البرلمان المصري يقر قانونا يهدد العمل الأهلي

البرلمان المصري يقر على عجل قانون الجمعيات الأهلية دون طرحه للمناقشة المجتمعية
البرلمان المصري يقر على عجل قانون الجمعيات الأهلية دون طرحه للمناقشة المجتمعية (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

يواجه مشروع قانون "الجمعيات الأهلية" الذي أقره البرلمان المصري أول أمس الثلاثاء بشكل نهائي انتقادات محلية ودولية واسعة، في ظل تجاهل كامل من قبل النظام وأنصاره.

القانون المكون من 89 مادة تمت مناقشته أثناء أقل من أسبوعين في جلسات مغلقة بالبرلمان قبل الموافقة عليه بأغلبية ساحقة، وتضمن تشريعات اعتبرها حقوقيون "تحجيما واضحا ومتعمدا" لعمل منظمات المجتمع المدني بمصر.

وينص القانون على عقوبة الحبس مدة تصل خمس سنوات، إضافة إلى غرامة تصل إلى مليون جنيه (57 ألف دولار) لكل من عاون أو شارك منظمة أجنبية في ممارسة نشاط أهلي بمصر دون الحصول على تصريح، كما يمنع المنظمات غير الحكومية من القيام بعمل ميداني أو إجراء استطلاعات للرأي دون تصريح.

ويحظر كذلك التعاون بأي شكل من الأشكال مع أي هيئة دولية دون الحصول على الموافقات الأمنية والحكومية اللازمة، كما يفرض توافق عمل الجمعيات "مع خطة الدولة واحتياجاتها التنموية"، ويجرم كذلك أي عمل "ذي طابع سياسي"، أو "ضمن نطاق" الأحزاب السياسية أو النقابات العمالية"، دون تحديد المقصود من هذه المصطلحات.

ووفق هيومن رايتس ووتش التي رفضت القانون وطالبت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعدم التوقيع عليه، فإن القانون سيؤثر على 47 ألف جماعة محلية ومئة أجنبية تعمل في مصر.

سلمى أشرف: القانون صيغ لوضع يد الدولة على كل المنظمات وتقويضها وعرقلة عملها (الجزيرة)
سلمى أشرف: القانون صيغ لوضع يد الدولة على كل المنظمات وتقويضها وعرقلة عملها (الجزيرة)

قانون قمعي
مسؤولة الملف المصري بمنظمة هيومن رايتس مونيتور سلمى أشرف قالت إن القانون "قمعي بكل معنى الكلمة وتمت صياغته لوضع يد الدولة على كل المنظمات وتقويضها وعرقلة عملها بشكل يعيق أي تقدم مجتمعي قد يحدث من خلال المنظمات الأهلية".

وتابعت في حديثها للجزيرة نت "كنا نرى سابقا محاولات لإخافة المنظمات وتكميم أفواهها عن طريق المداهمات واعتقال العاملين بها إلا أن ذلك لم يمنعها من أداء رسالتها، فكان هذا القانون الذي من خلاله تسيطر الدولة على كافة الجمعيات".

واعتبرت سلمى أنه "مما يدعو للسخرية والضحك إلزام القانون المنظمات بالتبرع لصناديق مثل صندوق تحيا مصر"، لافتة إلى أن "النظام يتذرع بأن القانون غرضه احترازي من أي ممارسات قد تضر البلاد إلا أن الواقع مخالف لذلك، فهو سيتحكم من خلاله في كافة الأنشطة حتى التنموية منها".

ويشير الحقوقي أحمد مفرح إلى أن القانون يتعارض مع مواد الدستور، كما أنه "يناصب العداء لأنشطة حقوق الإنسان، ويكرس الدولة البوليسية عن طريق تقنين دور الأمن في مواد القانون، ويعطي منفذا واسعا للتحكم في أنشطة الجمعية عن طريق التحكم في تمويلها".

ويرى مفرح في حديثه للجزيرة نت أن القانون "يأتي متسقا مع النهج الذي يسير عليه النظام العسكري بمصر في عدائه الشديد للمجتمع الأهلي والمدني، ويعمل على إعاقة عمل المنظمات عن طريق تجفيف منابع تمويلها وإفقادها استقلاليتها".

 هيكل: العبرة في تطبيق القانون وممارسات السلطة لا بنصوصه (الجزيرة)
 هيكل: العبرة في تطبيق القانون وممارسات السلطة لا بنصوصه (الجزيرة)

فارق جوهري
ولفت إلى أن الفارق الجوهري بين هذا القانون والقانون الذي طرحه برلمان 2012 يكمن في "فلسفة كليهما، فقانون 2012 تم التعامل معه تحت نظر ورقابة المجتمع المدني وطرح للمناقشة، بينما هذا القانون مرر من جانب مجلس النواب دون أن يطرح أو يناقش مع مؤسسات المجتمع المدني".

وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الأربعاء شعوره بـ"قلق عميق" إزاء القانون، مطالبا السلطات المصرية بـ"رفع العوائق" أمام عمل منظمات المجتمع المدني و"ضمان أن تعمل دون قيود وأن تمارس حقوقها الأساسية وحرياتها".

لكن القيادي في تحالف العدالة الاجتماعية المحامي أسعد هيكل يرى أنه "من السابق لأوانه الحكم على القانون بأنه سلبي أو إيجابي قبل الوقوف على ممارسات السلطة أثناء تطبيقها له وممارستها لسلطاتها الناتجة عنه".

وأضاف هيكل للجزيرة نت "صحيح أن القانون جاء صادما لبعض الجمعيات لفرضه رقابة أمنية على نشاطها، خاصة في ما يتعلق بتلقي التبرعات إلا أن العبرة بالممارسات التي ستنتج عن القانون ومدى توفر إرادة لدى السلطة في إعطاء حرية لهذه المنظمات في عملها".

وأشار إلى أنه "سبق أن تلقت بعض المنظمات تمويلات أجنبية من جهات دولية حامت حولها بعض الشبهات، وهو ما قد يكون الدافع وراء تبني البرلمان لهذا القانون".

المصدر : الجزيرة