رحلة عذاب السوريين إلى إيطاليا وداخلها

زينب لاجئة سورية بإيطاليا
undefined

غادة دعيبس-روما

بدأت رحلة معاناة زينب مع واحدة من ملايين الرصاصات الطائشة التي تتطاير في شوارع حلب، حيث أصابت فمها وأحدثت تشوهات في فكيها قبل نحو عام، ولأن الوضع الصحي في سوريا أصابه ما أصاب البلاد من انهيار، اضطرت زينب إلى البحث عن علاج في الخارج.

وبعد معاناة في لبنان دون جدوى، تمكنت من تأمين تأشيرة شنغن إيطالية، على أمل الالتحاق بزوجها المقيم في السويد بعد دخوله إليها بشكل غير قانوني منذ ثلاث سنوات. ولأنه لا يملك حق إلحاقها به لأسباب قانونية حسب معاهدة دبلن للجوء السياسي، فقد أعادتها السلطات السويدية إلى روما.

ورغم منحها حق اللجوء السياسي في إيطاليا والإقامة خمس سنوات، وأجريت لها عملية جراحية لتصحيح فمها، وتنتظر إجراء عملية ثانية لزراعة الأسنان، وثالثة لتقويم فكيها، فإنها تشعر بمعاناة الغربة والوحدة.

وتقول زينب للجزيرة نت "صحيح أنني حصلت على علاج لكنني أشعر بالوحدة.. أهلي بسوريا وأنا قلقة عليهم، وزوجي في السويد ولا يمكنني أن أبقى معه". وقد تفرق أهلها بين نازحين داخل سوريا ولاجئين في لبنان أو أوروبا.

إيمانويلي كاروبّو: اتفاقية دبلنتحد من آفاق وطومحات اللاجئين(الجزيرة نت)
إيمانويلي كاروبّو: اتفاقية دبلنتحد من آفاق وطومحات اللاجئين(الجزيرة نت)

وفي مركز اللجوء حيث تقيم زينب، يوجد لاجئ آخر هو فادي ابن الثلاثين عاما، والعسكري السابق في جهاز الأمن السوري، حيث كان يعمل حارسا في سجن حلب المركزي، قبل أن ينشق عن النظام ويقرر الهرب إلى إيطاليا عبر تركيا ومنها إلى اليونان، فإيطاليا التي دخلها تهريبا، حيث تم اعتقاله على شاطئ مدينة باري (بإقليم بوليا جنوب إيطاليا)، ونقل إلى مخيم اللاجئين وهناك أخذت بصمات أصابعه.

وتمكن فادي من الهرب كما يروي للجزيرة نت، حتى وصل بالقطار إلى ميلانو (شمال إيطاليا) ومنها إلى برلين فهامبورغ، إلى أن وصل السويد، ويقول "ذهبت إلى فندق للاجئين وسلمت نفسي، وفي صباح اليوم الثاني أخذوني إلى مكتب الهجرة، وعندما اكتشفوا أنني بصمت في إيطاليا تمّ تسفيري مجدداً إلى روما، لكن بعد خمسة أشهر من مكوثي في مخيم اللاجئين بالسويد".

فادي وزينب ومثلهم جورجينا وحسن وكارولين الذين أصبحوا أصدقاء في مركز "آميشي" (أصدقاء) للاجئين بروما، حصلوا جميعا على إقامة لجوء سياسي لمدة خمس سنوات، ككل السوريين بقرار أوروبي، ويقدم لهم المركز الرعاية الصحية والقانونية والمأوى والمعيشة مجاناً.

وفي مقابل هذه التسهيلات لا يمكنهم السفر إلى بلد آخر إلا بعد انتهاء هذه المدة، وإلا سيكون ذلك مخالفا لقانون دبلن، ولا يمكنهم ترك المركز لأكثر من ثلاثة أيام وإلا سيطردون منه.

قوانين هجرة قاسية
يقول إيمانويلي كاروبّو مدير مركز آميشي الذي يستقبل اللاجئين المسفّرين من البلدان الأوروبية إلى إيطاليا، "إن اتفاقية دبلن تحدّ من آفاق وطموحات اللاجئين لأنهم في الغالب يتطلعون للوصول إلى أقاربهم في بلد أوروبي آخر أو في بلد يوفر فرص عمل أفضل".

ويضيف للجزيرة نت "صحيح أن المركز يقدم لهم كل التسهيلات، لكن المشكلة تبقى بالتأثير السلبي على وضعهم النفسي، ولهذا يعتبرون أشخاصا ضعفاء".

كريستوفر هاين: المنظمات غير الحكومية المعنية بالمهاجرين ضد اتفاقية دبلن(الجزيرة نت)
كريستوفر هاين: المنظمات غير الحكومية المعنية بالمهاجرين ضد اتفاقية دبلن(الجزيرة نت)

وفي حديث مع مدير المجلس الإيطالي للاجئين، يقول كريستوفر هاين إن "كل المنظمات غير الحكومية التي تُعنى بالمهاجرين ضد هذه الاتفاقية، لأنها غير إنسانية وتترك اللاجئ مُعلقا لسنوات دون أن يتضح مستقبله".

ويستغرب هاين في حديثه للجزيرة نت "بدلاً من تسهيل تحرك اللاجئ الحاصل على وثيقة الحماية الدولية، أي لجوء إنساني أو سياسي، للإقامة في البلد حيث يجد عملاً أو أحداً من أسرته، يكون الاهتمام الرئيسي في المعبر الذي دخل منه إلى أوروبا".

ويضيف هاين أن "السوريين يريدون أن يصلوا إلى السويد حيث توجد جالية سورية كبيرة هناك وفرص عمل أفضل"، مردفاً "حاولنا مع منظمات أوروبية تغيير هذه الاتفاقية، لكن اجتماع وزراء الداخلية الأوروبيين أغلق هذا الموضوع". ويتابع أنه كحل وسط "نعمل على خفض مدة حرية التحرك في البلدان الأوروبية من خمس سنوات لأنها مدة طويلة جداً ستعود بالضرر على اللاجئ".

وحسب وزارة الداخلية الإيطالية فقد بلغت أعداد اللاجئين السوريين في إيطاليا منذ العام الماضي 8407 لاجئين، وصل 5000 منهم تهريبا عن طريق البحر، والقسم الأكبر منهم وصلوا في شهر أغسطس/آب الماضي.

المصدر : الجزيرة