الليبو في السنغال.. منظومة الدين والطبقية والشياطين

جيراف أو رئيس مجموعة اللبو السنغالية (الجزيرة نت)
رئيس الليبو تحدث عن تاريخ مجموعته وعن توظيفه الشياطين في طرد الشر وجلب الخير (الجزيرة)

محمد الأمين-داكار

بأزيائه المزركشة وتمائمه الغريبة، وفي بيته المكون من "فيلا" متوسطة وسط العاصمة السنغالية داكار، يستقبل رئيس مجموعة الليبو يوسو أندوي زواره بلطف وترحاب.

منذ قرون تحافظ مجموعة الليبو على تقاليدها العرقية وقوانينها الاجتماعية الصارمة، وترفض الذوبان في المدينة والانصهار في العولمة الطاغية، فخصوصية الأزياء والفنون والحفلات والتراتبية الاجتماعية ومركزية القيادة؛ كلها أمور يتمسك بها الليبويون عبر الزمن، وتصمد أمام استحقاقات المدينة.

يقول العارفون بالتاريخ السنغالي إن مجموعة الليبو قليلة العدد نسبيا -تزيد على مئة ألف نسمة- هم ملّاك أرض داكار الأصليون، وخاصة من يعرفون بـ"كاب فير".

وينحدر هذا التجمع من أهم مناطق شبه الجزيرة المطلة على المحيط الأطلسي، وتعود سلطتهم الفعلية هناك إلى مطلع القرن السادس عشر، فقد أسسوا سنة 1601 مدينة "وَاكَامْ" التي أصبحت اليوم إحدى مناطق داكار، كما بنوا دولة إسلامية خلال القرن الثامن عشر وفق بعض المصادر التاريخية المحلية.

يقول يوسو أندوي رئيس المجلس الأعلى لمجموعة الليبو إن أجداده أسسوا حكمهم في هذه الأرض منذ عام 1600 للميلاد، وإنهم اليوم يشكلون نظاما يشبه نظام الدول، فهناك رئيس ووزير للداخلية ووزير للدفاع ووزير للشؤون الاجتماعية، ومن خلال هذه المنظومة يقومون بواجبات مجتمعهم مثل مساعدة المحتاجين والدفاع عن أبناء المجموعة واستثمار الأرض واستغلالها وإكرام الضيوف.

أمجاد الشعوذة
وضمن حديثه عن تاريخ أجداده وأمجادهم، يتطرق يوسو أندوي لدور السحر والتمائم والشعوذة في الحكم في مجتمعه.

ويبرز الكثير من التمائم الغريبة الأشكال، ويوضح أن بعضها تم جلبه من خارج البلد وبالتحديد من دولة بنين، أما أغلبيتها فمن السنغال.

ويرى أندوي -الذي يلقب بـ"جيراف"- أن هذه التمائم تحميه من مخاطر الأعداء ومن الكثير من البلايا والشرور، وتسخّر له بعض الشياطين والقوى الخفية التي يستخدمها أحيانا وتنقل له بعض الأخبار، ويبعد من خلالها الشر عن جماعته وبلده.

ويعتقد "جيراف" أنه جدير بالقيادة، فهو يحل مشاكل الناس ويساعدهم ويتصرف كما يتصرف أي قائد كفء.

‪وزير الصحة السنغالي‬ (وسط)(الجزيرة)
‪وزير الصحة السنغالي‬ (وسط)(الجزيرة)

وتقول بعض مصادر التاريخ السنغالي إن مجموعة الليبو تنحدر من مجموعات عرقية قدمت من مصر إلى منطقة غرب أفريقيا منذ قرون، وهذا هو رأي المفكر الراحل الشيخ آنتا جوب.

غير أن رئيس المجموعة لا يستبعد أن تكون كلمة اللّيبو مشتقة من النسبة إلى ليبيا، وأن مجموعته قدمت إلى السنغال من مناطق ليبية قبل قرون، وقد طغت هذه النزعة خلال العقود الأخيرة وتم بناء نوع من الجسور مع ليبيا.

طبقية صارمة
ويشرح واقع مجموعته تاريخيا وسياسيا واجتماعيا بقوله "نحن سكان الأرض الأصليون، نظامنا الاجتماعي يضمن بقاءنا دون ذوبان في عالم اليوم".

ويضيف "رغم وجود مسؤولين كبار فينا (وزراء) وموظفون سامون في البلد، حتى إن كان تعييناتهم لا تأتي بناء على انتمائهم الاجتماعي، ورغم انشغال كثير منا في التعليم والثقافة؛ فإننا نهتم بالزراعة والصيد البحري بشكل كبير، وهذا جانب من تعلقنا بالأرض".

وفي الجانب الاجتماعي يروي أن أفراد مجموعته لا يتزوجون إلا من علية القوم، "فلا نقبل زواج بناتنا من العبيد السابقين أو من الصناع اليدويين أو من الطبقات الدنيا، إن الليبو علية القوم ولا يصلحون لغير نظرائهم".

المصدر : الجزيرة