قانون الاستثمار الجديد في مصر للكبار فقط

الوكلاء المحليون للشركات الكبرى يستفيدون بمزايا القانون . (تصوير خاص لعدد من السيارات من الماركات العالمية المجمعة بمصنع للسيارات بالمنطقة الصناعية باكتوبر غرب القاهرة ـ مصر ـ مايو 2017) .
الوكلاء المحليون للشركات الكبرى سيستفيدون من مزايا القانون الجديد (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

لقي قانون الاستثمار الجديد الذي أقره مجلس النواب المصري هذا الأسبوع ترحيبا من مستثمرين محليين، لكنه يواجه في الوقت نفسه تحفظات وانتقادات.

ومن بين المرحبين مجلس إدارة شعبة الأدوات المنزلية بغرفة تجارة القاهرة، الذي قال في بيان إن "صدور هذا القانون خطوة جيدة جدا لمناخ الاستثمار".

من جانب آخر، انتقد محللون اقتصاديون انحياز القانون لرجال الأعمال الذين يمثلون نحو 15% من أعضاء البرلمان.

وقد شهدت لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان جدلا حادا وملاسنات بين أعضاء اللجنة ووزراء المجموعة الاقتصادية أثناء مناقشة بنود القانون.

مزايا وخطايا
ورأى الخبير الاقتصادي عادل عامر في القانون عددا من الإيجابيات، حيث انطوى على "كافة المزايا الموجودة في قوانين الاستثمار الأخرى، مع توحيد الجهة التي يتم من خلالها استخراج تراخيص المنشآت بسرعة، وجاء بعد مناقشات مع مستثمرين كبار وليلبي طموحاتهم".

عامر: من المهم ضمان خروج آمن للمستثمر من السوق
عامر: من المهم ضمان خروج آمن للمستثمر من السوق

لكن عامر يقول إن هذا لا يكفي، ويعيب على القانون "إعادة المناطق الحرة مرة أخرى، وكانت منفذا للتهريب لعدم قدرة الدولة على السيطرة على هذه المناطق، كما أن اللائحة التنفيذية لم تتضمن إجراءات مشددة ضد التهريب، لذلك سوف تعود المناطق الحرة منافذ للتهريب للاستفادة من الامتيازات".

وكانت مصر قد أوقفت إنشاء مناطق حرة جديدة في تعديلات قانون الاستثمار التي جرت عام 2015. وهي مناطق معفاة من الجمارك والضرائب.

ويأمل عامر في حديثه للجزيرة نت أن تتيح تعديلات القانون ضمانات لخروج آمن للمستثمرين كما يسهل دخولهم، "فمن يتعرض للإفلاس سيجد نفسه أمام مشكلة تصفية مشروعه، فالمستثمر الأجنبي لن يستثمر بمصر إلا إذا وجد البيئة آمنة دخولا وخروجا".

من ناحية أخرى، يؤكد رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي أن "القانون الجديد كله إيجابيات، ولكن لصالح المستثمرين الأجانب وشركائهم المصريين، ليمكن هؤلاء من نهب مصر" على حد تعبيره.

وتابع الشهابي بحديثه للجزيرة نت قائلا إن "القانون لن يفيد الاقتصاد المصري بشيء، ولن يساهم في حل مشكلة البطالة".

ويوضح أنه فضلا عن منح القانون إعفاءات متعددة للمستثمرين "في سابقة لم يشهدها قانون استثمار في أي دولة من دول العالم، فإنه يحمل الخزانة العامة أعباء مالية ضخمة متمثلة في تحمل نصف قيمة الطاقة اللازمة للمشروع التي تستوردها بالدولار، وكذلك يحملها حصة صاحب العمل التي يسددها للتأمينات وهو أيضا مبلغ كبير".

وزارة الاستثمار تؤكد وجود توافق حكومي حول القانون الجديد
وزارة الاستثمار تؤكد وجود توافق حكومي حول القانون الجديد

وأضاف الشهابي أن "القانون يستنسخ المناطق الحرة بحوافزها المدمرة للخزانة العامة التي تجعل أرباحها صافية لهم دون تحميلهم أية ضرائب، ليصبح فقراء المصريين داعمين لأغنيائها ومستثمريها، كما لم يعالج القانون قضية اقتراض المستثمرين الأجانب من البنوك المحلية لتمويل مشروعاتهم".

بدائل
وقال الشهابي "كان على الحكومة أن تهتم بإعادة تشغيل نحو 4500 مصنع خاص مغلق، وأن تطور شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام التي تحتاج فقط إلى تحديث وإدارة وطنية ذات رؤية ورغبة، وأن تكافح التهرب الضريبي الذي يتعدى أربعمئة مليار جنيه (حوالي 22 مليار دولار) سنويا".

ويرى حمدي الجمل الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي في صحيفة الأهرام أن القانون يوفر "جنات وملاذات ضريبية للهاربين برؤوس الأموال، ولن يمنح أي فوائد لمصر، ويمتع المستثمرين بخصم من الضريبة يبلغ 70%، ويتيح للمستثمر استرداد رأسماله في خمس سنوات، كما يعيد المناطق الحرة سيئة السمعة".

وقال الجمل إن القانون سيجعل مصر نهبا للمستثمرين الأجانب، مؤكدا أن "القوانين وحدها لن تجتذب استثمارات، فالمطلوب هو تغيير المناخ الاقتصادي كله، عبر محاربة الاحتكار وخفض معدلات التضخم وغيرها، كما أنه من الضروري إيجاد قوانين للصناعات الصغيرة والمتوسطة لا للكبار فقط".

وقد قالت وزيرة الاستثمار سحر نصر في تصريحات صحفية إن "الأهم من القانون هو تنفيذه، لذلك تعمل الوزارة على اتخاذ كافة الإجراءات لتفعيله، بعد خروجه في أفضل صورة، عقب نقاش جيد بين أعضاء اللجنة الاقتصادية بالمجلس والحكومة، حيث أدخلت اللجنة إضافات مهمة عليه، لا سيما في محاور الحوكمة والشفافية وحوافز الاستثمار"، مؤكدة وجود توافق حكومي حوله.

المصدر : الجزيرة