بلير يدلي بشهادته بشأن حرب العراق

Former British PM Tony Blair (R) arrives by car to the Iraq Inquiry at the Queen Elizabeth Hall in London,

بلير مثل أمام المحكمة لإيضاح "ثغرات" في شهادة سابقة أدلى بها قبل عام (الأوروبية-أرشيف)

أقر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بأنه "استخف" بنصيحة قدمها له كبير مستشاري الحكومة القانونيين، بيتر غولد سميث، تفيد بأن غزو العراق لن يحظى بالشرعية ما لم تصدر الأمم المتحدة قرارا ثانيا

.

ودعا بلير أثناء الإدلاء بشهادته للمرة الثانية خلال عام أمام لجنة التحقيق في حرب العراق اليوم الجمعة إلى ضرورة مواجهة وتحدي ما أسماه التطرف الإسلامي.

وقالت لجنة التحقيق إن مثول بلير للمرة الثانية أمامها يأتي بهدف إيضاح "ثغرات" في شهادة سابقة أدلى بها قبل عام ولإيضاح "التناقضات" الجلية مع شهادات أدلى بها شهود آخرون.

وركز استجواب اليوم على شرعية الغزو وأهمية المذكرات الخاصة التي تبادلها بلير مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إبان الإعداد للحرب.

فقد نسبت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق قوله أمام اللجنة إنه اعتقد أن النائب العام اللورد غولد سميث سيغير موقفه بشأن الحاجة إلى استصدار قرار ثان من الأمم المتحدة لتبرير غزو العراق حين يعرف التفاصيل الكاملة.

وقال بلير إنه اعتبر النصيحة الأولية التي قدمها غولد سميث "ظرفية" ومن ثم "واصلت التمسك بموقفي، إن استصدار قرار ثان ليس ضروريا".

وأضاف أنه لم يصل وقتها إلى مرحلة تقديم طلب رسمي للحصول على المشورة من النائب العام لاعتقاده أن استصدار قرار آخر من الأمم المتحدة لم يكن ضرورياً، مع أنه كان يدرك مخاوفه بشأن مشروعية غزو العراق.

وكان اللورد سميث أبلغ بلير في 14 يناير/كانون الثاني 2003 -في إطار نصيحة قانونية من ست صفحات- أن قرار مجلس الأمن 1441 والذي اعتبر أن العراق خرق مادياً التزاماته بنزع أسلحة الدمار الشامل، لم يكن كافياً في حد ذاته لتبرير استخدام القوة ضد العراق.


undefinedتضليل واحتجاج
واتهم غولد سميث بلير بتضليل البرلمان باقتراحه حينئذ أن بريطانيا يمكن أن تشارك في غزو العراق دون استصدار قرار جديد بهذا الشأن من الأمم المتحدة.

وقال في بيان مكتوب إلى لجنة التحقيق في حرب العراق الثلاثاء الماضي إنه قدّم نصيحة قانونية تناقض تماماً حجة بلير.

وفي الوقت الذي كان بلير يدلي بشهادته قرب البرلمان وسط لندن، تجمع في المكان حوالي خمسين شخصا من مناهضي الحرب، وهم يهتفون "بلير يكذب والآلاف يموتون".

ومن بين هؤلاء، روي فيكري (63 عاما) عالم نبات، قال لوكالة رويترز للأنباء "لقد كان كذابا، ما آمل فيه اليوم هو أن يشعر ببعض الندم".

"
توني بلير
الشيء الوحيد الأكثر صعوبة الذي نواجهه اليوم هو نوع جديد من الإرهاب والتطرف يستند إلى تحريف أيديولوجي لعقيدة الإسلام ويمزج هذا التوجه بتكنولوجيا تسمح لأتباعه بقتل الناس على نطاق واسع

"

التطرف الإسلامي
مع ذلك، وفيما يشبه صرف الانتباه عن الاتهامات الموجهة إليه، دعا رئيس الوزراء البريطاني الأسبق إلى ضرورة مواجهة وتحدي التطرف الإسلامي العنيف.

وقال إن الشيء الوحيد الأكثر صعوبة الذي نواجهه اليوم هو نوع جديد من الإرهاب والتطرف يستند إلى تحريف أيديولوجي لعقيدة الإسلام ويمزج هذا التوجه بتكنولوجيا تسمح لأتباعه بقتل الناس على نطاق واسع.

وأضاف بلير -الذي يشغل حالياً منصب مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط- "يعتقد الكثير من الناس في هذا الوقت أن التطرف يمكن إدارته، وأنا شخصياً لا اتفق مع هذا الطرح وأعتقد أنه لا بد من مواجهته وتغييره".

وأبلغ لجنة التحقيق أن وزراء حكومته أدركوا مطلع العام 2002 أن الحكومة شرعت في سياسة من شأنها أن تؤدي على الأرجح إلى إشراك بريطانيا في غزو العراق، لكن قلقهم الأكبر كان من احتمال الدخول في تحالف مع إدارة أميركية جمهورية يمينية ضد العراق.

تغيير النظام
وأقرّ بلير بأنه ناقش احتمالات تغيير النظام في العراق في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي السابق في ديسمبر/كانون الأول 2001 على الرغم من أن هذا التوجه لم يكن وارداً في السياسة البريطانية، لكنه كان في صلب إدارة بوش منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلولً من المناقشات التي جرت بينهما.

وقال إن الأميركيين "تبنوا سياسة تغيير النظام في العراق بحلول موعد لقائه مع الرئيس بوش بمزرعته في كروفورد بولاية تكساس في أبريل/نيسان 2002، وكان من الواضح أن هذه السياسة ستكون على جدول أعمال اللقاء".

وأضاف بلير "كنا ندير مسألة العراق حتى وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، وقررنا بعدها التعامل معها بهدف التغيير".

وتابع قائلا "الخيار بين إدارة التهديدات والتدخل في الخارج ما زال قائماً اليوم ونواجه فيه مشكلة مشابهة كما هو الحال في إيران حيث يطرح خيار التغيير أم لا".

شيلكوت عبر عن خيبة أمله من القرار (الفرنسية)
شيلكوت عبر عن خيبة أمله من القرار (الفرنسية)

سرية المكالمات
يشار إلى أن السلطات الإدارية العليا في بريطانيا رفضت السماح بالكشف عن المحادثات السرية بين جورج بوش وتوني بلير بمناسبة مثول الأخير أمام لجنة تحقيق بشأن العراق.

واعتبر المصدر أن رفع السرية عن مختلف الوثائق والمحادثات قد يلحق الأذى بالعلاقات الدبلوماسية الثنائية.

ولكن اللجنة المكلفة التحقيق في أسباب دخول البريطانيين في الحرب على العراق إلى جانب الأميركيين، اعتبرت على عكس ذلك أن كشفها "أمر أساسي".

في المقابل أعرب رئيس لجنة التحقيق سير جون شيلكوت عن "خيبته الكبيرة" من هذا القرار.

المصدر : وكالات