تشاتام هاوس: أزمة الخليج كاشفة لضعف نهج ترمب

U.S. President Donald Trump, Saudi Arabia's King Salman bin Abdulaziz Al Saud, and arab leaders pose for a photo during Arab-Islamic-American Summit in Riyadh, Saudi Arabia May 21, 2017. REUTERS/Jonathan Ernst
ترمب يتوسط زعماء دول مشاركة بالقمة العربية الإسلامية الأميركية التي عقدت بالرياض(رويترز-أرشيف)

قال باحثان في المعهد الملكي للشؤون الدولية ببريطانيا (تشاتام هاوس) إن الأزمة الخليجية أبانت عن ضعف نهج الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي لا يمكن التنبؤ به، وخلصا الباحثان في مقال لهما إلى أن رغبة ترمب في عدم إبداء مواقفه مسبقا قد يكون أمرا مقبولا في عالم المال والتجارة، لكنه يكون عامل ضعف في مجال صنع القرار السياسي.

وذكر جاكوب باراكيلاس نائب رئيس برنامج الولايات المتحدة والأميركيتين في المعهد وبيتر ساليسبري باحث أول في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمعهد نفسه أن نهج ترمب الذي لا يمكن التنبؤ به ينعكس على نزعته الفوضوية التي تبدو خالية من البعد الإستراتيجي، الذي تبدو آثاره في واشنطن وفي العالم.

وأوضح الباحثان أنه بخصوص أزمة الخليج فإنه يتساوى الجهل بالخطوة المقبلة لإدارة ترمب لحل هذه الأزمة مع كون أنه ليست في جعبة واشنطن أي خطوة في هذا الاتجاه، ويضيفان أن الإمارات والسعودية تقودان حملة لعزل قطر التي تحتضن استثمارات أميركية كبرى في مجال الطاقة، وتستضيف قاعدة عسكرية أميركية يعمل بها 11 ألف عسكري، وهي قاعدة أساسية في العمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان والعراق وسوريا.

ضرر لأميركا
ويقول الباحثان إن المسؤولين بوزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين يرون أن الأزمة الخليجية تضر مصالح أميركا وسمعتها، ويشيران إلى أنه في بدايات الأزمة رفض ترمب توصية حكومته وخالف مشورة وزير خارجيته ريكس تيلرسون ليصف قطر بأنها دولة راعية للإرهاب.

وقبل تصريح ترمب بشأن قطر، توقع محللون ودبلوماسيون أجانب والعديد من المسؤولين بواشنطن أن تقوم الدبلوماسية الأميركية بضبط اندفاع السعوديين والإماراتيين، ودفعهم نحو إيجاد حل توافقي للأزمة الخليجية، لكن إدارة ترمب بدت مشلولة بترددها في اتخاذ القرار، وأدت التصريحات المتناقضة الصادرة عن المؤسسات الأميركية الكبرى إلى تعميق التصورات بأن الإدارة الأميركية في مأزق إستراتيجي.

ويشدد الباحثان على أن العجز عن استشراف المواقف قد يكون مفيدا من أجل الحصول على مزايا من شريك يتم التفاوض معه بشأن صفقات تجارية، لكن هذا الأمر ينطوي على قيود خطيرة عند التصدي لحل الأزمات الدبلوماسية المعقدة ومتعددة الأطراف.

ويقول باراكيلاس وساليسبري إن أزمة الخليج تنطوي على أمور أبعد من موضوع تمويل الإرهاب أو التنافس طويل الأمد بين طرفي الأزمة، إذ ينظر إلى قطر على أنها تهديد للنظام الداخلي لجيرانها، ويرجع ذلك جزئيا لرعاية الدوحة وسائل إعلام تنتقد تلك الدول، ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين، كما ينظر إلى الدوحة على أنها عائق أمام قيام نظام إقليمي جديد بقيادة السعودية والإمارات قد لا يتماشى مع القيم التي تدعي الولايات المتحدة أنها تمثلها.

وزارة الخارجية
وينبه التحليل الذي نشره مركز تشاتام هاوس إلى إن بطء وتيرة تعيين ترمب للقيادات الوسطى بوزارة الخارجية -التي يعد دورها أساسيا في إدارة الأزمات مثل أزمة الخليج- أدى إلى تفاقم الأزمة الأخيرة، إذ إن قدرة مسؤولي الوزارة على تفسير وتنفيذ التوجيهات القادمة من القمة أصبحت بالتالي محدودة جدا.

ويقول الباحثان إن بعض المسؤولين بواشنطن يعتقدون بأن السعودية والإمارات تستغلان بطريقة مقصودة هذا الفراغ في صنع السياسات ما استطاعتا إلى ذلك سبيلا، ويخلص كاتبا التحليل إلى أن الوسائل الاعتيادية التي يمكن أن تدير بها واشنطن الأزمات تظل غائبة، وليس من الواضح كم من الوقت سيكفي قبل أن تعود الأمور إلى مجاريها.

ويشير الباحثان إلى أن أزمة الخليج قد لا تصلح فقط كدرس موضوعي للمخاطر التي ينطوي عليها نهج ترمب الذي لا يمكن التنبؤ به، بل لما قد يبثه هذا النهج من بذور للفوضى والاضطراب.

المصدر : مواقع إلكترونية