ملف الرعاية الصحية بأميركا بين وعد ترمب وتحدي أوباما

وجد وقفي-واشنطن

يعكف الجمهوريون على وضع خطة للرعاية الصحية بديلة عن خطة أوباما المسماة أوباما كير بهدف تنفيذ الوعد الانتخابي الذي قطعه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إبان حملته الانتخابية، ومفاده أنه سيطلب من الكونغرس في أول يوم في البيت الأبيض إلغاء قانون الرعاية الصحية الذي وضعته إدارة أوباما بشكل تام واستحداث برنامج بديل أقل تكلفة وبخيارات أكثر للأميركيين.

لكن بعد فوزه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 صدرت عن ترمب إشارات مغايرة تسير باتجاه الاحتفاظ بعنصرين رئيسيين من قانون أوباما للرعاية الصحية، هما تأمين الحالات المرضية الموجودة قبل التقدم بطلبها إلى شركات التأمين، وإبقاء الأبناء تحت مظلة الآباء حتى عمر الـ26.

كما يدرك الجمهوريون أن السبيل الوحيد لعدم انهيار النظام الصحي الأميركي هو طرح الخطة البديلة للتصويت عليها في الكونغرس بالتزامن مع مشروع قرار إلغاء قانون الرعاية الصحية، والذي من المفترض أن ينسف قانون أوباما كير بالكامل.

وتقول مصادر مقربة من الجمهوريين إن هؤلاء الذين يسيطرون على مجلسي الكونغرس سيسمحون بفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات إلى أن يتم تفعيل القانون البديل بسلاسة.

مهمة صعبة
لكن عمليا الأمور ليست بهذه السهولة، فهناك احتمال كبير لعدم جاهزية الخطة الجمهورية حتى بعد تفعيلها، ناهيك عن استبعاد المراقبين احتمال توصل الجمهوريين إلى خطة بالمعايير التي وضعها ترمب إبان حملته الانتخابية بتكلفة أقل دون أن تشمل بعضا من بنود القانون الحالي.

وهناك احتمال حدوث فجوة زمنية في تطبيق القانونين، وفي هذه الحالة سيحدث ارتباك وفوضى في سوق التأمين يؤديان إلى انهيار نظام التأمين الصحي، مما يعني عمليا بقاء أكثر من 32 مليون أميركي دون تأمين صحي.

ويرجح مراقبون أن يكون الشكل النهائي لخطة الجمهوريين نسخة معدلة للبرنامج الحالي مع تغيير تسميته الحالية، وهي قانون الرعاية يسيرة التكلفة.

ويقول الباحث في مركز التقدم توماس هويلسكوتر إن الجمهوريين يعيشون حالة من الفوضى، وبدؤوا يشعرون بأنهم في ورطة، فهناك رفض شعبي لإلغاء قانون الرعاية الصحية بجميع بنوده الحالية.

وأضاف هويلسكوتر أنه بدأت تتشكل لدى عدد من الجمهوريين ضغوط بسبب اليقين بأن الإلغاء الشامل لكافة بنود أوباما كير لن يكون سهلا كما كانوا يظنون.

لكن هذا ليس ما في جعبة كل من رئيس مجلس النواب بول رايان والسيناتور راند بول، فقد صرحا بأن لديهما خططا بديلة ستكفل للأميركيين المزيد من الخيارات من حيث الأطباء والمستشفيات التي سيشملها التأمين الصحي وبتكلفة أقل.

سبب التعجل
وهناك سبب آخر لتعجل الجمهوريين في وضع خطط بديلة، وهي أنه لا توجد لدى ترمب خطة مفصلة، فالرجل قال إن لديه خطة بديلة لكن أحدا لم يفصح عن تفاصيلها عدا أنها ستجبر شركات تصنيع الأدوية على خفض أسعارها.

يذكر أن برنامج أوباما للرعاية الصحية -الذي يشمل أكثر من ثلاثين مليون أميركي- هو أكبر إنجاز داخلي حققه إبان فترته الرئاسية، وقد تطلب من الديمقراطيين سنوات من التخطيط وعامين لتفعيله انطلاقا من العام 2012، غير أنه طرأت مشاكل كثيرة عند تطبيق القانون لا يزال بعضها قائما إلى الآن، فقد بدأت شركات تأمين صحي كبرى تنسحب من قانون الرعاية الصحية، مما تسبب في فقدان أكثر من مليون أميركي تأمينهم الصحي، كما أدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة التأمين بالنسبة الفرد، وهي تختلف من شخص إلى آخر باختلاف الدخول.

مشاكل أوباما كير
وأدت المشاكل التي اعترت تنفيذ قانون أوباما كير إلى تدني تأييده لدى الرأي العام، إذ وصلت الشهر الماضي إلى 46%، علما بأن تكلفة البرنامج بالنسبة للحكومة الأميركية منذ تطبيقه حتى حلول العام 2025 ستناهز 1.2 تريليون دولار.

وأبدى الرئيس باراك أوباما جاهزية للتحدي وثقة كبيرة بعدم قدرة الجمهوريين على إلغاء القانون دون أن تشمل خطتهم البديلة بنودا من القانون الحالي، وقال أوباما إنه سيكون أول المهنئين إذا تمكنوا بالفعل من وضع قانون لا يشمل أيا من بنود قانون أوباما كير، ويكون في الوقت نفسه أفضل من قانونه وقابلا للتنفيذ.

المصدر : الجزيرة