تقرير: التعدين على القمر استثمار مربح ينتظر المبادرة


undefined

يعتقد العلماء أن الفضاء يزخر بثروات معدنية يسيل لها لعاب المستكشفين والباحثين, وأنه ينتظر قدوم من يستكشفه ويستثمره. ويحدد العلماء بالأخص كوكب القمر إذ يعتبرونه المصدر البكر الذي مازال ينتظر أول هبوط على سطحه لأغراض تجارية.

ويتساءل الكثيرون هل من الممكن تعويض إمدادات الأرض المستنفدة من الجواهر والمعادن النادرة المجهولة بالنسبة للكثيرين مثل الأوزميوم والروديوم، بإرسال بشر أو حتى روبوتات إلى الفضاء لإقامة مشاريع تعدين على سطح القمر القاحل؟ وهناك عدد متزايد من الشركات الخاصة لا يرى مسوغا للانتظار حتى تتخذ حكومات العالم هذا السبق بل تتسابق فيما بينها لإرسال مهمات تعدين فضائية خاصة بها.


undefinedفقد قال مدير جمعية إرتيميس الدولية أيان راندال ستروك إنه ليس لدى الحكومات سبب يدفعها للعودة إلى القمر, "لقد كانوا هناك من قبل ولا يوجد سبب سياسي لكي يعودوا, لكن هناك الكثير من الأسباب التجارية الخاصة للعودة إلى هناك".

وتساعد الجمعية في تمويل مشروع لبناء قاعدة تجارية مأهولة في القمر، وتخطط لإرسال أولى رحلاتها في غضون السنوات العشر القادمة. وقال ستروك إن التكنولوجيا ليست هي المشكلة, بل المشكلة في كيفية جمع كم المال الهائل المطلوب، موضحا أنه "إذا توفر لدينا مال كاف فإن الأمر سيصبح مجرد مسألة تنظيمية".

وأضاف أن الجمعية تتوقع أن تكلف الرحلة الأولى 1.5 مليار دولار, مؤكدا أن أربع شركات تعمل وتجمع النقود وأنها سترسل إنسانا آليا مزودا بكاميرا في غضون عامين.

ويشار إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استغلال القمر والمبرمة عام 1979 بوصفها واحدة من اتفاقات دولية عديدة خاصة بالفضاء الخارجي، حاولت تحديد مجال الأنشطة الخاصة في الفضاء. ورغم ذلك فإن دولا عظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا لم تصادق على تلك المعاهدة.

ونصت الاتفاقية على أن أي ثروة من القمر تحصل عليها أي دولة تسير رحلات إلى الفضاء يجب توزيعها على شعوب العالم كافة. واتخذت شركات خاصة من مادة في الاتفاقية تشير إلى مصادر الفضاء على أنها إرث مشترك للإنسانية، مبررا لإضفاء الشرعية على جهودها للتعدين على سطح القمر والكويكبات.

والشركات الخاصة التي تتنافس لإنشاء أول منجم تجاري على القمر مقتنعة بأنه أيا كان ما تقوم بشحنه إلى الأرض فإنه في النهاية سيلقى سوقا رائجة. ولتعزيز مزاعمها تستشهد هذه الشركات بعملية بيع شهيرة لعينات قمرية روسية عرضت في مزاد في سوذبي بنيويورك عام 1993 حيث بيعت حصاة من حجارة القمر تزن أقل من قيراط مقابل 442 ألف دولار أي 2200 دولار للملغرام الواحد.

ووفقا لما تقوله شركة (أبلايد سبيس ريسورسيس) الخاصة فإن رحلة إلى القمر تكلف أقل من مائة مليون دولار يمكن أن تأتي بكمية من المواد القمرية يكون الطلب عليها في السوق كبيرا لدرجة تجعل عائد الاستثمار فيها جذابا للممولين. وتأمل الشركة التي يوجد مقرها في نيويورك بإرسال مركبة فضائية بلا رواد إلى منطقة من القمر لم تستكشف بعد والعودة بأول عينات قمرية إلى الأرض منذ أكثر من 25 عاما.


undefinedسوق رائجة
وقالت رئيسة الشركة دينس نوريس إن الأمر ممكن تحقيقه من الناحية التكنولوجية, "ونحن متأكدون أن السوق موجودة, إلا أن أكبر عائق أمامنا هو أننا نحتاج حوالي ثلاث سنوات ونصف السنة لإدماج كل العناصر معا". وأضافت "إذا سار كل شيء حسب الجدول المقرر فإننا سنرسل أولى رحلاتنا في غضون خمس سنوات", مضيفة أن الشركة ستحتاح عما قريب إلى تمويل قدره أربعة ملايين دولار.

ويؤمن العلماء بأن العناصر التي تشكل معظم كتلة الأرض موجودة أيضا في القمر وتشكل غالبية مكوناته. وتشير تحليلات لعينات من صخور القمر إلى احتوائها على مجموعة متنوعة من العناصر مع توافر كميات من غاز الأوكسجين والسيليكون.

وتصنف معادن الجرمانيوم والموليبدنيوم والتنغستين والرينيوم والذهب بين أندر المعادن لوجودها بنسب قليلة. كما توجد عناصر الكوبالت والنيكل والحديد والألومنيوم والمغنسيوم والمنغنيز والكالسيوم والصوديوم والتيتانيوم. لكن هناك ستة عناصر تعرف بمجموعة معادن البلاتين لها الأولوية من حيث المنفعة التجارية وهي الأريديوم والأوزميوم والبلاديوم والبلاتين والروديوم والروثنيوم.

ولكونها من أندر معادن الأرض تتميز عناصر مجموعة البلاتين بخصائص كيمائية وطبيعية فريدة تجعل منها مواد صناعية مهمة. وهي قيّمة بشكل خاص بسبب وظائفها وقابليتها لتوصيل التيار الكهربائي ومقاومتها للتآكل. وقالت نوريس إن هنالك "معادن وأحجارا كريمة معينة نعتزم العثور عليها لأن المعروض منها سيقل قريبا، وأهمها معادن مجموعة البلاتين التي ستشكل مشكلة حقيقية في كوكب الأرض مع انتشار تكنولوجيا خلايا الوقود".


undefinedوتستهلك خلايا الوقود التي يجري تطويرها كي تعمل دون وقود كمية من البلاتين تصل إلى عشرة أمثال استهلاك محركات الاحتراق الداخلي وذلك لاستخدامها كمواد محفزة. وإذا شاع استخدام خلايا الوقود فإن الطلب على البلاتين سيصل إلى أقصاه. وأضافت نوريس إن تلك المعادن تنتج في الغالب بتأثير الكويكبات على القمر.

ويقول علماء إنه سيكون من المستحيل التغلب على المشاكل العملية الكثيرة جدا التي قد تواجه من يعمل بالتعدين على القمر. وأكبر العوائق هو ندرة الماء المستخدم بكميات كبيرة في أغلب عمليات التعدين على الأرض والذي يعتقد أنه لا يوجد إلا في صورة جليد عند قطبي القمر. والماء مسؤول عن تشكيل الأرض بطبقاتها الغرينية واحتياطياتها المعدنية. هذا فضلا عن ندرة مماثلة في غاز الأوكسجين الذي يوجد على القمر لكن في صورة مركبات يصعب تحليلها، كما أن قلة جاذبية القمر تعني أن التعدين بواسطة الإنسان الآلي ربما يكون أكثر قابلية للاستمرار من إرسال بشر إلى الفضاء.

المصدر : رويترز