اللاجئون فاقموا أزمة غجر بلغاريا

شبان غجر في مقهى ببلدة هارملني حيث يوجد مخيم للاجئين
شبان غجر في أحد مقاهي بلدة هارمنلي (دويتشه فيلله)

لا يصدق بائع الفواكه في سوق بلدة هارمنلي الواقعة على بعد ثلاثين كيلومترا من الحدود التركية ما سمعه عن وجود موظفين أوروبيين لحماية الحدود البلغارية، كما أنه لم يسمع عن الوكالة الأوروبية لحماية الحدود والشواطئ التي بدأت عملها على الحدود البلغارية التركية منذ 6 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.

في هارمنلي يوجد مخيم للاجئين، وفي سوق البلدة -حيث تتردد أخبارهم يوميا- يعبر بائع الفواكه إيفان عن أسفه لما يتعرضون له من خداع، إذ إنهم يخاطرون بحياتهم ويدفعون مبالغ كبيرة للمهربين ليجدوا أنفسهم في نهاية الأمر في مخيمات لاجئين رهيبة في بلغاريا حيث يعاملون بفظاظة من قبل الشرطة.

السكان المحليون في هارمنلي أيضا لا يعلمون شيئا عن وجود 130 موظفا أوروبيا على الحدود البلغارية التركية، فهم يركزون اهتمامهم على موضوع وجود اللاجئين في البلدة، متسائلين عن سبب ازدياد عدد أفراد الشرطة ورجال الدرك بالبلدة، بل إن بعضهم يعتبر أن هؤلاء جاؤوا  لحمايتهم من اللاجئين، لكن آخرين يعتبرون أن "هؤلاء جاؤوا بهدف إثارتنا وإغضابنا" (في اشارة إلى الشرطة)، كما يصرح ميتكو أحد المواطنين هناك، ويتساءل: "لماذا يفتشونني وأنا أقيم هنا منذ أن ولدت؟".

ميتكو يرى أن الشرطة تتعامل مع الغجر من منطلق تعميم الشبهات على العديد من الرجال ذوي البشرة السمراء في المقاهي والمحلات التجارية أو في الحدائق وأحياء الغجر، ويؤكد العديد من الحاضرين ما صرح به المواطن ميتكو.

إحدى السيدات التي كانت تنشر غسيلها على حبل أمام بيتها تتساءل: "هنا يوجد غجر فقط، ولا يوجد لاجئون، فلماذا يضايقوننا؟ إما أنهم لا يفرقون بين المواطنين الغجر والأفغان، أو أنهم يريدون ترويعنا".

بعد عراك
بدأ التدخل القوي للشرطة قبل بضعة أسابيع فقط، حسب أقوال مواطنين كانوا يجلسون في مقهى بحي للغجر يتحدث أهله اللغة التركية، وحدث هذا التدخل بعد عراك في مأوى للاجئين.

يعتبر كثير من غجر هارمنلي أن اللاجئين يتواصلون فيما بينهم فقط، وأن لغتهم غير مفهومة، كما أنهم يركزون نظراتهم على النساء

يقول أحد الجالسين "يجب طرد اللاجئين حالا، إنهم أناس خطيرون وترعرعوا على حمل السكين في جيوبهم"، ويرد آخر مؤكدا أنه لا يخافهم ولكنه مغتاظ بسبب خشية زوجته من مغادرة البيت في المساء.

يعتبر كثير من غجر هارمنلي أن اللاجئين يتواصلون فيما بينهم فقط، وأن لغتهم غير مفهومة، كما أنهم يركزون نظراتهم على النساء.

مارتين -وهو أحد الطلبة هناك وينحدر من أصل تركي ألماني- يتساءل: "ما هو الغريب في ذلك؟ لم يحدث أي شيء، هذا الطالب هو صديق لأحد اللاجئين السوريين هناك، في البداية رفضت أمه تلك الصداقة، ولكنها تقبلتها لاحقا، وكان اللاجئ السوري يناديها بكلمة "أنّا" ومعناها بالتركية الأم".

عدا ذلك ليس في البلدة مناخ يتسم بالعنف تجاه اللاجئين، "الناس متخوفون ولا يكرهون اللاجئين"، كما تلاحظ إيفيتا لازاروفا، وهي نادلة في مقهى، لكن الأغلبية في هذه البلدة تتفق على ضرورة تطبيق حظر التجول مساء على اللاجئين حتى يمكن للنساء التحرك فيها والشعور بالأمان.

ويبدو أن نادلة المقهى لا تعلم أيضا أن حظر التجول قد بدأ تطبيقه حقا، كما تؤكد في نفس الوقت أن الخوف لا يتملكها "العديد من النساء يشتكين من أن اللاجئين يبحلقون في النساء بشدة، إن هؤلاء الرجال غير متعودين على رؤية النساء وهن يرتدين "تي شيرت" أو حاسرات، لم يبحلق أي أحد في بشدة، ربما لأنني لا أبحلق فيهم بشدة".

الصورة النمطية
تعتقد إيفيتا أن المشكلة الحقيقية تتجلى في تعميم الصور النمطية على جميع اللاجئين، ففي الوقت الذي يتعامل فيه الرجال من أفغانستان بشكل غير لائق -وهم أيضا غير متعلمين- فإن اللاجئين السوريين أفضل حال ماديا ومتعلمون، مشيرة إلى أن المواطنين المحليين تعاملوا في البداية مع كل اللاجئين بشكل عدائي.

لكن ميتكو الذي كان مسترخيا قرب مكان عمله بقبعة تخفي رأسه يقول والسيجارة في فمه "ليس لهم أي مستوى، لا تربية لهم". ويضيف "إنهم يجلسون على الأرض ويضعون قبعة على رؤوسهم"، وسريعا ما يتضح له أن هذا الوصف ينطبق عليه أيضا، مما يدعوه إلى إبعاد السيجارة عن فمه وتنحية قبعته وهو يبتسم، لأنه وجد نفسه في وضح حرج.

المصدر : دويتشه فيله