إندبندنت: السخرية سلاح ضد الأقوياء وليس المهمشين

صحيفة "شارلي إيبدو" تصدر من جديد بثلاثة ملايين نسخة

لا تزال ردود الفعل المتباينة بشأن الهجوم على الصحيفة الفرنسية الساخرة تتصدر عناوين أبرز الصحف الأميركية والبريطانية الصادرة اليوم.

فقد علقت الكاتبة وأستاذة الصحافة بالجامعة الأميركية في دبي ياسمين بحراني في مقالها بصحيفة واشنطن بوست أن العديد من الناس في دبي وجدوا في الغلاف الجديد لصحيفة شارلي إيبدو مجرد استمرار لنزعة  الإهانة وتحدي المسلمين منذ زمن طويل، حتى إن أحد طلابها المؤيدين لحرية التعبير وصف الكاريكاتير الجديد بأنه سخيف وصبياني، وقال آخر "يبدو أنهم يبحثون عن المتاعب".

واشنطن بوست:
لماذا كل هذا الاهتمام الزائد بمقتل 17 شخصا بينما يُقتل الآلاف في غزة وسوريا والعراق ونيجيريا وفي أماكن أخرى؟ ولماذا يحضر زعماء العالم تأبين ضحايا الصحيفة ولم يأتوا إلى باكستان عندما ذبح 132 طالبا في ديسمبر/كانون الأول الماضي؟

واعتبرت الكاتبة أن "أحد خسائر محنة فرنسا هو تدهور العلاقة بين المسلمين والغرب وتزايد الهجوم على المسلمين"، وتساءلت لماذا كل هذا الاهتمام الزائد بمقتل 17 شخصا بينما يُقتل الآلاف في غزة وسوريا والعراق ونيجيريا وفي أماكن أخرى؟ ولماذا يحضر زعماء العالم تأبين ضحايا الصحيفة ولم يأتوا إلى باكستان عندما ذبح 132 طالبا في ديسمبر/كانون الأول الماضي؟

وفي سياق متصل كتبت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور في افتتاحيتها أن غلاف العدد الأول للصحيفة، بعد الهجوم عليها، ساخر ومهين لكثيرين، وأنه لا ينبغي أن نسيء إلى المسلمين بنشر رسوم مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم). ومع ذلك ترى الصحيفة أن عنوان الغلاف "الكل مغفور" إشارة إلى عدم كراهية العاملين بالصحيفة لمن هاجموهم، وأنه جدير بالملاحظة وينبغي عدم إغفاله لأنه قد يكون درسا مفيدا لأنواع أخرى من الصراعات في العالم.

وأشارت الصحيفة إلى حادثة اعتبرتها قمة التسامح والغفران في التاريخ المعاصر من فرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية تجاه ألمانيا التي سعت للتعلم من ماضي حربها، وقالت إن إعادة توثيق العلاقة بين هذه الدول ساعد في توفير الأساس لعقود من السلام في أوروبا.

ومن صور التسامح أيضا أشارت إلى عرض أميركا على إيران الاعتذار لها عام 2000 على دورها في انقلاب عام 1953، "لكن إيران لم تقبل ولم تظهر روحا ودية"، وكذلك عدم إظهار الصين أي تسامح تجاه اليابان رغم اعتذار طوكيو الرسمي على حقبتها الاستعمارية وسجلها الحربي.

ومن جانبها نشرت صحيفة إندبندنت أن السخرية التي تجسدها صحيفة شارلي إيبدو سلاح يستهدف الأقوياء ويعزز الديمقراطية لكن إشهاره ضد الأقلية المهمشة والمحرومة عمل قاس ومسبب للشقاق، وأنصاره يهددون المبادئ الديمقراطية التي يدعون أنهم يدافعون عنها.

وترى الصحيفة أن الواجب يقتضي مناقشة هذه الأحداث المجتمعية الحساسة بموضوعية، وقالت إن الإشادة بالرسوم الكاركاتيرية وحرية التعبير تتجاهل الدور الذي ربما لعبته الصحيفة في جعل كره الأجانب أمرا طبيعيا في فرنسا حيث إنها ساهمت بطريقة ساخرة في إغلاق النقاش وفشلت في الاعتراف بحقيقة أن حرية التعبير لها ثمنها الباهظ.

المصدر : الصحافة الأميركية + الصحافة البريطانية