حادثة الجزائر قد تضعف نفوذ رئيس المخابرات
إن كان ثمة أحد في الجزائر يعرف القصة الكاملة لما حدث في منشأة عين أميناس لإنتاج الغاز في الصحراء فهو الجنرال محمد مدين، الذي يؤثر بطبعه الصمت.
وبينما تتردد أصداء حادثة احتجاز الرهائن في أرجاء شمال أفريقيا، يشرف رئيس إدارة الاستخبارات والأمن، الذي تصفه صحيفة غارديان البريطانية بالرجل الغامض، على عملية تعقب المقاتلين الذين دبروا ونفذوا اقتحام المنشأة.
وقاد نائبه، الجنرال بشير طرطاق، العملية التي أنهت أكبر حدث "إرهابي" يقع في الأرض الجزائرية، مما هدد صادرات البلاد الحيوية من الغاز إلى الغرب. وقد اشتُهِر طرطاق "بقسوته وطموحه".
أما مدين، المعروف أيضا باسم توفيق، فقد ظل بعيداً عن الأضواء رغم أن الصحيفة البريطانية تعتبره أقوى رجل في البلاد بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وربما المرشح لخلافته، بل إن البعض -بحسب الصحيفة- يرى أنه أقوى حتى من الرئيس نفسه.
وفي الوثائق التي كشفها موقع ويكيليكس الإلكتروني، قال دبلوماسيون أميركيون في إحدى البرقيات "إن الجزائر ظلت تُحكَم بالتناوب ومن خلف الكواليس من قِبل مجموعة متنوعة من رجال السلطة، وإنه اتضح أكثر فأكثر أن هذه المجموعة تتألف أساسا من مدين وبوتفليقة".
وعلقت غارديان بالقول إن بوتفليقة البالغ من العمر 75 عاما، كان غائبا طوال الأزمة حيث كان يخضع للعلاج الطبي في جنيف بسويسرا.
وتقول مصادر مطلعة إن مدين والجيش أبقيا بوتفليقة خارج الصورة تعبيرا عن غضبهم لما تسرب من أنباء من باريس بشأن موافقته السماح للطائرات الفرنسية بعبور الأجواء الجزائرية لمهاجمة "المتمردين الإسلاميين" في مالي.
وأشارت الصحيفة إلى أن صور مدين، (73 سنة) المعتل الصحة، نادرا ما تُنشر. وقال عنه محلل أوروبي إنه يلتقي رؤساء أجهزة الأمن في الدول الأخرى مثل "فرنسا وأميركا وروسيا وربما السعودية وحتى مصر، لكنه لا يقابل سوى كبار المسؤولين فقط".
وُلد محمد مدين في منطقة القبائل عام 1939 وعمل في جيش الاحتلال الفرنسي قبل أن ينشق عنه عقب اندلاع الثورة الجزائرية بقيادة جبهة التحرير الوطني في 1954. وتلقى مدين تدريبه على يد المخابرات الروسية (كي جي بي) ورُقِّيَ بعد أحداث الشغب في 1988 ثم أصبح رئيسا لإدارة الاستخبارات والأمن في 1990 ليكون ربما أقدم مسؤول يتولى رئاسة جهاز مخابرات في العالم.
وفي ظل قيادته تمكن جهاز المخابرات من اختراق بعض الجماعات المسلحة، واتُهم بارتكاب مجازر للنيل من سمعة أعدائه الذين التحق بعضهم فيما بعد بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
ومضت الصحيفة إلى القول إن أحداث عين أميناس ربما تكون قد أضعفت رئيس المخابرات "المخضرم". ويقول المستشار في الشؤون الجزائرية، جورج جوف، إن بوتفليقة "تخلص من كثير ممن عارضوه لكنه ظل عاجزا عن إيقاف إدارة الاستخبارات والأمن عند حدها".