الاغتصاب جرح ينزف بالصومال

أحد العنابر الثلاثة التي تؤوي المعتدى عليهن جنسيا
عنبر بمركز حواتاكو لتأهيل المعتدى عليهن جنسيا (الجزيرة)

                                                                                 محمد غلام-مقديشو

كانت الأمور تجري بوتيرة متسارعة، فقد تحقق المركز للتو من تعرض خمس فتيات -قدمن قبل قليل- للاغتصاب، وها قد دخلن سيارة مظللة لإرسالهن لمستشفى سوس بالعاصمة الصومالية مقديشو لعلاجهن.

تلك إحدى الحالات التي صادفت وجودنا بـ"مركز حواتاكو لدعم ضحايا العنف ضد النساء" الذي تديره منظمة أنقذوا نساء وأطفال الصومال المحلية بدعم من جهات خارجية، وهي حالة أصبحت "عادية" وفق ما يقول مسؤولو المركز الذي يستقبل يوميا في أقل الأحوال ما بين ست إلى ثماني حالات.

وتؤكد فاطمة إبراهيم أبو بكر -المدربة في مجال العنف الجنسي- أن المركز استقبل منذ يوليو/تموز 2012 نحو 2300 ضحية عنف جنسي، أغلبهن تعرضن للاغتصاب، وبه اليوم نحو 250، أكثر من نصفهن مغتصبات.

من تلك الاعتداءات حالة كاملة أحمدي نونو (42 عاما) وقد تعرضت للاغتصاب في غرفتها بأحد مخيمات النزوح بضواحي مقديشو قبل خمسة أشهر.

تقول كاملة للجزيرة نت "فجأة اقتحم مسلح الغرفة بحضور أربعة من أولادي الثمانية وفي ظل غياب زوجي، ضربني بمؤخرة بندقيته على رأسي من الخلف، اغتصبني ثم جاء مسلح ثانٍ فاغتصبني أيضا ثم فرا".

أما الحالة الثانية فهي قصة مومنة عمر عبد الله التي لم تتجاوز الـ17 من العمر، وقد تعرضت للاغتصاب قبل ثلاثة أشهر بمخيم الجامعات جنوب مقديشو.

وبتهدج في صوتها روت لنا مومنة حكايتها، وقالت "كنت مع زوجي في إحدى غرف المخيم (وهي بلا أبواب) وفجأة وجدنا بيننا أربعة مسلحين، بعضهم يلبسون الزي الرسمي للجنود الصوماليين، أخذ اثنان منهم زوجي للخارج، وتعرضت للاغتصاب من أحد الباقيين، ومنعت الثاني بصرخة سدت الآفاق".

وتضيف مومنة أن الحادثة ما زالت عالقة بذهنها ولا يمكن أن تٌمحى من ذاكرتها أبدا، لكنها مع ذلك تحاول تجاوزها، وهي تتطلع للمستقبل، وتشعر بأن مركز حواتاكو أنقذها.

ويقوم المركز -وفق منسق البرامج- عمر إبراهيم صبرية بتقديم استشارات نفسية وقانونية للضحايا، حيث إن به أطباء نفسيين ومحامين، وهو يقدم لهن دورات في الخياطة لمدة أربعة أشهر تنتهي بتمليك الضحية ماكينة الخياطة وبعض أدواتها وحزما من القماش.

علمي لفتت إلى تزايد ظاهرة الاغتصاب بشكل كبير في الآونة الأخيرة (الجزيرة)
علمي لفتت إلى تزايد ظاهرة الاغتصاب بشكل كبير في الآونة الأخيرة (الجزيرة)

أين العرب؟
ووفق مديرة منظمة أنقذوا نساء وأطفال الصومال آمنة حاجي علمي، يتلقى المركز الدعم من السفارة البريطانية وجمعيات خيرية أميركية ونرويجية وألمانية، وتقول إنهم لم يتلقوا الدعم من أي جهة عربية، وإنني كنت أول عربي يدخل المركز.

وتضيف "نحملكم رسالة للعالم العربي بالالتفات للصومال ولهذه الظاهرة الخطرة وما يقوم به المركز لمحاربتها".

وتلفت لتزايد الظاهرة بشكل كبير في الآونة الأخيرة وتشير إلى حالات كانت فيها الضحية في عامها الرابع فقط، وتقول إن ثمة مركزا آخر قيد الإنشاء على بعد 15 كيلومترا من مقديشو سيفتتح الشهر القادم تحت اسم "حواتاكو 2".

إفلات الجناة
ووفق الحقوقيين، يفلت أغلب الجناة من العقاب، وتقول المحامية زينب بلي عبد النور إنها في الحالات التسعين التي رافعت فيها عن مغتصبات لم تنجح إلا في ست حالات فقط سجن مقترفوها.

وتشير إلى أن بعض الحالات يتم حلها عرفيا في إطار تسويات قبلية يدفع فيها الجاني مالا للضحية، ويلجأ القضاء أحيانا إلى تزويج الغاصب بضحيته.

وتتابعت مؤخرا التقارير الدولية التي تتحدث عن شيوع ظاهرة الاغتصاب بالصومال، وأشارت هيومن رايتس ووتش في تقرير صدر قبل ثلاثة أشهر بعنوان "الاغتصاب أمر عادي هنا" إلى "معدلات عالية" من الاعتداءات الجنسية.

وانتقدت الحكومة الصومالية التقرير، وقالت إن به تهويلا ومبالغات، رغم تعهد الرئيس حسن شيخ محمود بتطبيق الإعدام بحق المغتصبين.

وقالت منظمة العفو الدولية إن الاغتصاب "وباء مستمر بالصومال"، وأبلغت الأمم المتحدة عن حوالي ثمانمائة حالة من العنف الجنسي في مقديشو وحدها على امتداد الأشهر الستة الأولى من 2013.

المصدر : الجزيرة