بين مصر والهند والصين والازدهار شروط

توماس فريدمان - كاتب وصحفي - جريدة نيويورك تايمز - من واشنطن - الإنتخابات والطاقة - عبد الرحيم فقراء 2008/10/13
undefined

عقد كاتب أميركي مرموق مقارنة بين ثلاث دول ذات نفوذ إقليمي نسبي هي الهند والصين ومصر، ليقف على أي منها ستحقق ازدهارا لشعبها وأي منها ستخفق في ذلك.

وعلى غير عادة الكُتاب في مثل هذه الحالات، استهل توماس فريدمان مقاله بصحيفة نيويورك تايمز بنتيجة المقارنة بدلا من الاستغراق أولا في الحيثيات والمعطيات.

وخلص إلى أن الهند لها حكومة مركزية ضعيفة لكنها تملك مجتمعا مدنيا قويا حقاً، يمور حيوية في الانتخابات. وللصين حكومة مركزية قوية ومجتمع مدني ضعيف يسعى جاهدا للحصول على مزيد من حرية التعبير.

أما مصر، يقول فريدمان "فوا حسرتاه عليها، فهي بحكومة ضعيفة ومجتمع مدني في غاية الضعف ظل طوال 50 عاماً مقموعاً ومحروما من انتخابات حقيقية، ومن ثم بات فريسة سهلة لجماعة انحرفت بثورته، وهي حركة الإخوان المسلمين التي استطاعت تنظيم نفسها من المكان الحر الوحيد وهو المسجد".

بيد أن للدول الثلاث -كما يستدرك فريدمان- قواسم مشتركة فيما بينها وتتمثل في شريحة ضخمة من الشباب دون سن 30 عاما، الذين يزداد تواصلهم مع بعضهم بعضا عبر التكنولوجيا لكنهم متفاوتون في المستوى التعليمي.

ويرى الكاتب المعروف أن الدولة التي ستزدهر دون غيرها من بين الدول الثلاث في القرن الحادي والعشرين ستكون تلك التي تحقق نجاحا أكثر من الأخريين في تحويل شبابها إلى "شريحة سكانية" تحرص على أن تكون منتجة في كل زمان، في مقابل "قنبلة ديمغرافية تنفجر في كل وقت".

ذاك هو المجتمع الذي يمنح شبابه مزيدا من فرص التعليم والعمل وحرية التعبير في سعيه لاستغلال إمكاناته كلها.

ويخاطب فريدمان القارئ قائلا إذا كان بلدك لديه حكومة قوية أو مجتمع مدني قوي، فعندئذ سيكون قادرا على أن يصبح على قدر التحدي. إما إذا لم تكن لديه أي منهما فإنه سيواجه مشكلات حقيقية، "وهنا يكمن السبب الذي يجعل مصر تكابد".

ويقول الكاتب إن الصين لها الريادة في توفير فرص التعليم والعمل والبنية التحتية للشباب، لكنها "تتخلف في إطلاق الحريات". أما الهند فهي الحالة الأكثر إثارة للفضول لو استطاعت السيطرة على آلية الحكم وكبح جماح الفساد.

ويستشهد فريدمان بتصريح لوزير الدولة الهندي للموارد البشرية والتنمية شاشي تارور الذي قال فيه إن للهند اليوم 560 مليون شاب تحت 25 عاما و225 مليونا تتراوح أعمارهم بين سن 10 و19 سنة، "لذا فإنها ستتمتع في غضون 40 سنة القادمة بشريحة شابة من السكان في سن العمل"، في حين سيهرم سكان الصين والعالم الصناعي.

وطبقا لتارور فإن متوسط الأعمار في الصين يبلغ اليوم 38 عاما، في حين يتراوح المتوسط في الهند في حدود 28 عاما، وستزيد تلك الفجوة بشكل أكبر في السنوات الـ20 المقبلة.

وختم فريدمان مقاله بالقول إن الهند كدولة لن تزداد منعة إلا إذا التحقت صفوة مجتمعها بالحكومة، ولن يكون للصين مجتمع قوي إلا إذا انضم كبار موظفيها إلى القطاع الخاص. أما مصر فلم يأت الكاتب على ذكر لها، ناسياً أو متناسياً. الله أعلم. 

المصدر : نيويورك تايمز