الدراجات الهوائية وسيلة السوريين للتعايش مع الأزمة

مشهد المرأة وهي تقود الدراجات الهوائية أصبح مألوفا في دمشق- مصدر الصورة: سيلين أحمد
مشهد المرأة تقود الدراجات الهوائية أصبح مألوفا في دمشق جراء الأزمة (الجزيرة)

سيلين أحمد-دمشق

لم تعد أزمة المواصلات كابوسا يؤرق الشاب السوري محمد كل صباح، خصوصا مع الازدحام الحاصل على الحواجز العسكرية، إذ مثلت الدراجة الهوائية طوق نجاة له من كارثة خصم نصف معاشه نتيجة تأخره المتواصل عن العمل.

اعتاد محمد (33 عاما)، وهو أحد سكان حي ركن الدين بدمشق، رغم اكتناز جسده قيادة دراجته البنفسجية متوجها إلى عمله الكائن في حي المزة. اضطر إلى استدانة المال لشرائها بمبلغ 20 ألف ليرة سورية (107 دولارات) منذ شهر تقريبا، لكنه يؤكد أن جهوده لم تذهب سدى.

ويقول محمد للجزيرة نت "مع أول أسبوع من قيادة الدراجة تحولت إلى أول الواصلين إلى العمل، أصبحت أوفر مصروف المواصلات الذي يتراوح بين 100 و150 ليرة يوميا، إضافة إلى اختصار وقتي على الحواجز العسكرية، فالدراجة تمكنني دائما من الانسلال بين زحمة السيارات وصولا إلى المقدمة".

وقد كانت الدراجات الهوائية وسيلة لتنقل البسطاء في دمشق، لكن مع قرار وزارة الداخلية الأخير بتعديل سعر لتر البنزين من 120 إلى 140 ليرة سورية، ورفع سعر لتر المازوت حتى 80 ليرة، اختار العديد من السوريين استبدال دراجات هوائية من الحافلات، محاولة منهم للتعايش مع تبعات الأزمة.

لم يعد غريبا مشهد الدراجات الهوائية المزاحمة للسيارات في شوارع دمشق، بل لم يعد مفاجئا مشاهدة فتيات ونساء يقدن تلك الدراجات

فئات مختلفة
ولم يعد ركوب الدراجات مقتصرا على فئة الشباب، فزياد الحسين ذو الخمسين عاما هو أحد سكان بلدة دمر بدمشق وصاحب دكان متواضع في سوق الحميدية، لم يمنعه تقدمه في السن من قيادة دراجته ساعتين يوميا، ويواظب كل أسبوع على غسلها وتنظيف لوحتها خوفا من عناصر الحواجز.

ويؤكد الحسين في حديث للجزيرة نت "عند شرائي الدراجة توجهت إلى المحافظة حيث سجلتها ورخصتها مباشرة، كثيرا ما يتعجب الناس عند رؤيتهم لعجوز يعتلي دراجة ويرتدي خوذة، لكني تعودت ذلك".

ولم يعد غريبا مشهد الدراجات الهوائية المزاحمة للسيارات في شوارع دمشق، بل لم يعد مفاجئا مشاهدة فتيات ونساء يقدن تلك الدراجات.

فحنان (40 عاما) تحولت الدراجة إلى وسيلة نقلها المفضلة، تقودها أغلب الأحيان لشراء حاجياتها من مركز المدينة، حسب قولها.

وتضيف للجزيرة نت "لم يألف مجتمعنا بعد قيادة المرأة للدراجة الهوائية، كثيرا ما أتعرض لتعليقات ساخرة من قبل الرجال، لا أعيرها أي اهتمام، فالأزمة التي نعيشها هي التي فرضت علينا أن نتكيف معها".

مع رفع سعر المحروقات اختار العديد من السوريين استبدال الحافلات والسيارات بدراجات هوائية، محاولة منهم للتعايش مع تبعات الأزمة

تتنقل حنان بدراجتها بين الحارات التي يستعصي على السيارات دخولها، متجاهلة نظرات الناس إليها رغم ارتدائها للحجاب والمعطف الطويل، لكن توفير المال واختصار معاناة المواصلات هو ما يهمها بالدرجة الأولى، على حد قولها.

تجارة رابحة
وبعد أن كان مؤمن يشكو القلة والذلة، انتعشت تجارته في ورشة إصلاح الدراجات المتمركزة في حي ركن الدين، ويقول -بينما كان منهمكا في إصلاح إحداها- "لقد كنت موشكا على إغلاق الورشة، لكن الوضع تغير الآن، أصبحت أستقبل العديد من الزبائن يوميا خصوصا الشبان الجامعيين منهم.

ومع المتغيرات الجديدة ينوي مؤمن توسيع تجارته -كما يقول- لتشمل بيع الدراجات الهوائية التي تترواح أسعارها بين 20 و30 ألف ليرة فيما يبدو له أن السوريين بدؤوا بهجرة السيارات والحافلات.

المصدر : الجزيرة