هل تنجح مساعي حظر النقاب بمصر؟

An Egyptian woman wearing a veil, or niqab, walks past special forces soldiers guarding the National Election Authority, which is in charge of supervising the 2018 presidential election, in Cairo, Egypt January 29, 2018. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany

عبد الرحمن محمد-القاهرة

"ليست جديدة لكنها هذه المرة مخيفة" بهذه الكلمات عبرت هاجر توفيق عن قلقها من الحملة المتصاعدة ضد النقاب في مصر مؤخرا، ووجود مساع لاستصدار قانون يحظر ارتداءه بالأماكن العامة وإقرار غرامة تصل إلى ألف جنيه (56 دولارا) للمخالفات، تتضاعف عند تكرارها، مع احتمال توقيفهن بالشارع.

هاجر التي ترتدي النقاب منذ أكثر من 3 أعوام، أشارت في حديثها للجزيرة نت إلى أنه سبق وأن تم استهداف النقاب بحملات منظمة آخرها منذ قرابة عامين، وكانت برعاية رئيس جامعة القاهرة حينها جابر نصار، وكانت هاجر طالبة بها في ذلك الوقت، إلا أن تلك الحملات باءت جميعها بالفشل، على حد تقديرها.

لكنها ترى مؤشرات بهذه "الموجة الجديدة" لاستهداف النقاب تثير هواجس من تحقيقها نجاحا في حصار المنتقبات والحد من حريتهن، أبرزها إعلان برلمانية عزمها تقديم مشروع قانون لحظر ارتداء النقاب بالأماكن العامة.

وبات الحديث عن حظر النقاب أحد العناوين الرئيسية بوسائل الإعلام المصرية الفترة الأخيرة، حيث بدأ ذلك بتصريحات لإعلاميين وسياسيين تهاجمه وتطالب بحظره، وتصاعد الأمر لينتهي بإعلان النائبة غادة عجمي عزمها تقديم مشروع قانون الأحد القادم يحظر ارتداء النقاب بالأماكن العامة.

وحسب تصريحات للنائبة، فإن المشروع يتكون من ثماني مواد يبرز أماكن منع ارتداء النقاب، ومن أبرزها المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمباني الحكومية وغير الحكومية العامة ووسائل نقل الركاب، كما يتضمن العقوبة المقررة، لافتة إلى أن المشروع يحظى بدعم 60 نائبا.

القانون المقترح يحظر ارتداء النقاب بالأماكن الحكومية والعامة
القانون المقترح يحظر ارتداء النقاب بالأماكن الحكومية والعامة

كاريكاتير صادم
ومع ارتفاع حدة الجدل حول مشروع القانون، نشرت صحيفة "المصري اليوم" رسما كاريكاتيريا يصور النقاب كستار لأعمال غير أخلاقية، الأمر الذي قوبل باستياء واسع من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وأثار موجة هجوم ضد الصحيفة، دفعها نهاية المطاف إلى حذف الرسم.

ودفع استهداف النقاب بشكل ممنهج ومنظم -حسبما يرى مراقبون- إلى حملات تضامن معه بمواقع التواصل، شملت تقديم محلات وشركات عروضا وتخفيضات للمنتقبات، وإعلان مديرة إحدى شركات الدعاية السعودية دعم أي فتاة مصرية منتقبة أو ترغب في ارتداء النقاب بصور مختلفة.

وقبل أيام من الإعلان عن مشروع القانون، شن أدباء ومثقفون حملة ضد النقاب، أبرزهم الروائي علاء الأسواني الذي كتب على حسابه بموقع تويتر "حريتك تنتهي عند حدود حريات الآخرين، وكذلك النقاب ليس حرية شخصية لأنه ليس من حق أي شخص رجلا أو امرأة أن يغطى وجهه ويتعامل مع الناس".

طرْح الأسواني تبعه تفاعل واسع بين نشطاء ما بين تأييد محدود ومعارضة على نطاق واسع، استدعى بعضها انتماءه للتيار الليبرالي الذي رأوا أنه يخالف مبادئه بموقفه من النقاب، وهو ما دفعه للاشتباك معهم وتبرير ما ذهب إليه بقوله "من حقي كإنسان، أخلاقيا وقانونيا، أن أرى وجه من يتعامل معي".

وتصاعد الجدل حول مشروع القانون ما بين مؤيد ومعارض، ففي الوقت الذي أشادت به البرلمانية وأستاذة العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر آمنة نصير، رأى البرلماني عمر حمروش أمين سر لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب أنه ليس من حق البرلمان إصدار مثل هذا القانون كونه يعتبر مخالفا للدستور.

الجدل امتد كذلك إلى ساحة الرموز الدينية، ففي حين لم يجد مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء نصر فريد واصل مانعا من أن يتم استصدار قرار بمنع ارتداء النقاب بالمؤسسات الحكومة تحقيقا للمصلحة العامة، أبدى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أحمد كريمة اعتراضه على ذلك.

‪عطية: حظر النقاب ضمن حملة ممنهجة ولا أستبعد صدور قانون الحظر‬ عطية: حظر النقاب ضمن حملة ممنهجة ولا أستبعد صدور قانون الحظر (الجزيرة)
‪عطية: حظر النقاب ضمن حملة ممنهجة ولا أستبعد صدور قانون الحظر‬ عطية: حظر النقاب ضمن حملة ممنهجة ولا أستبعد صدور قانون الحظر (الجزيرة)

الكيل بمكيالين
وفي هذا السياق، اعتبر حاتم عبد العظيم أستاذ الفقه الإسلامي والبرلماني السابق، السعي لإصدار تشريع يقنن هذا الحظر إهدار لمفهوم الحرية الشخصية وكيل بمكيالين، لكنه استبعد صدور القانون كونه يتصادم مع قناعة قطاع كبير من المجتمع، ويرى أنه في حال صدوره فإن تطبيقه سيكون صعبا وغير متصور.

بينما اختلف معه البرلماني السابق محمود عطية حيث لم يستبعد صدور القانون كونه يرى استهداف النقاب يأتي في إطار حملة ممنهجة، كما لا يتوقع أن يدفع إقرار القانون الشارع لمواجهته، مرجعا ذلك إلى أنه سبق وأن صادرت السلطات حقوقا وحريات لا تقل مكانة لدى المجتمع وتم تمريرها.

بينما يذهب مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان علاء عبد المنصف إلى أن هذه الحملة ليست إلا إحدى وسائل الإلهاء لصرف الشعب عن قضاياه الحقيقية، معتبرا السعي لإصدار قانون يصادر هذا الحق من قبيل العبث التشريعي الذي يعكس فراغا سياسيا وإعلاميا، ومحاولة للفت النظر إلى قضايا هامشية.

ويستبعد عبد المنصف صدور هذا القانون، لكنه يرى أنه في حال إقراره لن يجرؤ الشارع على مواجهته لما يعيشه من واقع أليم يجعل من مصر دولة خوف ورعب، على حد تعبيره.

المصدر : الجزيرة