الحرب السورية تترك أثرها على الأطفال

Syrian refugee girls head to school on November 27, 2012 in the Oncupinar camp in Kilis, southern Turkey. More than 120,000 Syrians have crossed into Turkey to flee the deadly violence that has engulfed
undefined

لو ساقتك قدماك صوب أي مدرسة مخصصة للأطفال السوريين اللاجئين في مدينة أنطاكية التركية، ستجد جدران حجرات الدراسة قد ازدانت برسوم ملونة.

وما إن تمعن النظر فيها حتى تكتشف أنها مشاهد لمجزرة تظهر فيها طائرات تُلقي قنابلها، وجنود يطلقون النار على المدنيين، ومنازل التهمتها ألسنة اللهب، ودبابات تمشط الشوارع التي تحفها الزهور.

يقول مصطفى شاكر -وهو مدير مدرسة سابق في دمشق يدير حاليا مدرسة قوامها 300 تلميذ سوري في أنطاكية القريبة من الحدود السورية- إن أفكار أطفال اللاجئين مصبوغة باللون الأحمر، لون الدم.

ويضيف "حتى العديد من لوحاتهم الفنية رُسمت باللون الأحمر".

وتورد صحيفة واشنطن بوست الأميركية في تقريرها الميداني أن الانتفاضة السورية ضد الرئيس بشار الأسد، التي أكملت الآن 21 شهرا منذ اندلاعها، تركت أثرا عميق الغور ومقلقاً أحيانا على الأطفال.

فقد اقتُلِع مئات الآلاف من الأطفال من بيوتهم ليفروا مع عائلاتهم بعدما شهدوا أمام أعينهم الموت والدمار الذي لحق بالمباني والأحياء السكنية التي كانت يوما رمزا للأمان والتلاحم.

ويواجه العديد من الأطفال، الذين بقوا في سوريا، قصف القنابل ونقص الطعام والشتاء القارس وهم محرومون من وقود التدفئة والدراسة.

وفي خيام اللجوء التي يقيمون فيها تراود هؤلاء الصبية الصغار أفكار سوداء. فهذا ماهر -الطفل الذي لم يتجاوز العاشرة من العمر ويقيم في مخيم للاجئين في بلدة يايلداغي التركية- يقول إن شقيقته الصغرى حلمت ليلة أمس أنها رجعت إلى سوريا فقتلت بشار ثم قفلت عائدة.

ويبذل الآباء والمنظمات الإنسانية قصارى جهودهم لمد يد العون لهؤلاء الأطفال. فالعديد من مدارس اللاجئين بها حجرات للعب وحصص للفنون لحث الأطفال على التعبير عما يجيش في صدورهم من مخاوف قبل أن تبدأ بعد ذلك برامج لمساعدتهم في استعادة حياتهم الطبيعية.

غير أن تلك المخيمات تواجه نقصاً في العاملين المدربين في علم النفس. فالمدارس، التي يشتغل فيها مدرسون وإداريون سوريون فروا هم أنفسهم من العنف في بلادهم، ظلت تستعين بمتطوعين للقيام بدور الأخصائيين النفسانيين.

ومن أمثلة التلاميذ الذين يعانون نفسيا، طفل حلبي في الثامنة من العمر رفض أن ينبس ببنت شفة طيلة أسبوعين من وصوله إلى مخيم اللاجئين في أنطاكية. وعندما فتح الله عليه بكلمة أخيرا قال "إنهم أحرقوا مدرستي".

فتاة أخرى تدرس بالصف الأول ورأت دبابة تدهس قدم عمها، ظلت تتغيب مرارا عن الدراسة، وإذا حضرت تعود إلى مسكنها وقد ارتفعت حرارة جسمها.

وعلى الرغم من أن بعض الأطفال في المخيمات تظهر عليهم أعراض اضطرابات نفسية، فإن المسؤولين بالمدارس وعلماء النفس يقولون إن عددهم لا يزال صغيرا. وتوحي التجارب التي عاشها نظراؤهم في الضفة الغربية وقطاع غزة ونيكاراغوا وكمبوديا بأن معظمهم سيعود لسيرتهم الأولى من دون مضاعفات مزمنة.

المصدر : واشنطن بوست