هل يعجز لبنان عن دفع رواتب الموظفين؟

لبنان - تظاهرة لموظفين بشأن الرواتب
الموظفون اللبنانيون ضاقوا ذرعا بربط مصالحهم بالتجاذبات السياسية (الجزيرة نت)

حسن الحاف-بيروت

يسود القلق وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية إثر تفشّي نبأ أن الاعتمادات المرصودة للوزارة ستنتهي نهاية الشهر الحالي، ممّا قد يعني عدم "سداد رواتب الموظفين".

ويخشى هؤلاء الموظفون من مصير إحدى الهيئات التابعة لوزارة الاتصالات حيث لم تسدد رواتب العاملين بها منذ يوليو/تموز الماضي.

وقد دخلت رواتب أكثر من 250 ألف موظف في إدارات ومؤسسات الدولة اللبنانية دائرة عدم اليقين، بعد تصريح وزير المالية علي حسن خليل لصحيفة السفير بأن "قضية دفع رواتب موظفي القطاع العام بدأت تشكل عنصر ضغط على الوزارة"، مشيراً إلى أن المشكلة ستتفاقم في نهاية سبتمبر/أيلول المقبل.

ولم تتمكن الجزيرة نت من التواصل مع الوزير خليل بسبب وجوده خارج البلاد، لكن تصريحه أثار مخاوف من انعكاس هذه المشكلة على معنويات ضباط وعناصر الجيش اللبناني الذي يضطلع بدور أمني حسّاس.

وكانت وزارة المالية أعدت مشروع قانون أرسل إلى مجلس النواب في مارس/آذارالماضي لسداد فرق الرواتب عن آخر موازنة أقرت في المجلس والتي كانت في عام 2005.

مصدر برلماني: الآلية المعتمدة اليوم في المجلس ترهن مصالح الناس للصراعات والتجاذبات داخل الحكومة

حجم الإنفاق
ويتكرّر هذا الأمر منذ سنوات بفعل الخلاف في مجلس النواب على إقرار موازنات السنوات العشر التالية لموازنة العام 2005، والتي يزيد حجم الإنفاق فيها عمّا كان عليه آنذاك.

وبلغ حجم النفقات في موازنة العام 2015 حوالي 15.5 مليار دولار، بينما  الإنفاق في موازنة عام 2005 لم يتجاوز 6.6 مليارات دولار.

ويقول مصدر برلماني مطلع للجزيرة نت "إن كل الحلول المطروحة اليوم على مستوى كيفية سداد رواتب موظفي القطاع العام ارتجالية وغير قانونية".

وأشار إلى أن وزير المال أحرج نفسه عندما قرّر الخضوع لآلية عمل مجلس الوزراء التي تقتضي موافقة كل الوزراء على المراسيم.

ويضيف المصدر أن "مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب من أجل تغطية فرق الرواتب يحتاج إلى موافقة أكثرية مجلس الوزراء (النصف + 1). لكن الآلية المعتمدة اليوم في مجلس الوزراء اللبناني ترهن مصالح الناس للصراعات والتجاذبات السياسية، حسب روايته.

ويوضح المصدر أن المشرّع لم يتخيّل أن تصل البلاد إلى مرحلة يسود فيها الفراغ في سدة الرئاسة، وتتعطل الحكومة ويقفل مجلس النواب، لذا لم يضع حلولاً في الدستور لمشاكل من هذا القبيل.

‪حيدر: الموظفون لن يقفوا مكتوفي الأيدي حال حرمانهم من رواتبهم‬ (الجزيرة نت)
‪حيدر: الموظفون لن يقفوا مكتوفي الأيدي حال حرمانهم من رواتبهم‬ (الجزيرة نت)

النفقات الإضافية
وفي حال عدم انعقاد التوافق على مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، يشدّد المصدر على أن "الضرورات تبيح المحظورات، وبالتالي سيكون على وزير المالية إصدار مرسوم بنقل اعتماد من احتياطي الموازنة لتغطية النفقات الإضافية".

وفي ظل عدم وجود رئيس يتطلب تمرير المرسوم توقيع كل من وزير المال ورئيس الحكومة، وموافقة (النصف + 1) من أعضاء مجلس الوزراء.

من جهته، يقول رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر للجزيرة نت إن موضوع الرواتب حسّاس جداً، "فموظفو القطاع العام يشكلون المدماك الأخير في بناء الدولة وإعلان الأخيرة توقفها عن سداد الرواتب -في حال حصل- سيعني إفلاسها بشكل نهائي".

ويستبعد حيدر الوصول إلى هذه المرحلة، لكون الأمر لن يصب في مصلحة أيّ من القوى السياسية الممثلة في مجلسي الوزراء والنوّاب.

لكنه يحذّر من أن موظفي القطاع العام لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال حرمانهم من رواتبهم. ويختم بالمطالبة بحل مشكلة الرواتب، بصرف النظر عن الصيغة القانونية التي ستعتمد.

المصدر : الجزيرة