دعوات لإعلان حالة طوارئ اقتصادية بلبنان

الحكومة اللبنانية احتضنت منتدى الاقتصاد العربي في بيروت لدفع عجلة الاقتصاد
undefined

جهاد أبو العيس-بيروت

لا تزال القطاعات الاقتصادية المتعددة في لبنان تدفع فواتير الكلفة العالية لانعكاسات وارتدادات الأزمة السورية، حيث تشهد مختلف القطاعات الاقتصادية حالة تراجع كبيرة دفعت بمختصين ومحللين لمطالبة الحكومة بإعلان "حالة طوارئ اقتصادية".

ودفعت حالة التراجع في مجمل القطاعات الاقتصادية رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة محمد شقير لوصف الأوضاع بأنها "على شفير الهاوية"، داعيا الحكومة لإعلان حالة الطوارئ الاقتصادية في البلاد.

ووصف شقير في بيان صحفي الحالة الاقتصادية في لبنان بأنها تمر "بأسوأ أزمانها"، كاشفا عن بدء وقوع إفلاسات بدأت تدق أبواب مؤسسات في القطاع الخاص بسبب تداعيات الأزمة السورية.

الأكثر تأثرا
ويعتبر الاقتصاد اللبناني من أكثر اقتصادات الدول المجاورة لسوريا تأثرا بالثورة القائمة، وسط شح كبير بالموارد تعانيه البلاد وارتفاع مطرد في حجم الدين الخارجي البالغ حتى منتصف العام الجاري أكثر من 55 مليار دولار.

وبحسب أرقام رسمية وأخرى صادرة عن نشرات متخصصة تصدرها مصارف محلية، فقد شهدت -وما تزال- قطاعات السياحة والتجارة والصناعة والعقار والاستثمار الأجنبي تراجعا مطردا خلال النصف الأول من العام الجاري.

وسجل القطاع السياحي نسبة تراجع بلغت 8% في النصف الأول من عام 2012، مع توقعات بانخفاض أكبر خلال النصف الثاني من العام بعد الإجراءات التي اتخذت من قبل بعض الدول العربية.

وذكر وزير السياحة فادي عبود أن لبنان خسر ثلث عدد السياح الذين كانوا يستعملون الطرق البرية للوصول إلى لبنان بسبب الأحداث في سوريا، فيما عجزت الوزارة عن تأمين البديل عبر المواصلات الجوية أو البحرية مما أدى لتراجع الإنفاق السياحي إلى حوالي الملياري دولار.

الاستثمار الأجنبي
أما على صعيد الاستثمار الأجنبي فتشير الأرقام المصرفية إلى تراجعه خلال السنوات الأخيرة من حوالي 4.95 مليارات دولار عام 2010 إلى 3.9 مليارات عام 2011، فيما يتوقع أن يكون أقل من ثلاثة مليارات في العام الحالي.

وسجل القطاع التجاري تراجعا بدوره في المبيعات وصل حدود 20% في النصف الأول من العام الحالي، فيما المؤشرات تتحدث عن صعوبات سيواجهها هذا القطاع في النصف الثاني بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية وتراجع الحركة السياحية.

وفيما يخص قيمة الصادرات الصناعية خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2012 ووفقا لبيانات وزارة الصناعة، فقد بلغت مليارا و744 مليون دولار، مقابل مليار و927 مليون دولار خلال الفترة عينها من العام الماضي بنسبة انخفاض بلغت 5.9%.

تدهور الحالة الأمنية بسبب الأزمة السورية ساهم إلى حد كبير في ضرب الحياة الاقتصادية (الجزيرة)
تدهور الحالة الأمنية بسبب الأزمة السورية ساهم إلى حد كبير في ضرب الحياة الاقتصادية (الجزيرة)

من جهته أرجع المحلل الاقتصادي حسن مقلد حالة التراجع في الاقتصاد اللبناني إلى "بنية وأساس الأرضية التي قام عليها"، والتي قال بأنها في أساساتها "هشة ومأزومة"، إلى جانب تداعيات الأزمة السورية الكبيرة على لبنان.

العقوبات الأميركية
وقال مقلد للجزيرة نت إن الأزمة السورية شلت العديد من قطاعات السلع التصديرية بسبب الحالة الأمنية، والتي كانت تعتمد بصورة وحيدة على الطرق البرية للتصدير لكل من العراق ودول الخليج بصورة أساسية عبر سوريا.

ولفت إلى حجم الآثار السلبية الكبيرة التي أضرت بلبنان جراء العقوبات الأميركية والأوروبية على المصارف السورية والتي أوقفت انسياب الأموال إلى المصارف اللبنانية، مما انعكس سلبا على الوضع الاقتصادي الداخلي.

وكشف عن أن هذه هي المرة الأولى التي لا يستفيد فيها الاقتصاد اللبناني من أزمات المنطقة، كما حصل في حوادث سابقة وقعت في المنطقة والعالم منذ الخمسينيات وحتى وقتنا الحاضر، حيث كانت الأموال تتدفق للمصارف اللبنانية مما يدفع لإحداث الانتعاش.

وأشار إلى أن الاقتصاد اللبناني هو الوحيد عالميا الذي تفوق فيه الودائع المصرفية حجم الناتج المحلي للدولة، مشيرا إلى أن الودائع لدى البنوك تبلغ 132 مليار دولار، فيما الناتج المحلي لا يتجاوز الأربعين مليارا فقط.

ويتوقع خبراء اقتصاد أن لا تتعدى نسبة النمو في الناتج المحلي الحقيقي 2.5% خلال عام 2012، مع احتمال تراجع نسبة النمو الاقتصادي إجمالا والذي يعتمد بصورة رئيسية على قطاع الخدمات، بسبب تفاقم الأوضاع السياسية المحلية والإقليمية.

يشار بهذا الصدد إلى أن الحكومة اللبنانية صادقت مؤخرا على مشروع قانون موازنة عام 2012، دون إدخال أي شكل من أشكال الضرائب، مما يعني بحسب العديد من المحللين المزيد من العجز في الموازنة العامة للدولة.

المصدر : الجزيرة