طفلة سورية طلبت بسكويتا.. فماذا أعطاها جيش النظام؟

أسينات ابنة الخامسة التي لم تنتظر والدها ليحضر لها البسكويت الذي طلبته ففارقت الحياة قبل ذلك (صحيفة تلغراف البريطانية)
أسينات ابنة الخامسة لم تنتظر والدها ليحضر لها البسكويت الذي طلبته وفارقت الحياة قبل ذلك (تلغراف)

خرج طارق الرز من منزله ليشتري بسكويتا لطفلته أسينات البالغة من العمر خمسة أعوام، عندما بلغته أنباء وقوع هجوم.

كانت قوات النظام السوري والمليشيات الشيعية المتحالفة معها تنقضّ حينها على منطقة ريفية قريبة من مدينة حمص، غير بعيد عن منزله المكون من غرفة واحدة حيث زوجته وطفلاه ينتظرون عودته.

وما إن تناهت أنباء الهجوم إلى مسامعه حتى استعار طارق دراجة بخارية من جاره ليهرع قافلا إلى منزله، وهناك وجد زوجته تقف في الحقل وهي تحمل بين ذراعيها جثمان ابنتهما أسينات وقد تخضب شعرها بالدماء.

أسينات ابنة الخامسة لقيت حتفها على مسافة لا تبعد سوى ساعة واحدة من أحد مستودعات الأسلحة الكيميائية التي دمرتها طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني فجر السبت.

ماتت أسينات بعد 36 ساعة من قصف طائرات "تورنيدو جي آر 4" هدفها، وعودتها أدراجها في قاعدة (أكروتيري) الجوية في قبرص.

قال طارق الرز لصحيفة ديلي تلغراف إن "الضربات البريطانية لم تفعل شيئا لإنقاذ ابنتي. إنني أعيش كابوسا وأرجو أن أستفيق منه".

وعلقت الصحيفة على مقتل أسينات قائلة إنه دليل على عجز الضربات التي شنها التحالف الغربي الثلاثي -المكون من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا– عن "إبطاء" عجلة الحرب السورية التي لا ترحم، أو تخفيف معاناة المدنيين في المناطق المحاصرة.

إذ عقب ساعات فقط من هجمات التحالف الثلاثي، عادت الطائرات السورية والروسية لتحلق في السماوات، وشوهدت قوات النظام البرية تحث السير مجددا.

يقول كبير المحللين بشركة "لو باك" الاستشارية مايكل هوروفيتز إن تلك المشاهد "توحي بأن الضربات لم تُخلف أثرا على الحرب الأهلية السورية، ولم يكن ذلك هدفها منذ البدء".

أُعيد جثمان أسينات في تابوت صغير إلى والدها الذي ضمه إلى صدره طويلا قبل أن يواريه ثرى مقبرة في بلدة الرستان، لكن البلدة والمقبرة التي تضم جثمان الصغيرة ربما تسقط في أيدي قوات النظام في غضون الأسابيع القليلة القادمة

وطوال السنوات الخمس الماضية، عاشت أسينات ووالداها وشقيقها فادي في جيب تسيطر عليه المعارضة المسلحة، يحدوهما أمل في أن يأتي يوم تضع فيه الحرب أوزارها ويُطاح فيه ببشار الأسد.

قبل نشوب الحرب كان طارق الرز (30 عاما) يمتهن الزراعة، لكنه الآن يقوم بأعمال صغيرة مختلفة وعابرة ليوفر لعائلته قوت يومها.

يقول الرز إن ابنته أسينات توسلت إليه ليشتري لها بسكويتا ظهر يوم الأحد، ولأنه لا يرفض لها طلبا، فقد انطلق إلى إحدى القرى المجاورة لعله يجد شيئا مما يريد، وبينما هو يبحث عن مبتغاه ذاع نبأ دنو قوات النظام من المنطقة.

"لقد أُصيبت في رأسها، وكان الدم ينزف حتى غطى وجهها وشعرها"، قالها الرز وهو يحتضن ابنته بين ذراعيه قبل أن يُسرع بها على دراجة جاره البخارية إلى مشفى الزعفرانة الواقع على بعد حوالي عشرة كيلومترات.

وفي المشفى بذل الأطباء كل ما في وسعهم لإنعاشها لكن دون جدوى، فقد كانت أسينات قد أسلمت الروح إلى بارئها، ولم يفلحوا في نهاية الأمر إلا في استئصال طلقة بندقية آلية اخترقت فمها.

إن محدودية المواقع التي استهدفتها ضربات التحالف الغربي أثارت حفيظة سوريين كثيرين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، هذا ما يراه مواطن من محافظة إدلب يُدعى أبو بشير، ويقول إن "الأسد أُطلقت يده ليُعمل فينا قتلا طالما أنه لا يستخدم سلاحا كيميائيا".

أُعيد جثمان أسينات في تابوت صغير إلى والدها الذي ضمه إلى صدره طويلا قبل أن يواريه ثرى مقبرة في بلدة الرستن، لكن البلدة والمقبرة التي تضم جثمان الصغيرة ربما تسقط في أيدي قوات النظام في غضون الأسابيع القليلة القادمة.

يقول الرز والحزن الممض يعتصره "سأظل أشعر بالأسى دوما لأنني لم أستطع أن أعطيها البسكويت الذي طلبته وكانت تنتظره".

المصدر : تلغراف