غجر العراق من الرقص للتسول

غجريه .. هذه هي حال الدنيا - الصورة خاصة بموقع الجزيرة نت ومن تصوير عبد الكريم عبد الذي يعمل لحساب مراسل الجزيرة نت في بغداد - غجر العراق - رحيل نحو المجهول - فاضل مشعل
غجرية: نعاني الجوع والتسول والهرب من الموت  (الجزيرة نت)
فاضل مشعل-بغداد
 
لم يبق من الغجر في بغداد سوى بضعة أشخاص يقطنون تحت مسقفات الجسور أو في العراء، فمعظم المتسولين في الساحات وتقاطعات الطرق بالعاصمة العراقية من بقايا الغجر الذين فشلوا في الهرب بعد الغزو الأميركي للعراق.
 
ويروي بعض الغجر للجزيرة نت كيف تخلى أبناء جلدتهم عن مهنة الأجداد في الرقص والغناء بعد طردهم من منازلهم في منطقة الكمالية شرقي بغداد.
 
ويقول حسن خيون -وهو صاحب فرقة موسيقية في بغداد- إن المتسولين في بغداد وهم من بقايا الغجر يرفضون الإعلان عن أنفسهم، مشيرا إلى أن أكثرهم غير اسمه ولقبه "وعاش غامضا وسط مجتمع قلق صعب المراس".
 
وعلقت سيدة غجرية في العقد الأربعيني -رفضت الكشف عن وجهها خوفا من أن يتعرف عليها الناس– على ما حدث لأبناء جلدتها قائلة "كان جدي يحترف صنع الخناجر والأقراط والخواتم وأدوات الزينة النسائية شأنه شأن بقية القوم ويصنع أيضا أسنان الذهب والفضة ويتجول ببضاعته بين القرى والمدن بكل احترام".
 
وتضيف السيدة "أما الآن فالحال تغير، حيث هرب أعضاء الفرق الفنية والراقصات وتخلى الغجر عن صنع الخناجر"، مشيرة إلى أن من غادر العراق منهم يتنقلون بين دول الخليج وبقية دول جوار العراق ويقدم بعضهم "الرقص والغناء بكل احترام".
 
ووصفت حال من بقي داخل العراق من الغجر والغجريات بمعاناة من "التسول والجوع والهرب من الموت، فهذه هي حال الغجر في كل العصور، رحالون دائما".
 
التخفي للنجاة
واختار مزهر عكار (34 عاما) الاختباء ببغداد بعد ما وصفها بالفجيعة التي تعرض لها أبناء جلدته الغجر على يد "متعصبين دينيين" بعد غزو العراق، وامتهن صنع الكعك البلدي في غرفة استأجرها من بيت متعدد الغرف بدلا عن مهنة أجداده في الغناء والرقص ليتجنب "القصاص" الذي يلوح به أتباع الجماعات الدينية.
 
وبعد إلحاح مراسل الجزيرة نت للمقابلة، اصطحب عكار -الذي اختار اسما ولقبا مزيفين- جده العاجز عن الحركة والذي كان السبب وراء قرار بقائه متخفيا ببغداد ليشرف على رعايته.
 
واختصر العجوز الذي قال إن اسمه جبار مالك (83 عاما) الحديث عن حال الغجر في بغداد، مشيرا إلى أنه يسكن في هذه الغرفة الضيقة منذ سبع سنوات مع ابنه وزوجة ابنه الآخر مقابل 150 ألف دينار شهريا (نحو 140 دولارا) وذلك بعد أن صودرت خمسة بيوت يملكها في حي الكمالية المخصص سابقا لسكن الغجر.
 
ويتساءل العجوز مالك "لماذا الفن الغجري والغجريون مطاردون؟ لماذا تسلب أموالهم ويقتلون بتهمة الغناء والرقص واحتراف تقديم البهجة للناس؟، في وقت يصبح الغناء والرقص عند غيرهم ميزة اجتماعية يحترم صاحبها".
 
تفاصيل معاناة
ويستعرض منير غانم -وهو غجري هرب من بغداد مع عائلته وسكن مدينة دهوك بشمالي العراق منذ سبع سنوات- بعضا من تفاصيل معاناة الغجر في العاصمة العراقية، ويروي للجزيرة نت كيف أن مجاميع من الشباب هاجموا منازل الغجر في منطقة الكمالية بعد ساعات من احتلال بغداد عام 2003 وسرقوا ونهبوا وأحرقوا تلك المنازل.
 
وأشار إلى أن أولئك الشباب طردوا الغجر من بيوتهم، وهددوا من يرفض الرحيل بالقتل الفوري.
 
وأضاف غانم أن بعض الفارين استطاعوا تكوين تجمع سكاني بسيط في منطقة كردستان العراق بعد الحصول على مساعدات من إدارة الإقليم وتأسيس مركز ثقافي بهدف رفع المستوى الثقافي للغجر وتعليمهم أصول الكثير من الفنون التي يجيدونها بالفطرة.
 
ويقوم مختصون في المركز الثقافي للغجر بإلقاء محاضرات في الثقافة والفكر والعلوم المختلفة لنحو مائتي منتسب إلى المركز الموجود حاليا في مدينة دهوك.
المصدر : الجزيرة