غارديان: الموت يطارد سكان حلب لكنهم يحبون الحياة

الطائرات الروسية والسورية تستهدف مستشفيين بحلب
القصف المستمر لمدينة حلب جعلها مدينة أشباح (الجزيرة)

علقت مقالة بصحيفة غارديان على مجريات الأحداث في حلب بأن الأسبوع الماضي كان مختلفا تماما عن السنوات الخمس الماضية، حيث يبدو أن نظام الأسد يحاول إبادة ما تبقى من شرق المدينة التي غالبا ما يشار إليها بأنها أخطر مدينة في العالم وليس هناك مهرب هذه الأيام من هذا الرعب.

وأشارت كاتبة المقالة وعد الخطيب، وهي صحفية سورية مقيمة بحلب، إلى ما كتبته صديقة لها قبل شهر أثناء الحصار الأول قائلة "لم نعد بحاجة لضبط المنبهات للاستيقاظ في الصباح، فالصواريخ والبراميل المتفجرة أصبحت هي المنبهات التي تقوم بهذه المهمة".

وتروي الخطيب أن هذا الأمر صار واقعا يوميا، والمحظوظون فقط هم الذين يستيقظون أحياء، وسماع دوي القصف في الليل هو دليل على الأقل على أن الشخص لا يزال يتنفس الهواء وليس الغبار المنبعث من المنازل التي أصبحت خرابا أو رائحة الدم واللحم المنبعثة من أفراد الأسرة.

وقالت إن الجميع اعتقدوا أن حصار المدينة الذي دام 72 يوما انتهى بلا رجعة وأنه تم صد النظام وإخراجه منها، لكن يبدو الآن كما لو أن بشار الأسد يخطط لكسرنا نهائيا.

وأضافت أنه خلال الأيام الثلاثين الأولى حاول الجميع إشغال أنفسهم والحفاظ على الروح المعنوية عالية رغم العبء النفسي الهائل جراء الحصار، حيث كان الناس يزرعون الفاكهة والخضروات في بيوتهم، والذين يعيشون في الجزء المحاصر من المدينة كانوا أيضا يحاولون تأمين مصادر طاقة بديلة.

‪من المشاهد التي أصبحت اعتيادية في شوارع حلب المحاصرة هذه الأيام‬ من المشاهد التي أصبحت اعتيادية في شوارع حلب المحاصرة هذه الأيام (ناشطون)
‪من المشاهد التي أصبحت اعتيادية في شوارع حلب المحاصرة هذه الأيام‬ من المشاهد التي أصبحت اعتيادية في شوارع حلب المحاصرة هذه الأيام (ناشطون)

واستطردت الكاتبة أن الحصار الحالي يبدو مختلفا عن سابقيه، حيث بلغت المعنويات الحضيض وقلت الموارد والمؤن الأساسية، ونظرا للنقص الشديد في الأطباء تركت هي وأسرتها منزلهم للعيش في المشفى القريب حيث يعمل زوجها طبيبا فيه.

وعن المدينة تقول الخطيب إنها فرغت من أهلها وأصبحت مدينة أشباح ولم تعد تعكس روح حلب على الإطلاق، وخلال الغارات الأخيرة فقدنا بعض الجيران المقربين وكنا نشيع جنائزهم ونترحم عليهم ثم ندفنهم ويتكرر الأمر مع مزيد من الشهداء.

أما عن الهدنة الأخيرة التي دار الحديث عنها فتقول الكاتبة "كنا نأمل أن تتحقق وتصمد لنتنفس بعض الهواء النقي الخالي من الغازات السامة التي استهدفت كثيرا من المناطق في الأحياء المجاورة"، وبدأت الهدنة ولم تتغير سمات مدينة الأشباح في اليوم الأول، لكن في الأيام القليلة التالية اختلف الأمر تماما وكان أشبه بالسحر، حيث اكتظت الطرقات والأسواق والمتنزهات بالناس والأطفال الذين كانوا يلعبون سعداء كما لو كنا في الجنة.

ورغم حدوث بعض الخروقات إلا أنها لم تكن خطيرة، ولكن بمجرد أن أعلن النظام انتهاء الهدنة استقبل المشفى عددا من المصابين بينهم أطفال.

وختمت الخطيب بأن كل يوم يمر الآن تزداد فيه الحياة سوءا، وليس هناك ماء ولا كهرباء ولا وسائل نقل، والمشافي والمخابز بالكاد تظل مفتوحة، والغارات تزداد كثافة، والقصص الحزينة كثيرة عن أسر أبيدت بالكامل أو أطفال تيتموا وأصبح الموت أقرب للجميع من حبل الوريد.

المصدر : غارديان