أهل ريف حمص.. بين زمهرير الشتاء ودخان النايلون
يزن شهداوي-ريف حمص
تزداد معاناة الشعب السوري بطول أمد العاصفة الثلجية وبردهاعلى المناطق السورية, فلا مازوت ولا كهرباء تقي أجسادهم وأجساد أطفالهم من البرد القارس الذي يتعايش معهم. وحتى إن انحسرت هذه العاصفة فإن الشتاء لا يزال يحمل في جعبته الكثير للسوريين في المدن والأرياف.
وشهد المئات من أهالي ريف حمص حالات مرضية قاسية بسبب البرد الشديد وانعدام وسائل التدفئة جراء الحصار المطبق عليهم منذ شهور من قوات النظام السوري. ومن خلال جولة للجزيرة نت في ريف حمص للوقوف على الحالة الصحية والطبية للمحاصرين والنازحين داخل أرياف حمص السورية كانت أكثر حالات المرضى من جراء البرد لدى الأطفال والمسنين، مع حالات قليلة لنساء وحالات أخرى لبعض الشبّان.
وقال الدكتور رائد دعبول -وهو مدير المشفى الميداني في البويضة الشرقية في ريف حمص- إن وسائل التدفئة منعدمة "بشكل كامل"، ويتم استخدام الحطب والكرتون وأحذية النايلون كوسيلة بديلة للمازوت والكهرباء في التدفئة، مما نتج عنه عدة حالات اختناق جراء استنشاق هواء فاسد من مدافئ الحطب والنايلونوالغازات السامة التي تصدرها.
ويضيف الدكتور دعبول -في تصريح للجزيرة نت- أن الغازات الناجمة عن مدافئ الحطب والنايلون تؤثر بشكل مباشر على الرئتين والجهاز التنفسي وخاصة عند الأطفال وقد تؤدي للاختناق، مشيرا إلى أنه غالبا ما يتم إسعافهم، باستثناء حالة واحدة سجّلت باختناق طفل من اللاجئين السوريين من ريف حمص في مخيمات عرسال شمالي لبنان جراء استنشاقه الغازات السامة من هذه المدافئ مما أدى إلى وفاته فورا.
ووضح دعبول أن ريف حمص قد شهد أربع حالات وفاة من جراء البرد، منهم رجل في الأربعين من عمره، وشاب صغير يبلغ من العمر ستة عشر عاما من الحولة، وطفلة في الرستن ابنة عامين اسمها "آمنة"، وطفل آخر في تلبيسة بريف حمص. وذلك لشدة قسوة البرد على أجساد السوريين وانعدام ما يقيهم البرد القارس وخاصة أثناء هطول الثلوج عليهم.
وذكر الدكتور أنه لم تسجل أية حالة بتر للأطراف جراء البرد في ريف حمص، ولكن غالبا ما كان المرضى يشتكون من وجع في المعدة والقولون ووجع شديد في المفاصيل "روماتيزم"، والإنفلونزا. مضيفا أن الكثيرين اشتكوا من وجع أليم في أماكن جروح سابقة، إذ إن البرد يتركز في المناطق الأضعف من الجسد كأماكن جروح العمليات وغيرها.
أما الدكتور وائل فيقول إن أسباب الوفيات في ريف حمص وفي مختلف المناطق السورية التي شهدت حالات من الوفيات جراء البرد، تعود بشكل كبير إلى غياب الكوادر الطبية المدربة على الإسعافات الأولية في مثل هذه الأجواء والظروف الباردة والقاسية.
الإسعافات الأولية
وأضاف الدكتور -في تصريح للجزيرة نت- أنه يجب تدريب عدد من المسعفين في جميع المناطق السورية على الإسعافات الأولية الأهم في مثل هذه الظروف، كتدفئة المريض بشكل كاف أولا، ثم إعطائه محاليل وريدية قد تهدئ نوبة البرد التي تصيب جسده.
وأضاف أحد الأطباء أيضا أن أفضل أسلوب لتدفئة الأهالي وخاصة المحاصرين كأهالي ريف حمص وريف دمشق هي المدفئة الكهربائية التي تعتمد على التيار الساخن مثل "الشوفاج"، ولكنها غالية الثمن، كما أن انقطاع التيار الكهربائي أحد أسباب عدم استخدامها من قبل الأهالي.
وأشار الطبيب إلى أنه لذلك يجب الاعتماد على الحطب وتوفير منفذ هوائي للمدفئة بحيث لا تتجمع الغازات الصادرة من الحطب كأول أكسيد الكربون والغازات الأخرى في الغرفة مما قد يؤثر سلبا على الأطفال بشكل خاص، ومحاولة الابتعاد قدر الإمكان عن استخدام النايلون في التدفئة لأن ضرره يعادل ثلاثة أضعاف ضرر الحطب.