ليبيا تسجن صحفيا بقوانين القذافي

عمارة الخطابي على فراشه في المستشفى حيث يقيم تحت حراسة مشددة في طرابلس (هيومن رايتس ووتش). 10 أبريل/نيسان 2013
undefined

خالد المهير- طرابلس

لايزال القضاء الليبي يرفض حتى اليوم الإفراج عن رئيس تحرير صحيفة الأمة اليومية، عمارة الخطابي، المتهم بالإساءة إلى المنظومة القضائية، والافتراء عليه.

ويحاكم الخطابي، الذي أسس أول صحيفة ذات توجهات وطنية عقب تحرير طرابلس في أغسطس/ آب 2011، بالمادة 195 من قانون العقوبات الذي أقر في عهد حاكم البلاد الراحل معمر القذافي.

وتنص تلك المادة على أنه "يعاقب بالسجن كل من صدر عنه ما يشكل مساساً بثورة الفاتح العظيم أو قائدها معمر القذافي، ويعاقب بذات العقوبة كل من أهان السلطة الشعبية أو إحدى الهيئات القضائية أو الدفاعية أو الأمنية وما في حكمها من الهيئات النظامية الأخرى أو أهان علانية الشعب العربي الليبي أو شعار الدولة أو علمه".

وقال نقيب الصحفيين الليبيين مصطفى فنوش إن نشر قائمة سوداء منشورة أصلا لرجال القضاء وهو ما يحاكم به الخطابي "لا يعد جريمة في عهد الحرية" مؤكدا أن الحكومة المؤقتة ذاتها أقرت بوجود فساد في القضاء، وأن لجنة عليا بالقضاء تعمل على هذا الملف. وأكد أن القائمة المنشورة تتداول في العاصمة طرابلس وأنها متوفرة على شبكة الإنترنت.

 الخطابي يعاقب بنص مادة من قانون العقوبات الليبي تقول: يعاقب بالسجن كل من صدر عنه ما يشكل مساساً بثورة الفاتح العظيم أو قائدها معمر القذافي

قوانين بائدة
وأبدى فنوش استغرابه من إسراع النائب العام السابق عبد العزيز الحصادي إلى استدعاء الخطابي وسجنه فورا قبل أربعة أشهر دون حصوله إلى إذن من الجهات الرسمية. كما استغرب في حديثه للجزيرة نت محاكمة الصحفي بقانون المطبوعات لعام 1973 بتهمة "العمل بدون ترخيص" قائلا إن ليبيا في فترة انتقالية ولا توجد بها قوانين تنظم العمل الصحفي.

ورفض النقابي فنوش الرجوع إلى "سياسة تكميم الأفواه وكبت الحريات بعد قوافل الشهداء" مشيرا إلى اتصالات مكثفة مع منظمات دولية لإطلاق سراح الرجل الطاعن في السن.

وقد اعتمد الاتهام على مقال للخطابي احتوى على قائمة لـ87 شخصا من قضاة مستشارين وأعضاء نيابة -جميعهم ينتمون إلى السلطة القضائية العامة- متهمين بجني أرباح غير مشروعة، وفساد، وكذا الولاء للقذافي.

يُذكر أن الطبيب المشرف على الصحفي السجين رفض أمس خروج الخطابي إلى جلسة المحاكمة بعد تدهور أوضاعه الصحية.

وقال تقرير رسمي صادر عن المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان -حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- إن فريقا من المجلس زار الخطابي في سجنه قبل عدة أيام، ونقل عن مدير السجن قوله إنه "من المعيب سجن حالة مثل حالته وهو رجل مسن ويعاني من أمراض متعددة من ضغط وسكر ويحتاج إلى رعاية صحية خاصة".

‪سليمان زوبي: القضاء وحده يملك سلطة الإفراج عن الخطابي‬ (الجزيرة نت)
‪سليمان زوبي: القضاء وحده يملك سلطة الإفراج عن الخطابي‬ (الجزيرة نت)

ممارسات تعسفية
وفي تصريح للجزيرة نت قال مدير إدارة المتابعة بالمجلس الوطني للحريات العامة فرج العجيلي الذي زار الخطابي إن الرجل ليس محبوسا احتياطياً، بل يعاقب "لأن كل معطيات الإفراج عنه ومحاكمته وهو خارج السجن مسألة جائزة قانوناً وتملك المحكمة الأخذ بها" مشيرا إلى أن الرجل مريض ويعاني بالمستشفى حالياً.

من جهته اعتبر العضو الليبي بالشبكة العربية لرواد الحرية محمد الرعيض استمرار سجن الخطابي امتدادا للممارسات التعسفية والخاطئة التي كانت حجر عثرة أمام الصحفيين في تأدية عملهم بكل حرية وشفافية.

ودعا الرعيض في تصريح للجزيرة نت إلى استدعاء الصحفي إلى النيابة والتحقيق معه فيما نسب إليه ومن ثم الإفراج عنه بضمان إقامته ومهنته، مؤكدا أن سجن الرجل ليس فقط استفزازا لمؤسسات المجتمع المدني بل خطوة كبيرة إلى الوراء. ودعا إلى تطهير القضاء والنيابة.

وفي وقت رفض فيه رئيس تحرير صحيفة "ليبيا الإخبارية " عماد العلام خلال تصريح للجزيرة نت الرجوع إلى عهد تكميم الأفواه قبل الثورة، استهجن الرئيس التنفيذي لصحيفة "ليبيا الجديدة" فيصل الهمالي بشدة حجر حرية صحفي بحجة أنه أساء استخدام المهنة.

لكن الهمالي قال للجزيرة نت إن المحكمة يمكن أن تستمر في محاكمة الخطابي وهو خارج السجن، وذلك لضمان حقوق المتضررين مما نشره.

وفي معرض رده على أسئلة للجزيرة نت، قال عضو لجنة العدل بالمؤتمر الوطني المستشار سليمان زوبي إن الصحفي اتهم القضاء بدون أدلة، ويحاكم الآن في قضية منظورة أمام القضاء، وأكد أنه "لا المؤتمر الوطني ولا النائب العام الحالي يملك حق إطلاق سراحه".

المصدر : الجزيرة