إفلاس "سعودي أوجيه" يلاحق الحريري بباريس

علامة شركة سعد الحريري _سعودي أوجيه_ التي أعلنت إفلاسها صيف العام الماضي
شعار "سعودي أوجيه" التي أعلنت إفلاسها صيف العام الماضي (الجزيرة)
هشام أبو مريم-باريس

يبدو أن الأزمات التي تلاحق رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ليست سياسية فقط بل باتت قضائية ومالية أيضا، إثر دعوى قضائية في باريس ضد شركته "سعودي أوجيه" التي أعلنت إفلاسها في يوليو/تموز من العام الماضي.

واستغل أكثر من مئتي موظف فرنسي سابق في شركة الحريري زيارته لباريس الأسبوع الماضي، للضغط عليه من أجل الحصول على مستحقات مالية على شكل متأخرات أجور وتعويضات عن الضرر الذي لحقهم، تقدر قيمتها بنحو عشرين مليون يورو (21 مليون دولار).

وكانت "سعودي أوجيه" تشغل نحو أربعين ألف عامل من ثلاثين جنسية، وتستحوذ على كبرى المشاريع العقارية في المملكة السعودية، إلى جانب شركة بن لادن.

ومع نهاية عام 2014، بدأت المشاكل المالية للشركة تظهر مع عجزها دفع رواتب العمال بسبب انهيار سوق النفط العالمية، واضطرار الحكومة السعودية لوقف مشاريع البناء الضخمة.

‪أحد الفنادق الفخمة بالرياض التي شيدتها
‪أحد الفنادق الفخمة بالرياض التي شيدتها "سعودي أوجيه"‬ أحد الفنادق الفخمة بالرياض التي شيدتها "سعودي أوجيه" (الجزيرة)

ونهاية عام 2015، رفع نحو 31 ألف عامل وموظف شكوى ضد الشركة، بعد تأخر صرف رواتبهم لعدة أشهر بينهم المئات من الفرنسيين.

وتدخلت السفارة الفرنسية لدى الرياض، وقامت بمساعدة رعاياها على العودة إلى بلادهم في انتظار حصولهم على مستحقاتهم المالية.

مشاريع عملاقة
وفي تصريح باسم مستعار للجزيرة نت، يقول أنتوان -الذي عمل مهندسا لدى "سعودي أوجيه" لمدة سبع سنوات- إنه اشتغل في مشاريع عملاقة مثل محطة القطار في جدة، وجامعة الأميرة نورة للفتيات.

كما اشتغل في مشروع سكني ضخم يتضمن ستة آلاف "فيلا" مخصصة لموظفي الحرس الوطني السعودي، إضافة إلى فندق ريتز كارلتون الذي يحتجز حاليا فيها النظام السعودي عددا من الأمراء بتهمة الفساد.

‪ماكرون لدى استقباله الحريري بقصر الإليزيه السبت الماضي‬ ماكرون لدى استقباله الحريري بقصر الإليزيه السبت الماضي (وكالات)
‪ماكرون لدى استقباله الحريري بقصر الإليزيه السبت الماضي‬ ماكرون لدى استقباله الحريري بقصر الإليزيه السبت الماضي (وكالات)

وأوضح المهندس الفرنسي أنه يطالب بنحو مئة ألف يورو تعويضات مالية لنحو 15 شهرا من العمل والتي لم يحصل فيها على مرتبه، مؤكدا أنه اضطر للاستدانة من أحد أقربائه من أجل دفع الرسوم المدرسية لأبنائه لإكمال عامهم الدراسي.

لا إنسانية
مهندس ثان -رفض بدوره الكشف عن هويته- كشف للجزيرة نت أن الموظفين الفرنسيين كانوا أفضل حالا، مقارنة بباقي الجنسيات الأخرى، بسبب تدخل سفارة بلادهم في الرياض لدى السلطات السعودية من أجل السماح لهم بالحصول على قروض من البنوك في انتظار تسوية وضعيتهم، والعودة دون عوائق إلى فرنسا.

واعتبر المهندس الفرنسي أن عددا من زملائه من الجنسيات الأخرى مثل الباكستانيين والفلبينيين والهنود عوملوا معاملة غير إنسانية، وأن بعضهم لم يكن يتوفر على قوت يومه لأنهم لم يحصلوا على مرتباتهم لأكثر من عام، كما رفضت البنوك المحلية إقراضهم، بل وتم ترحيل الآلاف منهم من دون الحصول على أي تعويضات مالية.

هذه المعلومات أكدها للجزيرة نت أشرف، وهو عامل مغربي ما يزال مقيما في السعودية، يشتغل في شركة أخرى بعد تسريحه من طرف "سعودي أوجيه" ولم يحصل بدوره بعد على مستحقاته المالية. 

وأكد أشرف أن الأوروبيين عوملوا معاملة أفضل من طرف الشركة، فبعضهم حصل على مستحقاته بسبب تدخل سفارات بلادهم، أما الأجانب من دول عربية أخرى أو العمال الآسيويون، فبعضهم قضى أكثر من عشرين سنة في الشركة وتم تسريحه وترحيله لبلاده من دون أية تعويضات.

وكان محامو العمال الفرنسيين السابقين في شركة "سعودي أوجيه" استغلوا استقبال فرنسا لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الأسبوع الماضي، من أجل الضغط عليه إعلاميا وسياسيا لحل ملفهم.

استهجان
وفي تصريح للجزيرة نت، استهجن جان لوك تيسو أحد محامي الموظفين الفرنسيين ما أسماه الاستقبال الحافل الذي حظي به الحريري في باريس من طرف مانويل ماكرون، في الوقت الذي لم يلتزم فيه بوعوده بتسوية هذا الملف.

‪تيسو أوضح أن على ذمة شركة الحريري ما مجموعه 15 مليون يورو‬ تيسو أوضح أن على ذمة شركة الحريري ما مجموعه 15 مليون يورو (الجزيرة)
‪تيسو أوضح أن على ذمة شركة الحريري ما مجموعه 15 مليون يورو‬ تيسو أوضح أن على ذمة شركة الحريري ما مجموعه 15 مليون يورو (الجزيرة)

وأوضح المحامي أن على ذمة شركة الحريري ما مجموعه 15 مليون يورو (16 مليون دولار) متأخرات أجور للعمال الفرنسيين وخمسة ملايين يورو (ستة ملايين دولار) تعويضات لصندوق التقاعد وصندوق العمال للفرنسيين بالخارج.

وأعرب تيسو عن تفاؤله بعدما تواصل قصر الإليزيه معه لعقد اجتماع الأيام المقبلة بهدف التنسيق والتواصل مع الحريري لحل هذا الملف بشكل نهائي.

المصدر : الجزيرة