أدوية قاتلة في أسواق العراق

وضع المستشفيات في مدينة الموصل

الأدوية الفاسدة لها مخاطر عديدة على المرضى (الجزيرة-أرشيف)

علاء الدين يوسف-بغداد

يتداول العراقيون معلومات تفيد بانتشار أدوية قاتلة في الأسواق، مما جعلهم غير قادرين على التمييز بين دواء يشفيهم وآخر يقتلهم، فكلاهما يباع في الصيدليات وعلى الأرصفة. وإذا وجدت العوائل الميسورة حلولا لهذه المعضلة، بابتياع الأدوية الأجنبية من صيدليات محددة، فإن الفقراء والقاطنين في القرى والأرياف النائية لا يستطيعون الوصول إلى تلك الصيدليات.

وتعود بداية المخاوف من الأدوية المغشوشة إلى عام 2003، بعد أن أطاحت إدارة الاحتلال الأميركي بالمؤسسات العراقية، بحيث اختفت الرقابة على الأدوية، لتبرز ظواهر الغش في الدواء والعملة والأغذية، وانتشرت ظاهرة ما أطلق عليه العراقيون (صيدليات الأرصفة)، إذ يجد المريض احتياجاته على الأرصفة ولا يجدها في الصيدليات.

والمشكلة أن الكثير من تلك الأدوية وجدت طريقها إلى باعة الأرصفة بدلاً من الصيدليات، بسبب الفساد الإداري الذي وصل وزارة الصحة العراقية، مما جعل المريض لا يفرق بين دواء صالح للاستعمال تم تهريبه من مخازن وزارة الصحة، وأدوية فاسدة وقاتلة لا أحد يعرف مصدرها.

المفتش العام لوزارة الصحة الدكتور عادل محسن يعلن اعتقال ثلاث عصابات (الجزيرة نت)
المفتش العام لوزارة الصحة الدكتور عادل محسن يعلن اعتقال ثلاث عصابات (الجزيرة نت)

عصابات
وكشفت وزارة الصحة عن وجود أدوية وعقاقير فاسدة يتم تصنيعها في المنازل ببغداد، ولم يستبعد المفتش العام في الوزارة عادل محسن في تصريح للجزيرة نت وجود عصابات أخرى تقوم بتصنيع الأدوية في مناطق أخرى من العراق، مشيرا إلى عثورهم على ثلاث عصابات في بغداد تقوم بتصنيع الأدوية وتبيعها للمرضى بأسعار رخيصة. 

ويؤكد أن ما تمت مصادرته ليس بأدوية على الإطلاق وإنما هيَ سموم تضر بالمستهلك وتتسبب بموته. ويشير إلى أن الأدوية الفاسدة وضعت في حاويات كبيرة.

وأضاف المسؤول بوزارة الصحة العراقية أن المشكلة تكمن في صعوبة تعرف المريض على حقيقة هذه البضاعة القاتلة، بسبب قيام هذه العصابات باستيراد علب أدوية من الخارج لتغليف أدويتها المغشوشة، وهو ما يجعل المريض يعتقد أنها أدوية أجنبية.

وكشف نفس المسؤول عن وجود مختلف أنواع الأدوية الفاسدة والمنتهية الصلاحية تباع في الصيدليات وعلى أرصفة الشوارع.

وأكد المسؤول في وزارة الصحة العراقية عدم وجود إحصائيات دقيقة عن عدد المرضى الذين توفوا أو تعرضوا لمضاعفات خطيرة نتيجة استخدام هذه الأدوية المغشوشة، وقال إنه تمت إحالة القائمين على صناعتها إلى القضاء.

ويذكر أن وزارة الصحة أعلنت أن نسبة الفساد الإداري والمالي وصلت إلى 30% خلال النصف الأول من عام 2011. كما أعلنت عن إلقاء القبض على 17 طبيباً مزيفا خلال السنوات الثماني الماضية وقررت إغلاق جميع الصيدليات التي لا يديرها صيادلة مختصون.

وبدورها، قالت النائبة في البرلمان العراقي وعضو لجنة الصحة والبيئة آمنة القاضي للجزيرة نت، إنهم شكلوا منذ شهرين لجنة في البرلمان لمتابعة موضوع استيراد الأدوية وضرورة إخضاعها للفحص في دوائر السيطرة النوعية، لكنها أوضحت أن العمل بهذه الإجراءات لم يتم لحد الآن رغم خطورة هذه السموم على عموم المواطنين.

 الدكتور عمر الكبيسي: هناك مخاطر عديدة للأدوية الفاسدة (الجزيرة نت) 
 الدكتور عمر الكبيسي: هناك مخاطر عديدة للأدوية الفاسدة (الجزيرة نت) 

اتهام
واعترفت القاضي بوجود شركات خاصة تقوم باستيراد أدوية منتهية الصلاحية وتدخلها بصورة غير مشروعة من خلال عمليات التهريب أو بصورة رسمية مستغلةً الفساد المالي والإداري في المنافذ الحدودية، وتشير إلى أن ظاهرة وجود الأدوية الفاسدة منتشرة في محافظات البصرة وبغداد وديالى أكثر من باقي المحافظات.

وعن مخاطر الأدوية الفاسدة على حياة المرضى، قال اختصاصي الأمراض القلبية، الدكتور عمر الكبيسي للجزيرة نت إن هناك مخاطر عديدة لهذه الأدوية الفاسدة، أهمها أن المرض يتفاقم خاصة لدى المصابين بالأمراض المزمنة وقد يصل إلى حالة لا ينفع العلاج معها، مثل مرضى السكري الذين يتعرضون إلى مضاعفات قد تؤدي إلى بتر أعضاء من أجسامهم.

ويتهم الكبيسي الشركات والتجار الذين يستوردون هذه الأدوية، وكذلك الحكومة بشروعهم في قتل متعمد لآلاف المرضى، الذين قال إنهم يحصلون على هذه الأدوية القاتلة ولا يعرفون شيئا عن محتوياتها السامة.

المصدر : الجزيرة