مخاوف وتحذيرات من عسكرة المدارس العراقية

الصور التي نشرها ناشطون عن وجود تدريبات للأطفال على حمل السلاح ردود فعل رافضة لها
الصور التي نشرها ناشطون عن تدريبات للأطفال على حمل السلاح في العراق (ناشطون)

الجزيرة نت-بغداد

تتزايد المخاوف في الشارع العراقي من دعوات قياديين في المجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم إلى دورات لتدريب الطلبة في المدارس على حمل السلاح.

ورغم أن قياديين في المجلس قالوا إن هذه التصريحات أسيء فهمها، فإنها أثارت ردود فعل ناقدة من منظمات حقوقية وناشطين في المجتمع المدني، ونشرت بعض مواقع التواصل الاجتماعي صورا لصبية يتدربون على السلاح في معسكرات بمدينة النجف، بينما دافع المجلس الأعلى عن هذه الصور معتبرا أنها تجري "طبقا لتوجيهات المرجعية ومجازة من قبل الدولة وأن الدورات لا تتضمن تدريبا على حمل السلاح".

ويقول القيادي في المجلس الأعلى حميد معلة الساعدي إنه لا يوجد لديهم أي مشروع لتدريب الأطفال على السلاح وما حدث "تهويل إعلامي من بعض الجهات"، مضيفا للجزيرة نت أن الصور التقطت بمخيمات لمتطوعي الحشد الشعبي في ملعب النجف يتدربون فيها للالتحاق بالجبهات، أما غيرهم من الموجودين هناك فهم يأخذون دورات رياضية في اللياقة البدنية.

ويتابع قائلا إن المجلس ليس مع عسكرة المجتمع ويعتبر ذلك جريمة وأن لديهم "مشاريع في تنمية الشباب وطاقاتهم وتوجيهها بشكل إيجابي"، مؤكدا أن هذه التدريبات تمت في ملعب النجف وليست في بيوت أو أماكن بعيدة عن الكاميرات، وبإمكان الصحفيين الذهاب إلى هناك لمشاهدة وتصوير ما يجري، على حد قوله.

النشطاء طالبوا الحكومة بالدفع لتشريع قانون حماية الطفل بدل السكوت على عسكرتهم (ناشطون)
النشطاء طالبوا الحكومة بالدفع لتشريع قانون حماية الطفل بدل السكوت على عسكرتهم (ناشطون)

مطالبات بالمحاكمة
لكن الصور التي نشرتها بعض المواقع أظهرت وجود إعلانات تدعو إلى الالتحاق بدورات للتدريب على استخدام السلاح لفئتي الشباب و"الأشبال" خلال شهر رمضان، وقد أثارت هذه الصور مخاوف من استشراء العنف بشكل أوسع في المجتمع العراقي، ودعت النائبة عن كتلة التغيير الكردية سروة عبد الواحد إلى اعتقال المسؤولين عن هذا المشروع وتقديمهم للمحاكمة، مطالبة رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتعامل مع الموضوع بشكل جدي وسريع، ومنع مظاهر التسلح للكبار والصغار، ومحاسبة من يدربون هؤلاء الأطفال وعدم السماح لهم بـ"إفساد الطفولة" في العراق.

وطالبت عبد الواحد في حديث للجزيرة نت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالدخول على خط المشكلة لإنقاذ هؤلاء الأطفال وتوفير بيئة نظيفة لهم تضمن عدم تلوثهم بالعنف أو الانخراط فيه.

وتضيف النائبة أن هؤلاء الصبية يفترض أن يتلقوا دورات لتشجيعهم على القراءة وتعليمهم الفن والموسيقى وتثقيفهم بحقوقهم وواجباتهم بدل أن تفتتح لهم معسكرات للسلاح، وتتساءل "إذا كان الأمر كذلك فما الفرق بينهم وبين إرهابيي تنظيم الدولة"؟ معتبرة أن العراقيين يحتاجون إلى تعبئة جديدة في محاربة أفكار التطرف بدل اللجوء إلى تعليم الأطفال استخدام السلاح.

‪تقارير تحذر من استخدام بعض المليشيات للأطفال وزجهم في معاركها داخل العراق وخارجه‬  
‪تقارير تحذر من استخدام بعض المليشيات للأطفال وزجهم في معاركها داخل العراق وخارجه‬  

تشجيع الجريمة
وقد نشرت مواقع إخبارية منذ شهور تقارير عن استخدام بعض المليشيات للأطفال والزج بهم في الصراعات المسلحة في العراق وسوريا ودول أخرى، وهو ما دعا ناشطين مدنيين وحقوقيين إلى تنظيم حملات للمطالبة بإقرار قانون "حماية الطفل"، الذي يراوح مكانه في مجلس النواب منذ ثلاث سنوات.

وتقول الناشطة الحقوقية هناء إدور إن هذا التصرف محرم ومدان وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويحاسب عليه القانون العراقي لمن هم دون الـ18، وتتساءل: هل يمكن تحقيق سلام وتنمية في البلاد بمثل هذه الممارسات؟

وتطالب إدور بعض المدافعين عن هذا التوجه بالكف عن استخدام فتوى السيستاني حول "الجهاد الكفائي" لتبرير وجود هذه المعسكرات، مشيرة إلى أن عسكرة حياة سيدعم "التطرف وثقافة الموت والكراهية".

وتتخوف الناشطة من أن المضي في هذا الطريق يمكن أن يشجع الجريمة المنظمة واستعمال القوة لفض النزاعات في المجتمع، قائلة إن العراقيين يحاربون "الإرهاب والعنف" ويحاولون تقليل مساحته وتخفيف تأثيره، وهذا التصرف لا يخدم تطور المجتمع ولا بناءه ولا معافاته من سنوات كارثية من الحروب وعدم الاستقرار.

المصدر : الجزيرة