفتقر لأي خطة.

المصدر : واشنطن بوست